يُعرض في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة.. أبرز المعلومات عن فيلم "ثريا حبي"
لينا رحمو
يشارك الفيلم الوثائقي اللبناني "ثريا حبي" ضمن أفلام المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في دورته السادسة والأربعين، المقرر إقامتها في الفترة من 12 إلى 21 نوفمبر 2025.
الفيلم الوثائقي اللبناني "ثريا حبي" من إخراج نيقولا خوري، ويتناول حياة فنانة لبنانية وعلاقتها بزوجها المخرج الراحل مارون بغدادي، الحائز على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان (كان) السينمائي الدولي عام 1991 عن فيلمه "خارج الحياة"، وهو فيلم حساس يدخل في حياة وحب امرأة وفنانة من لبنان.
ثريا حبي" عالم يفيض بالسينما والتأمل
ويدعو فيلم "ثريا حبي" إلى التوغل في العالم الخاص لثريا بغدادي، وهو عالم يفيض بالرقص والسينما والتأمل والذكريات والانكفاء نحو الداخل عالم لا يزال نابضا بحضور زوجها الراحل المخرج اللبناني المرموق مارون بغدادي.
فقد بدأت قصتهما عام 1981 أثناء تصوير فيلم "حروب صغيرة" في بيروت الممزقة بالحرب، حيث أدت ثريا الدور الرئيسي. وبعد عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي، انتقلا إلى باريس وبدأمعا حياة جديدة. لكن في ديسمبر 1993، رحل مارون فجأة وبشكل غامض، بينما كانت ثريا تنتظر مولودهما الثالث.
اليوم، وبعد مرور ثلاثة عقود، تعود ثريا لتتأمل شظايا حياة توقفت يوما ما، من خلال أحادیث بعيدة وأرشيفات حميمة ولحظات من التأمل، تتكشف قصة حب تكشف هشاشة العلاقة التي شكلها الحضور، وربما بعمق أكبر ف أكبر، الغياب.
"ثريا حبي" بدأ بانجذاب المخرج لشخصية ثريا بغدادي بعد 30 عامًا من رحيل زوجها
من جانبه، قال المخرج إنه فــي ديســمبر 2021 حضــر عرًضًــا فــي بيــروت لفيلــم "مُر مـّم" مــن أعمــال مـارون بغـدادي. وتوّقّع فقـط أن يسـتعيد إرث مخـرج لطالمـا أحبه، لكـن مـا أثـر فيه حقـًا كان الحضـور الصامـت لزوجتـه ثريـا بغـدادي، التـي جـاءت إلـى العـرض بعـد ثالثيـن عامـًا مـن رحيـل مـارون المفاجـئ والمأسـاوي.
وقال إنه كان فـي حضورهـا شـيءٌ آسـر، مزيـج مـن الأناقـة والغمـوض والقـوة الهادئـة، لذا شــعر بانجــذاٍبٍ نحوهــا، ليــس فقــط بوصفهــا زوجــة شــخصية أســطورية، بــل كامــرأة تحمــل حكايتهــا الخاصــة. فتواصل معهــا فــي باريــس، ومــا بــدأ
كمحادثــة بســيطة تحــّوّل إلــى حــوار متــدّرّج ومتشــّعّب بيــن جيليــن: جيلهــا وجيلــه
الفيلم كان فرصة لثريا بغدادي لتعيد اكتشاف ذاتها
أضاف أن مــن خلال سلســلة مــن اللقــاءات المســّجّلة عبــر الإنترنــت، طرحوا أســئلة تتجــاوز الزمــان والمــكان: هل الحّبّ أسطورة أم مرآة؟ مالذ أم سجن؟ هل هو طريٌقٌ للانصهار أم قوة تدفعنا للنهوض من جديد؟.
أضاف: "فـوق كل شـيء، كان هـذا الفيلـم دعـوًةً لثريـا لتسـتعيد السـرد الـذي يخّصّهـا وحدهــا. ومــع عودتهــا إلــى أرشــيفها وذكرياتهــا وصمــت المســافات بينهــا، بـدأت تتحـّوّل وتعيـد اكتشـاف ذاتهـا، وقادنـا هـذا المسـار فـي النهايـة إلـى بيـروت، حيـث التقـت الكاميـرا بهـا أخيـًرًا. وفـي تلـك اللحظـة، حـدث تغيّر خفـّيّ لهـا، ولـي. لحظـة تحـّرّر مشـتركة".
من هي ثريا بغدادي؟
ولــدت ثريــا بغــدادي فــي بيــروت لأب لبنانــي وأم نمســاوية. نشــأت بيــن جنــوب لبنــان وفيينــا فــي بيئــة متعــددة الثقافــات، مــا جعلهــا تتقـن أربـع لغـات وتمـزج مبكـًرًا بيـن إرثهـا الشـرقي والغربـي.
درسـت "بغدادي" الباليـه والرقـص الحديـث قبـل انضمامهـا إلـى فرقـة كـركال فـي عـام1975 حيــث شــاركت فــي جــوالت عالميــة قّدّمــت خاللهــا عروًضًــا علــى أهــم المســارح، مــن دمشــق وبغــداد وقرطــاج، إلــى لنــدن وباريس ونيويورك، وومونتريــال وموســكو وريــو دي جانيــرو وغيرهــا.
