رشا قنديل تكتب : "بلا قيود" ممنوع من الدخول بأمر الكلب..

نقلًا عن BBC عربية

كل شيء كان معدا وفقا للترتيب. فريق الإعداد عمل طويلا ومثابرا لتأمين اللقاء مع الوزير العراقي المستقيل حسين الشهرستاني، الذي تردد أنه بطل مايسمى بقضية “أونا أويل” المبنية على معلومات سربتها وثائق بنما وجمعتها في تحقيقات منمقة كل من صحيفتي “فيرفاكس ميديا” الأسترالية، و”هافنتغون بوست” الأميركية، التي وجهت اتهامات واسعة بالفساد لقطاع النفط في عهدتي الدكتور الشهرستاني في حقبتين، إحداهما لدى توليه حقيبة النفط وزيرا، والأخرى مستشارية النفط لرئيس الوزراء.

الشهرستاني ينفي عنه شبهة الفساد ويطالب بأدلة. رئيس الوزراء أمر هيئة النزاهة بفتح تحقيق. فريق دولي يقوم على التحقيق في العراق منذ برهة.

المهم أن فريقا من بي بي سي كان في طريقه ذات صباح لتأمين الجانب التقني لحواري مع الدكتور الشهرستاني واتخذت طريقي إلى الاستديو في لندن متسلحة بأوراقي وقهوتي – أسلحتي الاعتيادية.
قابلتني زميلتي فرح، القائمة على مكتب الحجز والتجهيز للاتصال عبر الأقمار الاصطناعية، لتنبئني بما لم أحتسب أنا وزميلي معد “بلا قيود” حيدر الصافي، وجهها البشوش أبدا، كان جادا وغير مرتاح.. أنا باعتذر يا رشا فيه مشكلة يبدو لن نستطيع التسجيل..

تفحصت وجه العزيزة فرح فمعنى الإلغاء قبل الحلقة بعشر دقائق أن هناك كارثة محققة. نظرت لها صامتة.. أنتظر الخبر الكارثي.

أخذت فرح نفسا قصيرا ثم سرّت إلي بالسبب الخطير: الكلب. ظننت أنني لم أسمع جيدا.. هم؟ أعادتها: كلب الحراسة..

استفهمت: كلب الإيه؟ أعادت للمرة الأخيرة بوضوح: كلب الحراسة يعتقد… قاطعتها: كلب الحراسة
“يعتقد”؟!

قالت: نعم. كلب الحراسة يعتقد أن سيارة ال “SNG “ سيارة التسجيلات والبث الحي للسادة القراء غير آمنة -الكلب يعتقد إنه إما بها متفجرات أو مرت على منطقة بها مواد متفجرة ولا يمكنها المرور من البوابة الأخيرة. هذه إجراءات سلامة في مقر السيد الوزير ولا يمكن لكلب الحراسة ترك السيارة تمر عبر البوابة.

طبعا حاولنا لمدة نصف ساعة كل ما بوسعنا لاستدراك الموقف وتفادي إلغاء التسجيل دون جدوى. بما في ذلك محاولة إيجاد وسيط أو إقناع سعادة البيه الكلب بالعدول عن موقفه وتقدير دقة الموقف، ولكن لله الأمر من قبل ومن بعد.

النتيجة كانت إلغاء التسجيل وإرجاءه إلى يوم آخر وتمكنا بالفعل من العودة والتسجيل مع الدكتور الشهرستاني في يوم لاحق.

بعيدا عن شر البلية، ولأنها المرة الأولى طوال عملي الصحفي التي تُلغى لي فيها حلقة أو حوار بسبب تعنت من قبل كلب، المشهد في العراق مشهد شديد التعقيد والخطورة.

فالجميع تقريبا في حواراته معي في “بلا قيود” و”العالم هذا المساء” على مدى العام الفائت يستخدم نفس الحوار السياسي: يتبنى مطالب الإصلاح ويتكلم عن مطالب الشعب العراقي ويخشى ويندد بتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية وينتقد التدخلات الإقليمية.

الدكتور الشهرستاني تحدث في بلا قيود عن الأزمة البرلمانية الأخيرة، بعد التسجيل بأيام استفقنا جميعا على اقتحام المتظاهرين المنطقة الخضراء، ما ينبئ بالمزيد من التصعيد. سألته إن كان حقا قد طالب باعتقال السيد مقتدى الصدر، فنفى. سألته عن ربط اسمه بمطالبات إقالة رئيس الوزراء فلم يعطني إجابات شافية.

طالبته بكشف الصلة بين اسمه ولفظة The Teacher في تحقيقات الصحيفتين، فنفى بإباء أيضا. سألته عن تظاهرات الجامعات العراقية ومطالبات الطلاب باستقالته إبان توليه حقيبة التعليم العالي، فقال إن مطالبهم لم تكن ضده هو وإنما كانت مطالب حقوقيه، وإنه هو ذاته آمن بجلها.

من المسؤول عن فساد قطاع النفط إذا؟ من المسؤول عما وصفه المتظاهرون العراقيون بمُسكّن خدعة مشروع الكهرباء؟ ما حقيقة ما سمي بفضيحة أونا أويل؟ إلى أين وصل تحقيق هيئة النزاهة؟ هل وجهت الهيئة اتهاما من الأصل للوزير المستقيل؟ إلى أين وصلت وزارة التعليم العالي في عهدة الدكتور الشهرستاني؟

رغم أنف كلب الحراسة – “بلا قيود” الأحد الخامسة والنصف مساء بتوقيت غرينتش.