فادي عاكوم
أفتخر بأني أنتمي لجيل الصحافيين الذين فرضت عليهم الظروف استعمال الكاميرا لنقل الصورة والخبر معا، حينها كانت الأمور ورغم صعوبتها لكنها كانت جميلة بعد نشر الكلام والصورة معا، وأحيانا كانت هيئة التحرير تكتفي بالصورة فقط لأنها كانت فعلا تعبر عن ألف كلمة.
في ذلك الوقت كان الحصول على الكاميرا أساسا يعتبر من الرفاهيات لأي صحافي، ومن امتلكها لحسابه الشخصي كان ينظر إليه بأنه من الطبقة البرجوازية الصحافية، أما من تزوده صحيفته أو مجلته بالكاميرا فهذا يدل إما أنه من المحظيين أو على درجة كبيرة من الحرفية وأنه فرض نفسه لينال هذه الحظوة.
وقتها كانت الكاميرا كنز لا يقدر بثمن وكانت آليات الحصول على الصور معقدة، والتقاط الصور كان بحساب فلو كنت تصور على حساب الوسيلة التي تمثلها فإنك تلتزم بعدد معين وتخاف بأن لا تتطابق الصور للمعايير الصحافية وعندها ستغرم ثمن الأفلام والتحميض والطباعة، أما لو كنت متعاقد "بلغة اليوم فري لانسر" فستكون حريصا بأن لا تنثر أموالك في الهواء مقابل صور لا قيمة لها.
فرحلة الصورة كانت تمر بشراء الفيلم ودقة وضعه بالكاميرا وبعدها عدم التسرع بالتقاط الصورة ثم تحميضها وطبعها، والعثرة الأكبر كانت بعرضها على رئيس القسم وبعدها على هيئة التحرير للموافقة على النشر من عدمه، فكم وكم من صور التقطت وكان مصيرها التمزيق أو بأحلى الحالات النقل إلى الأرشيف.
هذه المقدمة كان لا بد منها في ظل استسهال التقاط الصور من خلال كاميرا الموبايل وإرسالها في نفس الوقت إلى محرر بأحد المواقع وصفحات السوشيال ميديا والذي لا هم له إلا زيادة الزيارات أو "الريتش" وكسب بعض الأموال مقابل صورة تافهة تنتهك الخصوصية ولا قيمة صحافية لها.
حتى في ذلك الوقت "القديم نسبيا" كانت صور البابارتزي تخضع لضوابط، فرغم أنها كانت صور فضائح لكنها وقتها كانت فضائح فعلية أي الكشف عن زيارات سرية وعلاقات بعيدة عن الإعلام، أما ما يحصل اليوم من خلال تصوير شخص ينعى أو يتلقى العزاء بوالده أو والدته، أو التركيز على الجسد الذي قد يظهر بحركة من شخص ما أن رجل أو امرأة، فهو عبث دون شك.
وفي ظل طفرة التصوير المباح فالحل المتاح من شقين، الأول التزام الوسائل الإعلامية بالمعايير الصحافية التي تضع السمعة والكرامة والمهنية قبل أي شيء، والثاني إلزام أصحاب صفحات التواصل الاجتماعي بالمعايير باعتبارها وسيلة إعلام جديدة لا يمكن نكرانها وهذا ما يستلزم تدخل حكومي للمراقبة أو تخصيص غرفة بنقابة الصحافيين لمراقبة الحالات المشابهة إن كان بالصورة أو الخبر نفسه.
ما حصل مع الفنانة ريهام عبد الغفور لا يبتعد عن الذي حصل مع الفنان أحمد الفيشاوي، فمن الذي أوكل المصور بالمهمة، ومن الذي أباح النشر، فالمحاسبة لا يجب أن تكال للمصور فقط بل كل الهرمية التحريرية حتى يتم ضبط المهزلة الكبيرة التي لم تعد حكرا على بلد واحد بل أصبحت ظاهرة منتشرة في كافة المنطقة.
نرشح لك: أول تحرك من "المهن التمثيلية" بعد واقعة تصوير ريهام عبد الغفور