أحمد فرغلي رضوان يكتب : ياباني أصلي..وسينما بالمصري

ذهبت وأنا مهيئا نفسيا لمشاهدة فيلم كوميدي به كم من المواقف والإفيهات لأحد فناني السينما الكوميدية أحمد عيد، ولكن فوجئت بعمل رغم بساطته “الفنية” إلا إنه يتناول موضوعات إجتماعية هامة للغاية تؤرق جميع الحكومات المتعاقبة على مصر دون حلها، من الممكن إعتبار إن ملف التعليم ومستواه المتردي هو الموضوع الرئيسي للفيلم ومنه ذهب صناعه لملفات أخرى عن الحياة الإجتماعية في مصر كالعشوائيات والصحة والثقافة، وهي كم المشاكل التي “يغوص” فيها المجتمع المصري منذ سنوات طويلة وباتت تهدد مستقبل الأجيال القادمة!

الكوميديا التي قدمها العمل من خلال فكرة درامية “جيدة” للمؤلف لؤي السيد وهي ماذا سيحدث لو جاء طفلان من أعلى درجات سلم التقدم والرقي في العالم “اليابان” إلى دولة من دول العالم الثالث “مصر” في محاولة للتأقلم والحياة بها!؟ وبالطبع هي مقارنة قاسية للغاية وغير منصفة ورغم “الكوميديا ” التي تنشأ من هذا الموقف في المدرسة وفِي الحياة العامة إلا إنها بالطبع تسبب “الما” نفسيا للمشاهد عن وضعنا المأساوي، ورغم هذه المقارنة الظالمة بين المجتمعين إلا أن صناع العمل حاولوا “تجميل” صورة الواقع بصورة سينمائية “حالمة” مثلا نموذج لطفل لا يقل ذكاءه عن أطفال اليابان ولكنه لا يجد رعاية إجتماعية جيدة لتأهيله علميا مثلهم! أو أن الحارة الشعبية وسكانها غيروا من مظاهر وصفات حياتهم اليومية “تعاطفا” مع جارهم وابناءه من اليابان! وهي صورة “حالمة” للواقع الذي لا يقبل التغيير بهذه السهولة، كذلك مشكلة التعليم ربما يكون فيها “الطالب” هو أضعف حلقاتها فالمشكلة في الأساس للتعليم في مصر تتعدى ذلك لأعلى المنظومة التعليمية من إدارة لمناهج تعليم لمستوى مدرسين، هي مشكلات أكبر بكثير من الطلاب وأولياء أمورهم.

كان من الأفضل الإقتراب من مشكلات التعليم والصحة أكثر ولكن الفيلم الذي أخرجه محمود كريم في أولى تجاربه فضل المرور سريعا في مشاهد متعددة على كم لا بأس به من المشكلات للمجتمع المصري دون الأقتراب فمر سريعا على مشكلة “أطفال الشوارع” وكذلك على تغير المزاج الثقافي للمجتمع، وهنا جاءت الأغنية الشعبية “مزعجة” ولَم تضيف للعمل ولكنها فيما يبدو أصبحت عادة إنتاجية قليلا ما تكون “ضرورة” فنية ودرامية! كذلك كانت الأحداث في العمل “بطيئة” ومتوقعة في أغلبها ولكنها عادة الأفلام “الكوميدية” بشكل عام فأنت تشاهد العمل ولا تنتظر سوى “أفيهات وضحك”.

الفيلم عودة جيدة للفنان أحمد عيد بعد فترة من الإبتعاد يقول انه لا يعرف “سببها” !؟ ودون الدخول في تفاصيل “سابقة” أعتقد أنه لا يمكن ان تُمارس سياسة “الإقصاء” الفني بسبب أفكار أو أراء ما وهو أمر لا يوجد في أي مكان في العالم! في هوليوود يعمل الجميع مختلفي الفكر والعقيدة والإنتماء لأبعد مدى!فحرية الفكر والتعبير مكفولة للجميع في إطارها الذي لا يتجاوز حدود المجتمع والقانون ومن الأفضل وجود أصوات فكرية وثقافية متعددة داخل المجتمع دون تغليب سياسة الصوت الأوحد!

ندا موسى ممثلة جيدة شاهدتها في مسلسل “طريقي” ولديها موهبة يمكن تطويرها بشكل أفضل كممثلة، وأدت الشخصية بشكل “جيد” كذلك نجح الثنائي ايمان السيد ومحمد ثروت في زيادة مساحة الكوميدية بالفيلم بشكل لافت مع أحمد عيد، أخيرا يحسب للفيلم أنه قدم كوميديا راقية وغير”مسفة” تصلح لجمهور العائلات ليشاهدوها.

‏‫