محمد فوزي سعيد يكتب: ب كسرة بـِ ... بـــنغرق !!!

كانت صورة ميدان التحرير الخالية التي تظهر في التلفزيون المصري مع بدايات ثورة 25 يناير هي رمز الإعلام المصري خلال وبعد الثورة ولفترة طويلة كرمز للتعتيم الإعلامي لما يحدث في البلاد سواء كان هذا التعتيم مقصودا أو انتظارا لما سيحدث وتحديد اتجاهات الأحداث ثم تكوين الرأي والمشاركة في خضم الأحداث.

وربما ما مر به الإعلام من يومها وحتى الآن جدير بالدراسة والبحث والفحص والتمحيص وربما ما سأقوله ليس بالجديد ولكنه شرح مبسط لمنحنى الإعلام الصاعد الهابط خاصة وأسلوبه هذه الأيام خلال الأحداث المتصاعدة بسبب عدة قضايا.

الإعلام المصري بعد ثورة 25 يناير انطلق في البداية يمجد الثورة ويحاول ايجاد مناخ ديمقراطي يوجه الأحداث نحو الأفضل ولعل منتقدي الثورة والناقمين عليها لم يكن لهم مكانا كبيرا في البداية فبدأ الجميع يتحدث عن الأمل وكيف نبني مصر الجديدة كدولة ديمقراطية ضحى الشباب بدمائهم من أجلها واستمر هذا الوضع النقي الموضوعي المحايد لفترة ليست بالقصيرة وليست بالطويلة .

وكعادة الإعلام الذي يخضع إلى توجيهات مالية أو سياسية بدأت كل قناة وجريدة تأخذ شكلا لتحقيق أهدافها ومع دخول التيارات الإسلامية الحياة السياسية وجدت نفسها تحتاج لآلة إعلامية تساعدها فتحولت القنوات الدينية إلى دينية سياسية وتحولت القنوات الأخرى تحذر منها فنشبت حرب شعواء بداية من استفتاء مارس 2011 وحتى يونيو 2013 وما حدث في هذه الفترة كان بشعا؛ تلاسن وشتائم واتهامات بشعة متبادلة بين الفريقين وكل آلة إعلامية تشحن متابعيها بعنف وشدة ضد الفريق الآخر وحدثت الكراهية بين جميع الأطراف وظهرت كل الآراء الغريبة والعجيبة وظهر المدافعون عن مبارك واستمر اللغط حتى ثورة 30 يونيو والتي أصبح الإعلام فيها صوتا واحدا ولعل المتابعين كانوا ما بين مؤيد أو غير مهتم أو محبط.

وكالعادة استمر توحد الاتجاه والأداء الإعلامي لفترة ثم ظهرت بعدها الآراء الخفية والتوجهات والنوايا المحبوسة رويدا رويدا.

لعل ما ذكرني بكل هذه التطورات هو الإعلام المصري حاليا وخلال هذه الفترة التي حدثت خلالها أزمتين متتاليتين -أزمة تيران وصنافير وأزمة نقابة الصحفيين…. في الأولى رصدت نتيجة غريبة لا تفسير لها أنه ولأول مرة في تاريخ، الإعلام المصري يتسم بالعناد مع المتلقي والمشاهد ويحاول اقناعه بغير ما هو مقتنع الأمر الذي جعل نسبة كبيرة من المشاهدين تتخلى عن مشاهدته أو سماعه، فيدخل الإعلام في حرب غير مسبوقة مع المشاهد لإقناعه بأن الجزيرتين سعوديتان والمشاهد يقول (لأ مصرية) فيرد الإعلام (لأ سعودية)..

أما أزمة نقابة الصحفيين مع الداخلية فهي أزمة متشابكة متداخلة فالإعلام يحاول نقل الأوضاع على الأرض ويحاول التهدئة لأن طرفي الأزمة يمسوه بقوة فيحاول التهدئة مع وجود بعض الإعلاميين المتحيزين لطرف ضد الآخر.

والمشاهد يشعر بعدم أحقية ما يفعله الصحفيون ويصفهم بعدة صفات (….) كما يعترض البعض على تصرفات الداخلية إلا أنه يشعر بالشماتة في الصحفيين الذين كانوا لا يعبأون بتصرفات رجال الداخلية أيضا.

والداخلية ترى أن الصحفيين والإعلاميين والإعلام في جبهة واحدة وتعتقد أنهم ينتقدونها ويهاجمونها فتقرر مواجهتهم جميعا… والإعلام والإعلاميون بين هذا وذاك يخسر الكثير ويرن في أذني صوت الراحل أحمد زكي في مسرحية العيال كبرت وهو يقول (إخواني إحنا بنغرق !!!).