نسمة سمير تكتب: أينبغي أن يكون الإنسان أسطورة كي يحيا؟ (شخابيط رمضانية 9)

الحارة التي تحمل الطيبة والدفء لم تتغير، ومازالت معطرة ببخور طقوس أهلها، ولكن القوانين هي التي تغيرت، أصبح الحق يؤخذ باليد وليس بالقانون، لا أعرف لماذا تذكرت حادثة سيدة المنيا العجوز، عندما شاهدت ناصر الرفاعي يقتص من عصام النمر ويتحالف مع تجار السلاح، لأدرك بشاعة ما وصلنا إليه، فأصبحت حياتنا عبارة عن سلسلة قهر، الأقوى يفتك بالأضعف، وإن لم تقبل بقوانين اللعبة الجديدة ستطحن تحت تروس الحياة.

أينبغي أن يكون الإنسان أسطورة كي يحيا؟، في زمن أصبح فيه القوي يسحق الضعيف، باتت الطيبة عيبًا وضعفًا، ألم تسأل نفسك لماذا أحب الناس ناصر الدسوقي وكان بطلًا في أعينهم، لأنه حقق لهم ما هم عاجزون عن تحقيقه في الواقع، أخذ حقه وأعاد كرامته التي مسح بها عائلة النمر تراب الحارة، في “الأسطورة” كان الشر هو الأقوى ويحقق مبدأ الخلود ويجعلك إنسانا محترمًا وتحيا الحياة التي حرمت منها عندما كنت صاحب مبادئ، لذلك عليك أن تغير جلدك ليتحمل غدر البشر.

المسلسل لا يؤسس عالم من البلطجة، لأنهم موجودون بالفعل في المجتمع، فعندما يصبح هناك أشخاص لا يجدون قوت يومهم، وتنهار دولة القانون، فسيفرح الناس ببطل حتى وإن كان ملوثًا بالأخطاء يرفع شعارا “وإن لم ينصفك الحق فتشبث بالباطل”، لكي ينفق على أمه ويحمي نساء عائلته من المذلة وطمع الآخرين بهم، فمن الطبيعي أن تحتمي خلف الأقوى وأن تجد فيه الخلاص في زمن إن لم تَقتل فيه ستُقتل وسيكتب في المحضر أنها حالة فردية، أصبح الاحترام ليس لأخلاقك ولكن لدفتر شيكاتك.

قبل أن نتهم محمد رمضان بنشر البلطجة، علينا أن ننظر إلى الواقع وقتها سنجد العدل غائبًا والظلم متجبرًا، فهم حبوا ناصر لأنه الوحيد الذي تحرر من الخوف ونفض تراب المذلة عن جبينه، عندما بات الشرف والأمانة والتعليم ليس لهم فائدة وفي حال تمسكك بهم ستقضي ليلك جائعًا، فالمسلسل لن ينقل فكرا للمجتمع ينساق خلفه فتأثيره سينحصر على المراهقين الذين يتأثرون بالأبطال الخارقين دومًا وفي حال وجود دور قوي للأسرة لن يكون للتأثير خطورة.

ومن عجب أن أهل حارتنا يضحكون، علام يضحكون؟ أنهم يهتفون للمنتصر أيًا كان المنتصر، ويهللون للقوي أًيا كان القوي، ويسجدون أمام النبابيت يداوون بذلك كله الرعب الكامن في أعماقه”، فنحن لن نحتاج لمسلسل كي يعلمنا كيفية العيش في الحياة، فالواقع أبشع من أحداث المسلسل، وستجد كثيرين منا يطبقون مبدأ الأسطورة بأنماط مختلفة حتى يستطيعوا أن يحيوا في دولة لا مكان فيها لضعيف.

نرشح لك

نسمة سمير تكتب: حمزة العيلي .. لَا يَحْزُنك قَوْلهمْ (شخابيط رمضانية 8)

شارك واختر.. من أفضل ثنائي في إعلانات رمضان؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن