"4+1" على cbc.. بين النقاش الحقيقي والجدل لجذب المشاهد

فاتن الوكيل

يحاول كل إعلامي أن يعود من فترة إجازته بشكل جديد على الجمهور، من خلال تطوير فقرات برنامجه، وهو ما حاولت الإعلامية لميس الحديدي فعله، عن طريق استحداث فقرة جديدة في برنامجها “هنا العاصمة”، المذاع على قناة cbc، واختارت للفقرة التي ستذاع كل سبت، اسم “4+1”.

فكرة الفقرة تقوم على استضافة أربعة ضيوف إلى جانب المذيعة “الحديدي”، ليكوّنوا خماسي نقاش، يقوم كل منهم بطرح قضية تتم مناقشتها بينهم في حوالي من 10 إلى 15 دقيقة، وتكون القضايا التي يتم اختيارها، قد أثارت الجدل خلال الأسبوع الذي سبق إذاعة الحلقة.

استضافت الحديدي في أول حلقة لفقرة “4+1″، كل من الكاتب والسيناريست مدحت العدل، والصحفية ديانا الضبع، والصحفي إبراهيم الجارحي، والباحث في علم الاجتماع والناشط الحقوقي محمد فوزي.

الفكرة في حد ذاتها جيدة، خاصة في ظل افتقاد برامج التوك شو المصرية الآن، إلى تعدد الأصوات والآراء المختلفة، ولكن الفقرة هنا تقوم على اختلاف توجهات المشاركين، وهو ما يجعل أغلب القضايا التي يتم طرحها بينهم خلافية.

بين الجدل والنقاش

ما بين الجدل والنقاش خيط رفيع كاد المشاركين في 4+1 أن يقعوا فيه، وتسبب في ذلك عدة أشياء، من بينها عدم إعطاء كل مشارك وقت محدد يلتزم بالحديث خلاله، بل تداخلت الأصوات بشكل عشوائي في كثير من الأحيان، ليجد المشاهد نفسه يستمع إلى صاحب الصوت الأعلى.

من الأمور الجيدة أيضًا في الفقرة، هي اختيار شخصيات مختلفة في السن والاهتمامات والأفكار، وإن كان معظمهم من مجال الميديا، ولكن من الأفضل في الحلقات التالية أن نجد متخصصين حتى تكون الآراء مبنية على معلومات أكثر دقة، وأن تخرج من إطار وجهات النظر وفقط، ولكن الحديدي كانت واضحة في هذا الأمر، عندما قالت في مقدمة برنامجها: ” دي فقرة مش للخبراء ولكن بنعبر عن رأينا كناس عادية .. فقرة مفيهاش صح وغلط وعلى المشاهد أن يختار الرأي الذي يتوافق معه والآراء نحاول أن تكون مبنية على أسس ومعلومات سليمة”.

الوقت

من عيوب الفقرة، عدم إعطاء وقت كافي لطرح الآراء بشكل وافي، خاصة وسط المقاطعات الكثيرة من المشاركين لبعضهم، وهو ما يفقد الفقرة هدفها الذي أستحدثت من أجله، وهو خلق “نقاش”  حقيقي يعرض آراء مختلفة حول قضية معينة، ليتحول الأمر إلى “فضفضة” بين المشاركين.

الحديدي التي أكدت في بداية الفقرة أنها ستتخلى عن دور المذيعة لتعبر “لأول مرة” عن رأيها، كما قالت، وجدت ردًا طريفًا من السيناريست مدحت العدل الذي أكدت لها أن “عمرها ما كانت مذيعة”، في إشارة إلى أنها دائمًا ما تُعبر عن رأيها خلال البرنامج، لكنها كانت بالفعل أقل المتحدثين خلال الفقرة، وهو أمر يُحسب لها، بالرغم من أن ذلك لا يمنع أن تقوم بوضع “نقطة نظام”، من قبلها حتى لا يتحول الأمر إلى فوضى.

بالرغم من أن السيناريست مدحت العدل، كان أكثر المتحدثين خلال الفقرة، وصاحب الصوت الأعلى والنصيب الأكبر من الوقت، إلا أنه طلب أكثر من مرة من المتواجدين أن يتركوه يتحدث، حتى أنه هدد مازحًا بأن ينسحب من الجلسة إذا لم يتوقفوا عن كقاطعته، قائلًا : “أتكلم ولا أقوم؟”.

قضايا متنوعة  

كانت أولى القضايا التي طُرحت من قبل الصحفي إبراهيم الجارحي، هي استقالة وزير التموين السابق، خالد حنفي، وخلال النقاش أيد مدحت العدل والجارحي تولي رجل من خلفية عسكرية، وزارة التموين، بينما رفضت ديانا الضبع ومحمد فوزي والحديدي هذا الأمر.

القضية الثانية طرحتها ديانا الضبع، حول حظر ارتداء “البوركيني” في فرنسا، حيث أيدت منعه ودعت الفرنسيين للوقوف بشدة في وجه انتشاره، وهو ما رفضته الحديدي، والعدل ومحمد فوزي، بينما أيدها الجارحي في رأيها.

ومن البوركيني استطاع العدل أن يخرج بسلاسة من هذه القضية، ليطرح فكرته حول سيطرة الأولتراس على المدرجات، ورفضه لعودة الجماهير حاليًا مؤكدًا أن الوضع الأمني لا يسمح، وتنوعت الأراء بين ضرورة حضور الجماهير المباريات، وأن يتم وضع تشريعات حازمة تُقيد روابط الأولتراس دون منع باقي الجماهير.

لميس الحديدي، عرضت قضية كانت الدكتور آمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية قد دعت إليها، وهي أن تحصل المرأة المطلقة التي تفرغت لبيتها ولا عمل لها، على نسبة من راتب الزوج، فإن كانت قد عاشت معه 5 سنوات، تحصل على 5 % من راتبه، بينما إذا عاشت معه 25 عامًا تحصل على نصف راتبه، وهي الفكرة التي رفضها الجارحي ساخرًا : “أنا مع إنها تاخد كليته وجزء من الرئة كمان”، لكن في آخر النقاش استطاع الأغلبية أن يجعلوا رأيه يتغير قليلًا انتصارًا للفكر، وهو الأمر الذي أسعد الحديدي.

على السريع  

بعد هذا العرض الذي قدمه إعلام دوت أورج لأول حلقة تُعرض فيها فقرة “4+1″، على cbc، تبقى نقاط أساسية يجب التأكيد عليها:

1- يجب أن يعرف القائم على الفقرة أن الكثير من التنظيم لا يقتل حرارة النقاش.

2- قالت الحديدي في نهاية الفقرة: “نسينا إن فيه جمهور وكاميرات”، وكانت هذه مشكلة حقيقية، فلا يجب أن تنسوا أن هناك جمهور يتابع وبالتالي هو المستهدف من الفقرة التي ينتظر منها تحقيق استفادة ما بالنسبة له.

3- من الواضح أن الفقرة أحد أهدافها جذب المزيد من المشاهدات، وهذا أمر لا يعيب البرنامج، وسط الوضع الذي يعيشه سوق الميديا، ولكن مع الوقت إذا اعتمدت الفقرة على الجدل والصوت العالي فقط، سينصرف عنها المشاهد، وسيكون أمام مقدمة البرنامج السماح بمزيد من الصوت العالي و”الزعيق” لإنجاح الفقرة.

4- لا ينتظر من الفقرة أن تُشبع أو تُغير رأي المشاهد، الذي بات يكوّن آراء مسبقة حول جميع القضايا.

5- الفقرة كفكرة جيدة، حيث تطرح القضايا في قالب جديد على المشاهد المصري، لكن يجب أن تكون نقطة انطلاق نحو مفهوم جديد من تقبل الرأي الآخر، وعدم الخوف من سماع الأفكار الجريئة، وهو ما سننتظره من “4+1” خلال الحلقات القادمة.