فاطمة خير تكتب: بابا جه.. أزمة الأبوة وحل كوميدي لاختطاف الأب للأبناء

"البلد فيها أزمة أبوة"

جملة قد تبدو عابرة على لسان بطل مسلسل "بابا جه"/ أكرم حسني، لكنها تحمل الكثير من المعنى، الذي يختبئ خلف حوار في ظاهره يرتدي ثوب الكوميديا.

الجملة نفسها في الحلقة الأخيرة هي تعبير عن المحور الأساسي الذي دار حوله المسلسل، والذي استطاع بخفة ظل مناقشة مسألة تمثل أزمة جوهرية في المجتمع المصري، وإن لم تنل القدر الكافي من الانتباه، وهي دور الأب في عصر تتشابك فيه المسميات وتتعقد العلاقات.

وبرغم أن حلقات المسلسل ناقش كلٍ منها زاوية من زوايا معضلات العلاقة بين الأب والأبناء في هذه الأيام، بصورة راقية وعميقة دون الوقوع في فخ "اللطميات"؛ إلا أنه من أكثر ما لفت انتباهي هو واحدة من الحلقات الأخيرة، والتي تم فيها طرح مسألة اختطاف الأب للابن والسفر به كيداً في الأم، وهي الواقعة التي لا يجرمها القانون، على اعتبار أنه لا جريمة حيث لا يخطف الأب الابن، فهو ابنه، حتى ولو كان الطفل في حضانة الأم، وإن بدا أن الواقعة - التي لا يعتبرها القانون اختطافاً- الغرض منها هو حرمان الأم من الطفل.

في الحلقة التي لعبت فيها دور الأم بسنت شوقي، سارت الأحداث بشكل عادي، حيث تطلب الأم تأجير خدمات "بابا جه" لمدة يوم، كي تذهب إلى حفل عيد ميلاد بصحبة ابنها، والبطل (هشام) ستدعي أنه خطيبها، دون أن تدري بأن طليقها ووالد طفلها يراقبهما، ليقوم بخطف الابن، ثم يتصل بها ويبلغها بأنه سيسافر به مع زوجته الجديدة وأنها لن تراه مجدداً.

القصة التي جاءت ضمن أحداث كوميدية في المسلسل، هي واقعية بامتياز، وتتكرر ربما يومياً، حين يقوم أب بخطف طفله ويسافر به قبل أن تتحرك الأم لاستعادة الطفل الذي في حضانتها، هدف الأب يكون هو الكيد في الأم التي تحصل على حضانة الطفل بحكم القانون، الذي يسمح لها بالحضانة حتى سن معين طالما لم تتزوج، وللتحايل على القانون يقوم الأب بتجهيز إجراءات السفر باعتباره الولي القانوني، وفي لحظة واحدة يختفي الطفل ولا تعثر عليه الأم، حتى يأتيها الخبر بأنه أصبح خارج حدود البلاد.

القصة المؤلمة التي تتكرر، تطرق إليها المسلسل دون الإخلال بالإيقاع الضاحك، حيث طرح القضية، ثم لم يتورط في خطاب إنشائي، وإنما حل العقدة في الحلقة بخفة ظل، حين قرر البطل مساعدة الأم باستعادة طفلها المختطف بالطريقة نفسها، حيث خطط معها وشريكه لاختطاف الطفل، ومع مجموعة من المفارقات نجحوا في ذلك.

انتهت العقدة الدرامية للحلقة، لكن في الحياة الواقعية لا تزال أمهات كثيرات مكلومات بسبب اختطاف الأطفال والسفر بهم، وحرمان الأم إلى الأبد من التواصل مع الطفل أو معرفة مكانه في أحيان كثيرة، وربما أن الحل الساخر الذي طرحه المسلسل أراد أن يخفف من ثقل الواقعة التي لا يجرمها القانون حتى الآن.

نرشح لك: فاطمة خير تكتب: إمبراطورية ميم.. مختار أبو المجد VS مفيد أبو الغار

نرشح لك: "بابا جه".. أكرم حسني ربح الرهان