هيكل وشريف عامر.. تفاصيل لقاءات التاسعة صباحًا

سما جابر

علاقة إنسانية “غريبة”، كما وصفها الإعلامي شريف عامر، ربطته بالكاتب الراحل محمد حسنين هيكل في السنوات الأخيرة، لم يستطع الإعلامي تصنيفها؛ هل هي علاقة تلميذ بأستاذه، أم أب بابنه، أم صديق بصديقه؟، لكنه يرى أن الوصف الأخير هو الأقرب إليه، فالصداقة الحقيقية هي ما جمعت “الأستاذ” بـ “شريف عامر”.

“عامر” استعاد ذكرياته مع الكاتب الراحل في ندوة أقامها فريق “إعلام.أورج” للحديث عن حال الميديا في مصر، واختص “عامر” جزءا كبيرا من الحوار بالحديث عن “هيكل”، حيث أكد أنه ظل حوالي عامًا ونصف العام، يحاول اجراء حوار تلفزيوني معه، وطوال تلك الفترة، كان هيكل يضعه في اختبارات غير مباشرة للتأكد من أنه غير محسوب على أي تيار سياسي، ومؤهل لإجراء الحوار معه، أما بعد أن اجتاز تلك الاختبارات، ظهر هيكل بالفعل مع شريف عامر في حوار خاص، خلال الجولة الثانية في فترة الانتخابات الرئاسية عبر شاشة “الحياة”.

أما عن كواليس ما بعد الحوار، روى شريف عامر، أنه كان في مقابلة مع هيكل بمكتبه، ووقتها تلقى “هيكل” مكالمة من أحد الصحفيين، يلومه على ظهوره معه، لكنه رد على هذا الصحفي، مبررًا ظهوره في برنامجه بأنه “صفحة بيضاء لم تلوث”، لافتًا أن هذه الجملة كانت تمثل دعمًا معنويًا كبيرًا بالنسبة له.

شريف عامر - محمد حسنين هيكل (2)
شريف عامر أكّد أنه بعد لحظة معينة من التواصل مع “الأستاذ”، بدأت اللقاءات بينهما تكون شبه يومية، فعندما كان يهاتفه، كان يسأله سؤالًا معتادًا: “هتيجي إمتى؟”، فيحددا موعدًا، وبالفعل كان يذهب له “عامر”، خاصة وأن معظم لقاءاتهم كانت في الصباح الباكر، ووصف “عامر” هيكل، ساخرًا، أنه دائمًا ما كان يستغله في هذه النقطة، لأنه يعلم أنه من المقربين له في “مجال الذين يستيقظون مبكرًا”، وهذا ما كان يحبه، فهو يرى أن أحد معايير النجاح الاستيقاظ مبكرًا، مُتابعًا، أنه دائمًا ما كان يذهب إليه في تمام التاسعة صباحًا في فصل الصيف، وفي الشتاء كان يستأذنه بالتأخر قليلًا بسبب زحمة الطرق، فكان يذهب إليه في التاسعة والنصف. وأوضح عامر، أن اللقاءات لم تقتصر عليهما الاثنين فقط، لكنها امتدت أحيانا لتشمل زوجته وأبناءه، سواء في بيته الريفي أو في الغردقة أو حتى العاصمة البريطانية، وكان في هذه اللقاءات، والسيدة زوجته، شديدا الحميمية معهم، فكان يحرضهم على الحرية، ويدخل مع ابنه الأكبر في نقاش حول مزايا الوجود في العاصمة البريطانية.

وكشف “عامر” عن تفاصيل زياراته لهيكل في لندن، واصفًا إياها بأنها كانت “كذبة” متفق عليها بين أسرته، وكان يتم تصديقها، فكان يسافر في الصيف خلال العامين الماضيين، بحجة اطمئنانه على ابنه الذي يدرس هناك، لكنه في واقع الأمر كان يسافر لمقابلة “الأستاذ” حسنين هيكل والاطمئنان عليه، مُشيرًا أن أسرته -وكذلك هيكل- كانوا يعلمون السبب الحقيقي للسفر، لكنهم صدّقوا “الكذبة”، مُضيفًا: “كان يوحشني دائمًا على المستوى الإنساني، وكانت له طقوس معينة، فكان يقول لي إنه سيسافر، ليجعلني أقول إني سأذهب إليه وأقابله هناك.. كان غريبًا جدًا معي، فإذا اختفيت في أحد الأيام ولم أقدم برنامجي بسبب أي ظرف طارئ، اتصل بي ليطمئن عليّ وعلى أسرتي، فهو كان متابعا لي بشكل جيد، كذلك لم أتلق ملاحظات عن المظهر والحركة والأداء الانفعالي أمام الكاميرا إلا منه ومن والدي، ورغم أن علاقتهم ليست متقاربة، إلا أنني في يوم قلت له إنني أشك في أنه “يتفق مع أبويا ح يقولوا لي إيه!””.

