شريف سعيد: من خلف حبل الغسيل

شريف سعيد
شريف سعيد

من أجل كرامتك خلعت سترتك السوداء ، ورفعت يديك إلى أعلى ، متحديا بجسدك الأعزل شرطة مبارك ، فعلتها ولم تدر أن صورتك ستُسجل كواحدة من كلاسيكيات ثورة يناير ، على بعد أمتار صوب أحدهم فوهة سلاحه نحو صدرك المفتوح بدم بارد !! لم يتوقع قاتلك أن بإحدى النوافذ خلف حبل الغسيل تتوارى فتاة مصرية ، بهاتفها المحمول وقفت تُخلد المشهد بأسره ، عقب صوت الرصاصة انهارت السكندرية الأصيلة وهي تصرخ بحرقة مرعبة : أحيه أحيه !! اهتز جسدك وتهاويت إلى الأرض ، سقط شهيدا وأسقط معك إلى الأبد ( أسطورة ) أن الشرطة لم تقتل المتظاهرين !! تمنيت لو عرفت مكان دفنك لأخط على جدران قبرك بالطباشير بعض ما حدث عقب ارتقاءك إلى السماء ..

النظام الذي استشهدت لإسقاطه ، نال أغلب أفراده حريتهم عقب ثبوت براءاتهم !! الحمد لله على مغادرتك الدنيا قبل أن تشاهد من جديد إعلانا تليفزيونيا لحديد عز !! أو ترى مذيعا ينادي مبارك بسيادة الرئيس !! أو تقرأ حوارا صحفيا مع زوجته سوزان ثابت !! أو تصادف ابنيها علاء وجمال وهما يتسوقان في المساء من أجل شراء طعام للكلاب !! الرصاصة التي أصابت ( قلبك ) بدلا من ( عينك ) رحمتك من العيش بعين واحدة تتابع بها كل هذا الجنون !!

مشهد سقوطك على الأرض ، لن يجد مكانا هذا العام بمقدمة “يسري فودة” في ذكرى ثورة يناير ، لن يتحدث عنك ثائر في ضيافة “ريم ماجد” ، لن تأتي سيرتك أنت أو غيرك باتصال هاتفي تجريه “دينا عبد الرحمن” مع أم شهيد ، “علاء الأسواني” لن يطالب بحقك في القصاص ، لن يواجه “باسم يوسف” قاتلك بالكوميديا السوداء !! هؤلاء جميعا لم يتخلوا عنك لكنهم أُجلسوا في بيوتهم !! الإعلام في مصر مملوك للنظام أو لرجال أعمال يتملقون النظام !!

أفراد الشرطة ليسوا جميعا مثل من قتلك، بعد استشهادك بعام ونصف ، حكم الإخوان مصر ثم رحلوا عقب ثورة شعبية ثانية ، منذ رحيلهم وضباط شرطة شرفاء يموتون دفاعا عنا ضد إرهاب الجماعة ، ومثلما عانينا ممن يتاجرون بالدين ، نعاني الأن ممن يتاجرون بالوطن ، هؤلاء الذين يطلون علينا بالفضائيات ليلا لاستثمار جثامين الضباط دعائيا من أجل التغطية على فساد ضباط أخرين !! والتشكيك في استشهادك أنت ورفاقك وثورة يناير بأسرها !!

في النهاية ، سيبقى مشهدك من خلف حبل الغسيل بالإسكندرية أيقونة لنا ، وسأكتب على جدران قبرك أن ثورة يناير فكرة ، والأفكار رغم أنوف سجانها تنتشر ولا تموت ، فقط أريد أن أعلمك بأن رفاقا صغارا لنا في يناير عام 2011 ، هتفوا معنا للعيش والحرية والعدالة الاجتماعية ، صاروا الأن طلابا بأكاديميتي الشرطة والفنون ، وكليات الحربية والدفاع الجوي والحقوق والتربية ، لذا أنا على يقين بأن يناير ستحصد نصرها النهائي عبر السنوات بتجميع النقاط حتى وإن تعثرت ، أرقد أيها الثائر الشريف في سلام ، واعلم أن أجمل الانتصارات لم تأت بعد .

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر الضغط هنا

اقرأ أيضًا:

ريم ماجد على أون تي في : الثورة مستمرة

بوادر خلاف بين آد لاين وصدى البلد

كلمة الرئيس السيسي في تأبين الملك عبد الله و ذكري ثورة 25 يناير

الليثي والحياة ..الإبراشي ودريم ..وبينهما إيهاب طلعت

محمد عبد الرحمن: التطبيع مع القراصنة

الشعب يريد أكرم حسني

خطأ فني بالتليفزيون المصري خلال تغطية جنازة الملك عبد الله

سجين يتصل بمصطفى بكري على الهواء

وزير الآثار يحول صحفيًا للتحقيق

النجار يعلن ترشح يحيى قلاش لمنصب النقيب

صاحب بيان وفاة الملك.. بدأ فراشًا وأصبح كبيرًا للمذيعين

 النيل للرياضة “محرومة” من مشاغبات طارق رمضان

بالصور.. كيف استقبلت القنوات المصرية والعربية رحيل ملك السعودية

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا