هيكل لـ CBC: حزب النهضة التونسي لم يتأثر بسيد قطب

هيكل: الغنوشي لم يحاول اختراق الجيش والشرطة كما فعل البنا في مصر

هيكل: فوز السبسي بداية ثورة إصلاحية وليس تغيير شامل

واصل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، حواره مع الإعلامية لميس الحديدي على فضائية cbc، والذي يذاع مساء اليوم السبت، تحت عنوان “مصر أين ومصر إلى أين”، حيث أكد الكاتب الكبير أن المرشح الرئاسي السابق المنصف المرزوقي، لم يكن مرشحاً إسلامياً لكنه كان مدعوماً من التيار الاسلامي، وأن النتائج الأخيرة معقوله جداً، وتكشف عن أن قوة تيار الإسلام السياسي ليست كما كنا نتصور، وليست كما يدعي بعض الناس، فنسبة المرزوقي البالغة 46%، وإذا نظرنا إلى مؤيديه هو بالذات باعتبار أنها 1/3 أو نصف لحزب النهضة، فهذه حدود واضحة لقوة التيارات الاسلامية، فضلاً عن أن تمثيل حزب النهضة أو التيار الاسلامي، مختلف تماماً عن الاخوان المسلمين، في تنتمي للتيار الاسلامي، لكنها مختلفة عنهم.

واستطرد: حزب النهضة لم تؤسسه جماعة غامضة، ولم ينشئ تنظيما سريا كما لم يرتكب أية اغتيالات في تاريخه، فبرنامج المرزوقي سياسي، والنظام السري ومكتب الارشاد نشأ على الطريقة الاوروبية، وتذكري دائماً أن تونس عبارة عن لسان خارج من إفريقيا صوب اوروبا، وأن التأثير الاوروبي موجود بقوة.

وأضاف الأستاذ هيكل: قابلت راشد الغنوشي عدة مرات، وكانت أول مرة في لندن، وكان قد رتب لنا اللقاء الاستاذ فهمي هويدي، ويقيناً أن هذا الرجل يعرف عصره، فهو لاجئ لعشرين عاماً في إنجلترا، وهؤلاء لم يتأثروا بسيد قطب، وقد ظلوا في منابع الاسلام الطبيعية والتي قد تكون ملهمة لهم، فهم ينتمون إلى الاسلام السمح الاندلسي، فهم تلاميذ محمد عبده مع لمسة أندلسية، وعندما تنقل الافكار واللغات من مكان لأخر، تكتسب نبرة محلية.

والاسلام السياسي في تونس ليس لديه فقط  نبرة عصرية، ولكن هناك أمر ثاني، أن بورقيبة أحدث فرقاً في التعليم يستحق الاهتمام به، والشيء الثالث الذي أشير إليه ولم يقوله لي، أن الغنوشي جاء لمصر مرتين ناصحاً للإخوان المسلمين قبل الانتخابات، أثناء مرحلة الاستفتاء، وقال لهم: “أرجوكم لا تسعوا إلى سلطة ولا للاستحواذ عليها، ولا تفكروا في شيء من هذا القبيل ولا تسعون إليه، لان المنطقة فات اوان التحدث فيها عن حكم ذو طبيعة دينية”، وسمع منهم كلاما عن أن هذه هي الفرصة المتاحة الآن لكي تكون مصر قاعدة تمدد الاسلام السياسي، في محاولة منهم لاستعادة المواقع الضائعة في التنظيم الدولي الذي أسسوه.

وأشار الأستاذ، إلي أن الغنوشي عاد مرة ثانية بعد أن وصل الإخوان للحكم، وحذرهم من الانفراد بالسلطة، وأن هناك قوى كثيرة لن تسمح لهم بذلك من بينها الجيش كونه ضد طبيعة مصر والتي تضم حضارات المنطقة كلها، حيث حاول إقناعهم خلال جلسة كاملة، لكنهم رأوا أنها الفرصة المناسبة للتمكين.

الغنوشي لم يفعل في تونس مثلما فعل حسن البنا، والذي حاول أن يخترق القوات المسلحة والشرطة، فتجربة الغنوشي مختلفة، وبينما كان ما يحدث في مصر فساد كان في تونس فساد دولة قابل للإصلاح، فعندما نتحدث عن فساد الدولة نتحدث عن مجموعة الحكم والمستفيدين منه، وبالتالي تونس الانتقال فيها من نظام إلى نظام يكون أيسر من مصر، لان الفساد في تونس لم يكن بهذه الدرجة من العمق مثلما الحال في مصر، فهناك فرق بين فساد الدولة ودولة الفساد والتي تحتاج تغيير كبير جداً .

وردا على ما يقال، بان فوز السبسي عودة للنظام القديم، قال: أنا أعرفهم كلهم وأعرف السبسي، هؤلاء أناس هم ليسوا اصلح ما يمكن، وإلا أصبحنا نتحدث عن عالم خيالي، نحن نتحدث عن اشياء تستطيع أن تصمد بما لها من كفاءة وليس عليها من شيء، هي عملية إصلاح ترتقي إلى ثورة إصلاحية وليست تغيير شامل وبالتالي هي ليست عودة للماضي ومع حركة الاحتجاجات الكبيرة، وتحت الرماد وميض جمر، وليس حريق، وأعتقد أن في تونس هو انتقال منطقي جداً للانتقال من نظام بن علي إلى نظام جديد لازال يتشكل لكن حجم التغير ليس كبيراً كما هو الحال في مصر .

وحول مدي استفادة تونس من التجربة المصرية خاصة بعد 30 يونيو، أكد أن الغنوشي عندما اختلف مع بورقيبة، هاجر لمدة عشرين عاماً، ولو أن الاخوان تصرفوا في مصر كحزب سياسي بعدما حدث، وذهبوا إلى رابعة واعترفوا بأن لديهم أخطاء، وأن الاخرين تجنوا قليلاً عليهم، لكان الوضع مختلفا، لكنهم ومع الاسف الشديد وكنت أتمنى أن لا يفعلوا هذا، كانت أخطائهم  بعد خروجهم من الحكم أكثر فداحة وفظاعة في حال بقاءهم فيه، فقد تصرفوا بما يؤكد أنهم لا يعرفون معنى السياسة، وقد كان بالإمكان أن نتحدث عن معادلات سياسية، وليست خلافة ومشروعات خارجيه تقودها تركيا .

وفي تونس، القيادة الاسلامية في حزب النهضة متقبلة ما جرى، وتعرف قواعد الديموقراطية، رغم أن بعض قواعدها غاضبة ومتأثرة بالمناخ العام السائد في المنطقة، والغنوشي أدرك ذلك واستدعى بعض الاعضاء، وطالبهم بقبول هذه النتيجة، وفي هذه اللحظة هناك ثمة مهمة رئيسية على هذه القيادة بأن تعلم قواعدها منطق القيادة، وألا تسير في موجتها، وإذا لم يحدث هذا فنحن أمام مشكلة .

وردا على اعتبار ما حدث في تونس ضربة أخيرة لتيار الاسلام السياسي، أبدى الكاتب الكبير، عدم تحمسه لهذا الطرح ومنطق الضربات في الحياة السياسية والعامة، وأن تيار الاسلام السياسي لا يملك رؤية المستقبل ،وأن رؤيتهم متأثرة بأشياء كثيرة، وفي مصر ثبت هذا عمليا، فبتجريد الصورة مما حدث من عنف نجد أن المستقبل ليس هنا.

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على الفيسبوك من هنا