أما عن أهم هدايا “هيكل” له، قال “عامر” إنهما متشابهان في حبهما للأشجار، فقبل انتقاله -عامر- إلى منزل جديد، كان يجلس عند هيكل في حديقة منزله، وأبدى إعجابه بإحدى الأشجار، فأهداه هيكل واحدة من هذا النوع الذي يسمى “ديل القط” وقام بزراعتها في منزله الجديد، لافتًا أن الشجرة بدأت تزهر بعد وفاة هيكل بيوم واحد فقط، مُضيفًا أنه كان محبًا جدًا للأشجار وكان يمتلك أشجارًا من كل أنحاء العالم، وعندما كان يسأله عن نوع معين، كان يقول له بتواضع شديد “زي دي؟”، فحبه واقتنائه للأنواع النادرة من الأشجار كان “بيعقدني”، بحسب قوله.

شريف عامر واصل حديثه عن هيكل، لافتًا أن من أهم الدروس التي تعلمها من الكاتب الكبير، هو أن يتقن ما يفعله، حتى ولو بدا ذلك مزعجًا للآخرين، سواء منافسين أو عاملين معه، مُضيفًا: “في كثير من الأوقات كنت أسأل الأستاذ عن تصرفات أو قرارات مهنية مصيرية بالنسبة لي، فكان شريكًا أساسيًا في خطوة الانتقال من “الحياة” إلى “mbc مصر”، ورغم إبدائه تخوفات من الانتقال، ناقشها تفصيليًا معي، إلا أنه دعّم الخطوة في النهاية، وبعد الأسبوع الأول من خروج البرنامج على الهواء، قال لي: مبروك”.

شريف عامر - محمد حسنين هيكل (1)
أما عن ادعاء البعض عقب وفاته أنهم كانوا من الأصدقاء المقربين منه وعلى تواصل دائم معه، قال شريف عامر إن “الأستاذ هيكل قابل كل من طلب لقاءه، وكان يعلم دائمًا من سيقترب، ومن سيبتعد بقرار منه، أما أنا، فلم أكن أحرص كثيرًا على التواجد حوله في مناسبات عامة، وأخبرته بذلك صراحة، لأن هناك دائمًا شبهة استغلال التواجد معه في إطار واحد، وهو ما لم يكن أبدًا جزءًا من هذه العلاقة”.

وفي سياق حديثه عن الراحل، رفض شريف عامر فكرة إنتاج مسلسل درامي عن قصة حياته، مُشيرًا إلى أن العمل الوثائقي هو الأنسب لمحاكاة شخصيته، متمنيًا أن يكون أحد المشاركين في هذا العمل، إذا تم إنتاجه بالفعل.

واختتم “عامر” حديثه عن “الأستاذ”، حيث روى تفاصيل اللقاء قبل الأخير الذي جمعهما ولن ينساه، حيث سأله “هيكل” بشكل غير معتاد: ‏”عندك خبر مدهش؟”، ثم كرر التعبير باللغة الإنجليزية قائلًا: “?earth shaking news” -بمعنى خبر يزلزل الأرض؟، فرد عليه “عامر”، إن هذه النوعية من الأخبار تكون عند “هيكل الأستاذ” فقط، ليرد عليه الكاتب الراحل: “ما يُزلزل الأرض عندي لم أكشفه، وسيرحل معي”.

ندوة شريف عامر 6
شريف عامر مع الزميلة سما جابر

نرشح لك : شريف عامر : هؤلاء الأربعة وراء نجاح يحدث في مصر (1-2)

اقرأ أيضًا:

75 صورة لمحمد حسنين هيكل ترصد تاريخ العرب

42 معلومة تجعل هيكل الصحفي الأهم في تاريخ الصحافة العربية

هؤلاء جسدوا هيكل على الشاشة

هؤلاء يتحدثون عن هيكل

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا