كيف ظهر "الأسطورة" كممثل كوميدي؟

محمد عبد الرحمن (نقلا عن مجلة صباح الخير)

.

بينما كانت الانتقادات تنهال على مسلسل “الأسطورة” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والجمهور يلتف حول المسلسل في الشوارع وعلى كراسي المقاهي، كان محمد رمضان النجم الشاب المثير للجدل يواصل بروفات مسرحيته الجديدة “أهلا يا رمضان” وهي ثاني عرض مسرحي من بطولته بعد “رئيس جمهورية نفسه” لميخائيل رومان وإخراج سامح بسيوني، وهو العرض الذي عاد الجمهور من خلاله لمسرح “الهرم” بعد توقف لسنوات طويلة وهو أيضا أول عرض للمخرج المخضرم خالد جلال خارج مركز الإبداع الذي قدم من خلاله عشرات الموهوبين في السنوات العشر الأخيرة.

أهمية مسرحية “أهلا يا رمضان” في أن الجمهور الذي رفض الأسطورة ويرى أن “رمضان” ممثل ينشر البلطجة والعادات السيئة بين الشباب، سيفاجأ برمضان آخر على المسرح، أو بمعنى أدق “رمضان” الطبيعي، الذي لا يحاول استخدام عضلاته ونبرة صوته من أجل إخافة من يحاولون النيل منه كما ظهر في معظم أفلامه وفي “الأسطورة”، رمضان الممثل الموهوب لم يكن في “أهلا يا رمضان” كمحمد عادل إمام في “كابتن مصر” و” جحيم في الهند” بطلا يحتاج إلى مساعدة الآخرين، بالعكس، جزء كبير من الكوميديا في العرض يتحمل مسئوليته الممثل الذي صنع شهرته وأثار الجدل حوله من أدوار الأكشن والعنف، وهو الأمر الذي يطرح السؤال من جديد، لماذا لا يفكر رمضان في أن يستفيد من هذه الشعبية ويستثمر موهبته في أدوار الشاب الباحث عن الحق لكن دون التورط في جرائم وفي سلوكيات تثير حوله الجدل وتقلل من حجم موهبته؟، لماذا لا يستعيد رمضان شخصية البطل الشعبي الذي يواجه المجرمين ولا يصبح واحدا منهم؟، اختيارات رمضان على المستوى التجاري تثبت حتى الآن أنه قادر على جذب الجمهور خصوصا في المناطق الشعبية، لكن على مستوى المحتوى فلازال أمامه فرصة أن يقدم محتوى يحميه من حملات الهجوم التي يضطر كي يتخطاها للدخول في معارك وملاسنات إعلامية تؤثر على حصاد نجاحه الجماهيري.

rra (12)

البعض يقول: لماذا لا يظهر رمضان في شخصية ملاكم أو لاعب كرة يسعى للنجاح ويواجه العقبات؟، أو شخصية مجرم تائب يساند الشرطة أو يقتص للأبرياء بدلا منها، دون الانجراف لتعدد الزيجات وخناقات النجمات عليه وقتل الأعداء في الشارع واستخدام “قميص النوم” من أجل الانتقام؟، هؤلاء لو شاهدوا مسرحية “أهلا يا رمضان” لضموا شخصية “رمضان البواب” للشخصيات التي يثبت من خلالها الممثل الشاب أنه قادر على أداء كل الأدوار، ورغم أن القصة بسيطة ويتوقع المتفرج تفاصيلها منذ المشاهد الأولى، لكن العرض خال تمام من لحظات الملل، وخبرة المخرج خالد جلال واضحة في أن جعل الحركة على المسرح وكأنها سينمائية، وكأننا نرى مشاهد فيلم لكن في مرحلة ما قبل المونتاج الأخير، فحتى الفواصل ما بين المشاهد كانت تستغرق أقل من دقيقة، الأمر الذي سيسهل مهمة المخرج الذي سيحول العرض لشريط تلفزيوني، وقد يفعلها رمضان ويقدمها أولا على شاشة السينما وأظن أنها ستنجح أيضا مع قليل من الاختصار.

مسرحية “أهلا يا رمضان” لكاتبها وليد يوسف، تدور حول رجل أعمال شهير لا يهتم بأولاده ويكترث فقط بأمواله، ابن يتطرف وآخر يدمن وثالث مصاب بمرض نفسي والرابعة يخدعها شيوعي مُدّعٍ، البواب مخلص جدا للأسرة وينفذ طلبات الأبناء حتى لو أدى به الأمر للحبس، والسكرتيرة تحاول لفت نظر الأب دون جدوى وتعشق البواب، والخادمة تنضم لهما حتى يضطر الأب لكتابة كل ثروته باسم رمضان البواب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

rra (2)

الخبرة والشباب

من خلال فريق العمل يثبت محمد رمضان أنه يحاول دائما الاستعانة بمن يدعمون تجربته ومنحهم المساحات الكافية للأداء والانطلاق، يدلل على ذلك انضمامه لفيلم من إخراج شريف عرفة وكتابة عبد الرحيم كمال وبطولة السقا، واختياره لمخرج بخبرة خالد جلال الذي على سبيل المثال استعان براقصين محترفين من الأوبرا لأداء الاستعراضات، والمعتاد في مسارح القطاع الخاص الاسترخاص في هذا المجال تحديدا وهو ما لم يحدث في المسرحية، كذلك على مستوى الديكور والإضاءة وباقي عناصر المشهد المسرحي، وكان مشهد تحول رمضان إلى “سوبر رمضان” لانقاذ الابن المريض نفسيا مميزا إلى درجة كبيرة من هذه الزاوية رغم أنه لم يستغرق أكثر من 3 دقائق على خشبة المسرح.

رمضان يظهر بمفرده على الأفيش لكن على الخشبة هناك العديد من الخبرات سواء أحمد فؤاد سليم وروجينا، بجانب الكوميديانات وتتقدمهم وبمسافة كبيرة “شيماء سيف” التي تحملت مع رمضان مسئولية إضحاك الجمهور في معظم فترات العرض، وظهر محمد علي رزق مميزا في شخصية المتطرف المهزوز وتقمص الشخصية بدون اللجوء للمبالغات الكاريكاتورية التي تتسم بها الشخصية في معظم الأعمال الأخرى وإن كان لابد من فتح مساحة أوسع أمامه لإلقاء الضحكات، هنا الزاهد تتمتع بقبول جماهيري لكن لازال أمامها الوقت للرسوخ على المسرح وأمام الكاميرا، الممثل الشاب أمجد الحجار في شخصية المحامي قدم نموذجا للكاراكتر الناجح في حصد أكبر قدر من الضحكات في أقل وقت ممكن، أما شخصية ضابط الشرطة التي أداها أحمد السلكاوي فلم تعط للممثل المسرحي الموهوب المساحة الكافية للتعبير عن هذه الموهبة، أما حسام داغر فيوقع الناقد والمتفرج في حيرة، فهو متميز جدا في شخصية الشاب المهتز نفسيا، فهل نطالبه بالخروج منها وتحدي نفسه وقد يفشل؟، أم يتمسك بها ويحقق نجاحا متكررا من خلال نفس الشخصية؟، المسرحية قدمت كذلك ممثلا جيدا في دور “الشيوعي النصاب”، وإن كان لابد من التوقف عن تقديم شخصية الشيوعي بنفس الطريقة التي ظهر عليها سناء شافع في فيلم “فوزية البروجوازية” منذ 30 عاما، ويكررها دائما يوسف معاطي ولجأ لها مؤلف “أهلا يا رمضان” أولا لأنه لم يعد هناك شيوعيين بنفس هذا الشكل، وثانيا لأنه من الوارد جدا أن يحاول شاب فقير النصب بالرومانسية على فتاة غنية دون الحاجة لإظهاره عدوا للنظافة ومرددا للشعارات.

rra (1)

شبح “الأسطورة”

تبقى ملاحظة مهمة متعلقة أولا بالاستعانة كثيرا بمسلسل “الأسطورة” لإطلاق الضحكات وهو أمر يظلم المتفرج الذي لم يتابع المسلسل، فيجد نفسه صامتا فيمن حوله يضحكون على “إيفيه” لا يفهم أصله، كذلك هناك 3 إيفيهات تحديدا لا يليق بمحمد رمضان ولا بمضمون المسرحية أن تخرج منهم حتى لو كانت الألفاظ غير مكتملة وتعتمد على أن يستكمل الجمهور المعنى في ذهنه.

أخيرا، المسرحية أعادت الجمهور من جديد للمسرح الخاص بعدما عاد للمسرح الحكومي من خلال “ليلة من ألف ليلة” مع يحيى الفخراني ومن خلال عروض أخرى، وبعدما عاد للمسرح التلفزيوني من خلال “تياترو مصر” و”مسرح مصر”، بالتالي يجب فعلا توجيه التحية للمنتج عماد زيادة، لكن على محمد رمضان -وأنا أعرفه منذ كان ممثلا ناشئا- التوقف عن ترديد عناوين غير دقيقة، نجاح رمضان الحقيقي في أن الجمهور ذهب ليشاهده على المسرح ويذهب له في السينما ويتابعه رغم الهجوم على شاشة التلفزيون وهو نجاح لم يتحقق لأي نجم من قبله حتى عادل إمام لأن انطلق في زمن كان على النجم أن يختار ما بين السينما والتلفزيون، لكن دون الحاجة للتأكيد كل يوم على أن الجمهور عاد للمسرح من أجله وكأن باقي زملاءه لم يسبقوه في هذا المجال، وللخناقة على من يعتلي عرش الإيرادات، لأن حب الجمهور أبقى من شباك التذاكر.

نرشح لك

مليون دولار ثمن سيارتي محمد رمضان

[ads1]