الكاميرا الخفية "إنسانية" لأول مرة في "الصدمة"

إسراء النجار

في الوقت الذي تحولت فيه برامج المقالب من فكرة خفيفة مرتبطة بروح الفكاهة والنكتة لدي الشعب المصري، إلى “بيزنس” يتم نحته سنويًا في شهر رمضان، وبرامج المقالب في حالة انحدار فكري وبصري لسببين، الأول أنها ترسخ في قيم المشاهد صور التلذذ السلبي بتعذيب الآخر -حتى لو كانت مفبركة- وإلا فلم تحقق أعلى مشاهدات في الشهر الفضيل! والثاني هو الاستهزاء والاستهتار بأصحاب الكوارث الحقيقية الذين يموتون غرقًا أو حرقًا أو تحت الأنقاض.

ووسط هذه الحالة السلبية خرج علينا برنامج “الصدمة” ليصدمنا بأن المقلب قد يكون إنسانيًا والهدف منه نبيل. وتقوم فكرة البرنامج على مشاهد تمثيلية لمواقف غير أخلاقية يتعرض لها بعض الأشخاص مثل التحرش وتعنيف الزوج لزوجته وإهانة الآباء وغيرها، وذلك لقياس مدى تفاعل الأشخاص بالإيجاب أو السلب مع الموقف من خلال متخصصين.

ولكن لماذا نجح برنامج الصدمة؟

(1)

رغم أن المحتوى غير مشوق ولا يحتوى على أكشن وفضائح كما يحلو للبعض، ولكنه جذب المشاهد لاستكمال الحلقات واختبار “ذاته” قبل أن يختبر ردود أفعال أصحاب المواقف، وهذا يعد إنجازًا بأن هناك محتوى على الشاشة يحض على التفكير والدردشة النفسية والإنسانية، حتى لو بشكل لحظي سرعان ما ينتهي.

(2)

ناقشت الحلقات التي عرضت حتى الآن موضوعات هامة وشائكة مثل الاعتداء على الخادم، وإهانة الزوج لزوجته والاعتداء عليها جسديًا في مكان عام، وهي الحلقة التي أثارت الجدل لأن المشاهد تفاجأ بفتاة لبنانية تقاوم الرجل بالضرب والسب وتدافع عن الزوجة وسط خوف وسكون الجميع حولها، وجدير بالذكر في هذا الموقف أن حماس الفتاة وطريقتها في ضرب الرجل بدت كأنها تتطهر من وجع ما في مساعدة هذه السيدة.

(3)

تصوير الحلقة الواحدة في عدة بلدان عربية منها الإمارات والسعودية ولبنان ومصر والعراق، أطلع المشاهد على ثقافات إنسانية مختلفة أبعدته عن الملل من مشاهدة جمهور بلده فقط، فمثلًا حلقة تكاليف العلاج الباهظة التي تفاجأ بها سيدة مسنة وهي في إحدى الصيدليات فتتوسل إلى البائع بأن يخفّض لها السعر لأنها لا تمتلك فارق غلاء الدواء، كان من أهم المشاهد التي عرضت في البرنامج، لأنها شهدت تفاعلا كبيرا من الحضور في جميع البلدان، وبالأخص الكويت، إذ تبرع مواطن بسيط للسيدة بباقي تكلفة الدواء، ومن ثم عندما عرف أنه مقلب، تأثر بشدة وبكى موضحًا أنه قرر شراء شريط واحد من دواء والدته كي يساعد هذه السيدة التي ذكرته بوالدته.

(4)

وعلى الجانب الآخر كشف “الصدمة” عن عوار فكري لدي بعض المجتمعات وصارحنا بترسيخ مفاهيم وأفكار مغلوطة منها طريقة الآباء في التربية، فنجد العينة المصرية تتفاعل بالسلب في مشهد تعنيف الأم لابنتها الصغيرة أمام العامة إضافة إلى رفضها شراء اللعب لطفلة مقابل الشراء لأخيها المتفوق دراسيًا، وفي هذا المشهد أيدت معظم الأمهات قهر الأم لابنتها لأنها فاشلة دراسيًا! كما تفاجئنا بالعينة العراقية التي واجهت تعرض فتاة للتحرش أكثر من غيرها.

وأخيرًا الإشادة بفكرة “الصدمة” لا تخلو من الإشارة إلى أن كثير من حلقات البرنامج تم تصويرها في مولات ومحال تجارية وصيدليات تعد راقية ويتردد عليها طبقات اجتماعية معينة، مثل الصيدليات التي صورت فيها حلقة “تكاليف العلاج”، هذا لا ينفي أن المشاهد تفاجأ بتفاعل وإنسانية عدد كبير من هذه الطبقات في زمن الانتهازية ولكنه أيضًا كان ينتظر ردود أفعال الطبقات المتوسطة والفقيرة.

نرشح لك

بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016

شارك واختر.. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ إضغط هنـــا

بنر الابلكيشن