رد الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، على الشائعات التي ترددت مؤخرًا حول سرقة الأعضاء ودور وزارة الصحة المصرية في مواجهتها.
وقال "عبدالغفار" خلال منشور عبر الصفحة الرسمية لوزارة الصحة على "فيس بوك"، إنه في عصر وسائل التواصل السريع تتجدد من حين لآخر شائعات مرعبة تثير الذعر بين الآسر، خاصة المتعلقة بعصابات منظمة تخطف الأطفال لقتلهم وبيع أعضائهم للأثرياء، أو تستغل المرضى أثناء التخدير في المستشفيات لسرقة أعضائهم، مثل الكلى، لاستخدامها في عمليات زرع الأعضاء.
أوضح أن هذه الادعاءات ليست جديدة، إذ إنها جزء من أساطير حضرية عالمية تعود إلى عقود، لكنها تؤثر على الرأي العام وتثير مخاوف غير مبررة، مشيرا إلى أنه من الناحية الطبية الادعاء بسرقة أي عضو أثناء عملية جراحية أثناء التخدير أمر مستحيل عملياً وعلمياً، فعملية إزالة الكلية، على سبيل المثال، تتطلب جراحة كبرى تستغرق ساعات وتشمل شقاً كبيراً في الجسم يصل إلى حوالي 15-20 سم، واستخدام أدوات متخصصة مثل المشابك الوعائية والأجهزة الجراحية الدقيقة، بالإضافة إلى فريق طبي كامل يشمل جراحين وممرضين وأخصائي تخدير.
أضاف أن الشق الجراحي يترك ندوباً واضحة ويسبب ألماً شديداً وفقداناً للوظيفة الجسدية، ما يجعل المريض يلاحظ التغيير فور استيقاظه، مؤكدًا أن الحفاظ على العضو المزال يتطلب تخزينه فورياً في محلول بارد خاص وزرعه بسرعة خلال فترة زمنية من 12 إلى 18 ساعة، ولا تزيد عن 36 ساعة، وإلا تفشل عملية الزرع، وهو أمر لا يمكن إخفاؤه في بيئة مستشفى خاضعة للرقابة.
كما أن زراعة الأعضاء تتطلب تطابقاً دقيقاً بين المتبرع والمتلقي، مثل فصيلة الدم والأنسجة، وهو أمر معقد يستغرق أسابيع من التحاليل، ولا يمكن إجراؤه عشوائياً من قبل أي "عصابات"، مضيفا أن الادعاءات عن خطف الأطفال وقتلهم لأعضائهم أكثر استحالة، إذ يتطلب قتل الطفل في ظروف سريرية للحفاظ على الأعضاء، وهو أمر يتجاوز قدرات أي جهة خارج الإطار الطبي الرسمي.
وحول تجارة الأعضاء غير الشرعية، أكد عبدالغفار أنها موجودة عالمياً لكنها تختلف جذرياً عن الشائعات المنتشرة، مشيرا إلى أن منظمة الصحة العالمية توضح أن هناك نقصاً عالمياً في الأعضاء المتاحة للزرع، حيث يحتاج ملايين المرضى إلى كلى أو كبد، بينما المتبرعون الشرعيون قليلون، مما يدفع بعض الأفراد إلى بيع أعضائهم طوعاً تحت ضغط اقتصادي.
أضاف أن منظمة الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات توضح أن الاتجار بالأعضاء غالباً ما يحدث عبر الخداع، مثل إقناع الفقراء أو اللاجئين ببيع كليتهم مقابل مبالغ مالية صغيرة، ولا يتم عبر خطف وقتل عشوائي، وهذه التجارة غالباً ما تركز على اللاجئين والمهاجرين الذين يُقنعون ببيع أعضائهم لتمويل رحلاتهم إلى أوروبا تحت إكراه أو وعود كاذبة.
أما عن دور وزارة الصحة في مواجهة هذه الشائعات، قال "عبدالغفار" إن الوزارة تلعب دوراً محورياً عبر نظام رقابي متكامل وردود فورية تعتمد على التحقق الرسمي، وقد أحرزت الوزارة تقدماً كبيراً منذ سن قانون زرع الأعضاء رقم 5 لسنة 2010، الذي يمنع التجارة بالأعضاء ويعاقب عليها بالسجن المؤبد، كما تتعاون الوزارة مع منظمة الصحة العالمية في حملات توعية لتشجيع التبرع الشرعي وتعزيز الرقابة على المستشفيات لضمان الامتثال للمبادئ الأخلاقية، مشيرًا إلى أن الوزارة أطلقت في 2024 برنامجاً تدريبياً بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة لكشف حالات الاتجار بين المهاجرين، مما يعزز قدراتها على منع الاستغلال.
أكد أن الحقائق العلمية والرسمية تثبت أن شائعات سرقة الأعضاء هي أساطير غير مدعومة، تهدف إلى إثارة الخوف أكثر من نقل الحقيقة، داعياً الجمهور إلى عدم الاستسلام لهذه الادعاءات والتحقق من المصادر الرسمية، مثل موقع وزارة الصحة أو منظمة الصحة العالمية، مؤكدًا أن الوزارة تؤكد دورها من خلال الرد السريع، والإجراءات القانونية، والتعاون الدولي، بما يحمي المجتمع ويشجع على التبرع الشرعي الذي ينقذ حياة آلاف المصريين سنوياً.