حسين عثمان يكتب: حملة تحدي

في حواره مع الإعلامي خالد صلاح، على قناة النهار وان، وبرؤية الجراح، شخص الأستاذ الدكتور فتحي خضير عميد كلية طب قصر العيني، ورئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة القاهرة، حال الصحة في مصر، مؤكداً أنه طالما ظلت ثلاثية تقديم الخدمة، وتمويلها، والرقابة عليها، مقبوضة جميعها في يد واحدة، أياً كانت هذه الجهة، وهي حالياً وزارة الصحة، ستبقى أوضاع الصحة المصرية متردية على ما هي عليه، ومن هنا، فإن مفتاح تطوير منظومة الصحة المصرية، وتسوية أوضاعها، هو في فصل هذه الأنشطة الثلاثة عن بعضها البعض، وبحيث تتبع جميعها الحكومة، ولكن ممثلة في ثلاث جهات منفصلة، وليكن دور وزارة الصحة الأساسي، والوحيد، هو الرقابة على تقديم الخدمة ضماناً لسلامتها أولاً، ورفع مستواها قياساً على المعايير الدولية ثانياً.

وأضاف استكمالاً لخطة العلاج، أهمية أن نعمل على إعادة هيكلة منظومة الرعاية الصحية في مصر، بحيث تسير في اتجاه التخصص، وهو السائد على مستوى العالم حالياً، وبحيث تغطي الخدمة كافة أنحاء الجمهورية، من خلال مستشفيات متخصصة في الطواريء والحوادث، وأخرى في القلب والصدر، وثالثة في المخ والأعصاب، ورابعة في النساء والتوليد، وخامسة في الأورام، وسادسة في الأطفال، وهكذا، وذلك بديلاً عن نظام التصنيفات التنظيمية أو التبعية، من نوعية مستشفيات تعليمية، أو تكاملية، أو تابعة للمؤسسة العلاجية، أو تابعة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة، أو وحدات صحية، وخلافه، ولم ينس الرجل هنا، التأكيد على ضرورة منح حالات الطواريء والحوادث، الأولوية المطلقة، في مشروع التأمين الصحي الجديد، وهو السائد أيضاً عالمياً، حيث تمثل تلك الحالات أكثر من 50% من الأزمات الصحية للمواطنين.

هذه الرؤية لأحوال الصحة في مصر، هي منهج د. فتحي خضير الذي يسير عليه للعام الثالث حالياً، في موقع العميد لكلية طب قصر العيني، حيث يحاول جاهداً، إعادة هيكلة مستشفيات قصر العيني، والذي يبلغ من العمر ما يزيد على 185 عاماً، ويقدم الخدمة لما يقرب من 400 ألف مريض سنوياً، من خلال 5200 سرير، 75% منها خدمات مجانية، والباقي بأسعار اقتصادية، ومن خلال ميزانية سنوية، 60% منها ممولة من الدولة، ممثلة في وزارة التعليم العالي، وتحديداً جامعة القاهرة، و20% من عائد الخدمات المقدمة بأسعار اقتصادية، و20% ينتظرها قصر العيني دائماً من تبرعات المجتمع المدني، والتي تستقبلها حسابات بنكية مخصصة ومقننة ومراقبة، وتصرف وفقاً لخطة مدروسة بعناية، وموضوعة للتنفيذ على مراحل.

خضير ورفاقه من أبناء وفدائيي قصر العيني، ومعهم نخبة من فاعلي الخير، استطاعوا خلال العامين الماضيين افتتاح مستشفى 185، وهو الأول من نوعه للطواريء والحوادث، وبطاقة استيعابية 400 سرير، وبه دور كامل مخصص للحروق لا مثيل له في مصر، ومنتظر افتتاحه في مارس القادم بمشيئة الله، كما تم افتتاح مركز علاج السكتة الدماغية، أو جلطات المخ، بمستشفى المنيل الجامعي القبلي، وهو الأحدث والأكبر في مجاله في الشرق الأوسط، ويقدم الخدمة مجاناً تماماً، رغم ارتفاع تكلفة علاج هذه النوعية من الجلطات، ولا يزال العميد يطمح لاستكمال خطة تطوير مستشفيات قصر العيني جميعها، سواء فيما يتعلق بالإنشاءات والبنية التحتية، أو الأجهزة الطبية، أو أنظمة المعلومات الطبية، أو رفع كفاءة العاملين بها، أطباء وتمريض وإداريين، وهدفه الأكبر، خفض متوسط دورة علاج المريض بقصر العيني، من 10 أيام حالياً، إلى 4 أيام وفقاً للمعدلات العالمية.

د. فتحي خضير، استشاري جراحات التجميل، لا يفقد تفاؤله وإصراره، على استكمال عملية تقويم وتجميل مستشفيات قصر العيني، ويضع يده شكراً وعرفاناً بالجميل، في يد كل من يقدر رسالة وتاريخ هذا الصرح الطبي الرائد، في علاج قطاعات عريضة من المواطنين المصريين غير القادرين، ولأنه قائد، فقد استطاع أن يبعث الروح، برؤيته وإرادته، ومصداقيته وتواصله، وقدراته ومبادراته، في نفوس جميع العاملين بقصر العيني، حتى أنهم صاروا يعيشون جنوداً، في معركة يومية، مهنية وإنسانية، مستمرة ومتواصلة.. ولم تكن حملة تحدي، والتي أطلقها رفاق فتحي خضير فور انتهاء حواره مع خالد صلاح، لم تكن إلا مشهداً جديداً من ملحمة تفاعل الجنود مع القائد، فقد سعوا جميعاً، مناشدين المجتمع المدني، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن يلتف حول مستشفيات قصر العيني، مؤيداً وداعماً لرؤى وجهود ومبادرات فردية، تجمعت وعزمت وأخلصت.. فأعطت وأنجزت.. مستشفيات قصر العيني تحتاج دعمكم جميعاً.. فلا تبخلوا إن استطعتم لذلك سبيلاً.