فــي عــام 1982 شــاركت فــي مهرجــان كاّنّ الســينمائي بفيلــم "حــروب صغيــرة" مــن إخــراج مــارون بغــدادي، الــذي أّدّت فيــه الــدور الرئيســي، وتخّرّجــت فــي العــام التالــي كمهندســة داخليــة مــن كليــة الفنــون الجميلــة فــي جامعــة الكســليك فــي لبنــان. بعــد انتقالهــا إلــى باريـس عـام 1984.
واصلـت مسـيرتها فـي الرقـص الحديـث مـع بيتـرغــوس، ثــم أسســت عــام 1989 مركــز الرقصــات الشــرقية، الــذي جمــع راقصيــن وموســيقيين مــن الشـرق والغـرب فـي فضـاء للتبـادل الفنـي والثقافـي مـن خالل ورش عمــل وعــروض مــع فرقــة Cie & Bûrak.
فـي عـام ،1996 تابعـت دراسـتها فـي مجـال الـعالج الفاشـيوثيرابي، والتربيــة الإدراكيــة، لُتُطلــق مفهــوم الــعالج بالحركــة الشــرقية، وفـي عـام 2013 عـادت إلـى التمثيـل، مسـتأنفًةً رحلتهـا الإبداعيـة التـي تمـزج بيـن الجسـد والذاكـرة والفـن.
كيف تحول فن مارون بغدادي إلى توئيق للحرب الأهلية اللبنانية؟
يُعــّدّ مــارون بغــدادي أحــد أبــرز المخرجيــن اللبنانييــن فـي السـبعينيات والثمانينيـات. أخـرج أكثـر مـن عشـرين
فيلمـًا، بيــن الوثائقــي والروائــي، قبــل أن يبلــغ الثانيــة والأربعيـن مـن عمـره، وتحتـوي أعمالـه علـى بعـض مـن
أنــدر الصــور الســينمائية التــي وّثّقــت الحــرب الأهليــة اللبنانيــة.
تحــّوّل مــارون إلــى أيقونــة فــي المشــهد الثقافــي اللبنانــي، ليــس فقــط لشــخصيته الكاريزميــة وانخراطــه
السياســي وغــزارة إنتاجــه الســينمائي، الــذي حصــد عنـه جوائـز فـي مهرجـان كاّن،ّ بـل أيضًا للغمـوض الـذي
أحــاط بوفاتــه المفاجئــة عــام .1993
ُوُلـد فـي بيـروت عـام ،1950 وبـدأ دراسـته فـي مجـال الصحافــة والعلــوم السياســية. بعــد عــام قضــاه فــي
الواليـات المتحـدة، عمـل خاللـه مـع مخرجيـن عالمييـن مثــل فرانســيس فــورد كوبــوال ومارتــن سكورســيزي،
انتقــل إلــى باريــس للدراســة فــي المعهــد العالــي للدراســات الســينمائية.
عكســت أفلام "بغــدادي" دائًمًــا أثــر الحــرب الأهليــة المسـتمرة علـى لبنـان وشـعبه.. وفـاز بجائـزة لجنـة التحكيـم الخاصـة عن فيلمه " Hors la vie"فــي مهرجــان كان الســينمائي. تــرك مــارون بغــدادي إرثـًا سـينمائًيًا لا يـزال حتـى اليـوم مصـدر إلهـام لصنـّاع الســينما اللبنانييــن ولجمهــور واســع حــول العالــم.
كيف جعل المخرج من عملية صنع الفيلم تجربة وثائقية فريدة؟
قال المخرج نيقولا خوري إن عمليــة صناعــة الفيلــم طويلــة وغامــرة، رحلــة بيــن الأرشــيف الشــخصي، والمكالمــات المســّجّلة، والرســائل القديمــة، واللقطــات الســينمائية المتفرقــة. كل قطعــة كانــت تحمــل إيقاعهــا وملمســها الخــاص، وكان التحــّدّي أن ننســجها معـًا بطريقــة تتيــح لهــا أن تتحــاور، ال أن ُتُدمــج فقــط... ف، الانتقاالت لم تكن قرارات تقنية، بل عاطفية، طرائق للعبور بين الزمن والذاكرة والعوالم الداخلية
الإنجليزية والفرنسية والعربية.. الفيلم تُرجم لثلاث لغات مختلفة
فيلم "ثريا حبي" فيلم وثائقي طويل مدة العرض 77 دقيقة، ناطق باللغتين: الفرنسية والعربية، مترجم إلى: الإنجليزية، الفرنسية، العربية. "ثريا حبي" كتابة وإخراج نيكولا خوري، وبطولة ثريا بغدادي، والكتابة بالتعاون مع ثريا بغدادي ورسائل مارون بغدادي.
الفيلم من إنتاج جانا وهبة (The Attic Productions) وبمشاركة في الإنتاج من آية البلوشي، مارين فيايان، وثريا بغدادي. تولّت شيرين دبس المونتاج، وآلان دونيو إدارة التصوير.