أشرف توفيق: شريف مدكور.. القدوة

لم أتعجب وأنا أرى مطالبة البعض ليلا بضربة عسكرية للانتقام من «داعش»، واحتجاجهم نهارا بعد أن تمت الضربة، فيبدو أننا صرنا محترفى لَطْم وهَرْى وفَتْى، وغرقنا بالفعل فى بحر السياسة دون أن نحدد ما نريد ومن نواجه. ولا أدرى لماذا قفزت إلى ذهنى فجأة أمام هذه الهرجلة الفكرية صورة شريف مدكور!

إذا أردت مثالا واضحا على الاتساق مع الذات، وتطبيق القناعات على أرض الواقع، وحرية الرأى والجهر به دون خوف، فلن تجد مثالا أوضح من شريف مدكور حتى إن كنت لا تحب أو لا تهتم -مثلى- بما يقدمه.

يسخر كثيرون منه ومن حديثه فيعلن ذلك فى حلقاته بكل أريحية، مؤكدا أن كل إنسان حر فى ما يرى.. يسخر منه باسم يوسف فى إحدى حلقاته فيضرب مثلا محترما فى تقبل النقد ويهاجم من يهاجم باسم يوسف من أجله، رغم أن باسم يوسف نفسه لم يكن يرحم بسخريته من ينتقده فى برنامجه.. تأتى إليه الرسائل على الهواء مباشرة مليئة بالاستظراف من مدعى الرجولة والفهم مثل أحدهم الذى قال له: ندمان إنى باتفرج عليك ، فيجيبه بكل لطف: ليه تندم على حاجة ف حياتك ممكن تغيرها؟.. غيّر المحطة فورا .

لم يغير قناعاته السياسية على حسب الموجة كما يفعل البعض، ولم يغير ستايل ملابسه من أجل عيون المتهكمين، بل ارتدى ما يراه مناسبا لشخصيته، يطيل لحيته إذا أراد دون أن يهتم بصورة الإعلامى الكيوت، يرقص ويغنى ويفرح فى الاستوديو كطفل صغير دون أن تزعجه ضحكات الساخرين الذين لا يملكون ذرة من إيمانه بنفسه واتساقه مع ذاته.

لا أعرفه ولا أشاهده حتى أجامله، ولكنّ قليلين هم من يملكون هذا السلام النفسى فى هذا الكوكب العبيط.. منهم شريف مدكور.

نقلا عن “التحرير”

عكاشة: داعش دبحت الحلاقيين في العراق