مروى جوهر تكتب:لو بطلنا نكره نموت

فى أزهى عصور الديمقراطية والتى نستشعرها منذ الثورة المجيدة، نعيشها فعليا ونستمتع يوميا بمميزاتها التى لا تحصى فنحن نحترم جميع الآراء المختلفة معنا ونسمعها بسعة صدر علها تكون الأوضح ونحن لا نتنابذ بالألقاب حاشا لله ونقدس وطنيتنا ونحافظ عليها ونحمى نساءنا فى الشوارع والأماكن العامة ولنا من الأخلاق الحميدة ما لا يوصف فنحن أمة يتعلم منها العالم وينبهر إذ كيف نفعل كل هذا بحب؟

وردنا على العالم كله أننا شعب يستند على الايمان فى كل شئ فنحن شعب متدين بطبعه كما تعرفون ونحب أن نطبق أخلاق ديننا على حياتنا العملية مما رفع كثيرا من مستوى أخلاقنا الحميدة والتى تعب أجدادنا من علماء الدين وآباءنا الأتقياء الحكماء ونسائنا العفيفات من أجل الحفاظ عليها وغرسها فى الأجيال على مدار قرون مضت وها نحن نكمل المسيرة لنعلم أولادنا كيف تكون الشهامة والرجولة والحرية.

كنت أحلم فيما مضى أن يأتى يوم قبل أن أرحل الى عالم أنقى أن أكتب مقال أتغزل فيه عن أخلاق المصريين وما وصلت ايه بعد كل الأزمات، فقد كان أبى ولا يزال  يحكى ويتحاكى عن شهامة ونخوة ورجولة المصريين.

لكن فى ظل احترامنا الذى يبهرنى لبعضنا البعض والذى يبدو جلياً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى التى فضحت مستوى التربية والتعليم والأخلاق عند كثير من الشعوب كنت أتردد فى بعض الأيام فى قول رأيى ليس خوفا من المواجهة ولكنه خوفا من الجدل الدائر منذ 2011 والذى لن يغير شيئا من الأحداث أو من العقول، الكل متشبث برأيه فى تعصب، السباب وصل منتهاه، الاتهام أصبح أسهل الأشياء وأكثرها، التشهير بالأعراض أصبح شيئا عاديا، التشكيك يوميا، قطيع يتبنى فكرا مختلفا وراء فرد أو أفراد ليسوا مؤهلين، ومثلهم كثير بأفكار مختلفة، الكل يتعارك ولا أحد يسمعك، تكلم كما تريد بأعلى صوتك أنت غير مسموع.

لماذا كل هذه المقدمة يا ترى؟ أمن أجل الاعلامية التى ضربها الجمع الكبير وتجمهروا عليها؟ لا… أنا لا أدافع عن الاعلامية بل أدافع عن سيدة يا رجال، سيدة فى الشارع يلتف حولها عدد مهول من الكائنات، ماذا تريدون؟ لا شئ سوى العنف! العنف ضد سيدة اختلفوا معها أو كرهوا توجهها، أهذا ما تربيتم عليه ونشأتم؟ هل علمك أهلك ضرب النساء؟ الاجابة غالبا نعم فمن تربى على ضرب أمه أو أخته فى بيته يرى أن ضرب جنسها فى العلن أمر عادى، لكن من حمى السيدة؟ أربعة رجال! أربعة رجال فقط هم حصيلة الجمع الكبير! رجال حتى وان كانوا صبية فالرجولة ليس لها سن محدد تقاس به.

لكن دعونا نقول أننى أبالغ وأن هؤلاء ليسوا سوى مجموعة كبيرة من الغاضبين كما قيل، فالندخل معا الى قلوب الغالبية على مواقع الغل والحقد والكره الاجتماعى، جميعهم سواء، جميعهم يقول قولا واحدا “أنا فرحان لو كنت معاهم كنت ضربتها”!  ثم مرحلة الافتخار بما فعلوا فى سيدة من خلال “comics” صنعوها خصيصا لها وتداولتها حتى النساء بجهل بما وراءها من معنى، المعنى يا سيدتى أنكِ شخصيا معرضة لهذا فى المستقبل القريب وسوف يفتخروا بضربك أيضا، لقد تجاوزنا مراحل التحرش وانتهينا الى ضرب السيدات فى العلن والتفاخر به يا رجال، فقط 1% رأى الصورة الأكبر، الصورة مظلمة موحشة تفجعك من هول ما وصلت أخلاقنا اليه ولم أمتلك الا قول “لا حول ولا قوة الا بالله” ولا عذر مقبول لكم.

ومع كل السلبيات التى أراها يوما بعد يوم منذ الثورة المجيدة والتى لم تفعل شيئا الى الآن سوى أنها فضحت النفوس والمعادن وأظهرت الحقيقة التى طالما خُدعت فيها كنت أحاول جاهدة أن أرى الايجابيات التى تتوارى بعيدا وأمسك بها وأضعها أمام عينى لأستكمل المسيرة لكنى بعد رؤية السيدة فى مشهد مخزى لا أستطيع أن أطمئن على نفسى فى بلد لا تُصان المرأة فيه من شعب يصلى على نبى أوصاهم بالقوارير.

آسفة يا أبى العزيز أنا لا أصدقك ولا أرى فيمن حولى ما تقول متأثرا بهم، فقد عشت زمن الرجال وما أقلهم اليوم.

أقول قولى هذا ثائرة فى وجهكم جميعا ولتراجع كل نفس ما تسعى اليه ولتدرك أن ليس للانسان الا ما سعى.