أسماء مندور
شهدت مدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية أزمة متجددة هذا العام في قطاع التعليم، بعد أن انفجرت مشكلة نقص المدارس التجريبية للغات التي باتت مطلبًا رئيسيًا لآلاف الأسر الباحثة عن تعليم متميز لأبنائها، وبتكاليف مادية محدودة.
فبالرغم من النمو السكاني المتزايد واتساع رقعة المدينة، لا تزال مدينة كفر الزيات تضم مدرسة تجريبية واحدة فقط داخل نطاقها، وهو ما ألقى بظلاله الثقيلة على أولياء الأمور وأطفالهم هذا العام.
أزمة نقل تثير الغضب
الأزمة تفجّرت بشكل أوضح مع قرار نقل ملفات الأطفال من الفصول الملحقة بمدرسة النصر الابتدائية بكفر الزيات إلى مدرسة كفر حشاد الرسمية لغات بدلًا من مدرسة عمر بن الخطاب الرسمية لغات، وهو ما تسبب في حالة استياء واسعة بين الأهالي، الذين اعتبروا القرار مفاجئاً ويزيد من معاناتهم المادية.
كثير من أولياء الأمور أكدوا أن نقل الأطفال إلى مدرسة بعيدة عن أماكن سكنهم يزيد من الأعباء المادية عليهم، فضلاً عن التأثير النفسي على الطلاب، لا سيما مع صغر سن الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 8 سنوات.
ورغم جودة التجهيزات في مدرسة كفر حشاد، إلا أن الأسر المتضررة اعتبرت القرار تعسفيًا ويضاعف من معاناتهم اليومية، خاصة مع ارتفاع تكاليف المواصلات، حتى أن بعضهم وصف القرار بأنه لا يراعي ظروفهم الاجتماعية والنفسية.
أرقام تكشف الفجوة
وفقًا للتعداد التقديري للسكان الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير 2025، يبلغ عدد سكان مدينة كفر الزيات (الحضر فقط) أكثر من 87 ألف نسمة، فيما يزيد عدد سكان المناطق الريفية التابعة لها عن 408 آلاف نسمة، ليصل إجمالي التعداد السكاني لمركز ومدينة كفر الزيات إلى ما يزيد عن 495 ألف نسمة.
ورغم هذا الثقل السكاني الكبير، فإن وجود مدرسة تجريبية واحدة فقط داخل نطاق المدينة لا يتناسب بأي شكل مع حجم الكثافة السكانية، الأمر الذي يوضح حجم الفجوة بين احتياجات الأهالي والقدرات الفعلية للبنية التعليمية في المنطقة.
من جانبه، قال الأستاذ محمد عبدالعزيز لاطه، مدير مدرسة عمر بن الخطاب الرسمية لغات، إن الكثافة داخل فصول مدرسته وصلت إلى خمسين طالبًا، متجاوزةً الحد الأقصى المسموح به في المدارس التجريبية، والذي ينبغي ألا يزيد عن 42 طالبًا، بينما يُفترض أن يكون في حدود 36 فقط.
نرشح لك: للنصب والاحتيال.. تفاصيل ضبط صاحب كيان تعليمي غير مرخص
أوضح كذلك أن أزمة مدرسة كفر حشاد فاقمت الوضع، إذ لجأ أغلب أولياء الأمور إليه لنقل أبنائهم إلى مدرسته، هروبًا من بُعد المسافة وما يفرضه من أعباء مالية وصعوبة في توفير وسائل نقل منتظمة للأطفال، مضيفًا أن كثيرًا من الأهالي لم يكونوا يعرفون منطقة كفر حشاد من الأساس، لكن رغم تفهمه لمشكلاتهم، لم يكن بوسعه الاستجابة، نظرًا لتكدس فصوله بالفعل.
ضغط متزايد وكثافة مرتفعة
بالرغم من أن مركز كفر الزيات يضم أربع مدارس تجريبية؛ مدارس (إبيار، أبو الغر، كفر حشاد، وعمر بن الخطاب)، لكن الضغط الأكبر يتركز على مدرسة عمر بن الخطاب، باعتبارها المدرسة الوحيدة الواقعة داخل نطاق المدينة، في حين تقع المدارس الثلاث الأخرى داخل قرى تابعة، ما يجعل الوصول إليها أكثر صعوبة بالنسبة لأهالي الحضر وأهالي بعض القرى التابعة أيضًا.
في هذا السياق، أشار أستاذ محمد لاطه إلى أن وجود مدرسة تجريبية وحيدة داخل نطاق مدينة كفر الزيات لم يعد كافيًا أمام تزايد رغبة الأهالي في التعليم التجريبي، سواء من سكان المدينة أو من القرى المجاورة التي يسعى أهلها لإلحاق أبنائهم بمدارس المدينة.
وكشف أيضًا أن مدرسته يفترض أن تخدم المراحل التعليمية الثلاث؛ الابتدائية والإعدادية والثانوية، غير أن ضغط الكثافة الطلابية لديه حال دون استقبال طلاب المرحلة الثانوية، الذين يتم تحويلهم تلقائيًا إلى مدرسة إبيار التجريبية، وباتت المدرسة، عمليًا، مقتصرة على المرحلتين الابتدائية والإعدادية فقط.
وفي سياق مطالبه المتكررة بضرورة إنشاء مدرسة تجريبية جديدة داخل مدينة كفر الزيات، أوضح أنه اقترح على الجهات التعليمية بناء مبنى إضافي داخل المساحة الخالية بفناء مدرسة عمر بن الخطاب، غير أن طلبه قوبل بالرفض بحجة أن المبنى سيقلص مساحة الفناء المخصصة للأنشطة الرياضية، وهو ما اعتُبر عائقًا أمام التنفيذ.
إدارة المدرسة ترد
من جانبها، أكدت الأستاذة ماجدة عبدالعزيز، مديرة مدرسة كفر حشاد الرسمية للغات، أن المدرسة التي افتُتحت العام الماضي مجهزة على أعلى مستوى وفق أحدث المعايير التعليمية، مشيرةً إلى أن كثير من أولياء الأمور أشادوا بمستوى التجهيزات والنظافة داخلها، وصولًا للإشادة بحسن خلق وكفاءة المعلمين وجميع العاملين والإداريين بالمدرسة.
وأوضحت أن الأزمة لا تتعلق بجودة المدرسة نفسها، بل بموقعها الجغرافي، إذ إن بعض الأسر كانت تفضل التحويل إلى مدرسة عمر بن الخطاب لاقترابها من مناطق سكنهم، مضيفةً أن بُعد المسافة وصعوبة توفير باصات لنقل الطلاب هما العاملان الرئيسيان وراء اعتراض الأهالي.
وختامًا، يرى أولياء الأمور أن الحل يبدأ بقرار استراتيجي حاسم من وزارة التربية والتعليم لإنشاء مدرسة تجريبية جديدة في مدينة كفر الزيات خلال فترة زمنية محددة، مع إعادة النظر في سياسات النقل العشوائي للطلاب، فيما يدعو مدراء المدارس والإدارة التعليمية إلى تبني خطة عاجلة لمواجهة الكثافة الطلابية عبر زيادة الفصول والمعلمين، إلى جانب خطة طويلة الأمد تضمن التوزيع الملائم للمدارس ضمن نطاق المدينة.