أحمد عصمت يكتب: الشعبوية تغرق العالم فى خطر التضليل الإعلامي

قراءة في تقرير معهد رويترز

صدرت نسخة 2025 من تقرير Digital News Report عن معهد رويترز بجامعة أكسفورد الانجليزية. اشتمل التقرير على أكثر من مبحث نركز هنا على التضليل الإعلامي والتعامل مع الاخبار والمعلومات. يأتي تقرير هذا العام في وقت يشهد حالة من عدم اليقين السياسي والهزات الاقتصادية العميقة، وتغير خريطة التحالفات الجغرافية السياسية، ناهيك عن الانهيار المناخي واستمرار النزاعات المدمرة حول العالم.


أما على صعيد صناعة الاعلام والترفيه؛ أدي التحول المتسارع نحو الاستهلاك المعلوماتى والخبرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو إلى تقليص تأثير ”الصحافة المؤسسية“ بشكل كبير، ويزيد من تأثير البودكاست، ويوتيوب، وتيك توك.

كذلك فإن صعود السياسيون والشخصيات الشعبوية في جميع أنحاء العالم وأعتمادهم على وسائل الاعلام الجديدة فأصبحوا قادرين بشكل متزايد على تجاوز الصحافة التقليدية لصالح وسائل الإعلام الحزبية/ الصديقة/ المؤدلجة و”الشخصيات“ و”المؤثرين“ الذين غالبًا ما يحصلون على خوارزميات وصول خاصه ولكن نادرًا ما يطرحون أسئلة صعبة، مع تورط العديد منهم في نشر روايات كاذبة أو ما هو أسوأ من ذلك.

ولعل أبرز النقاط الذى جاءت فى هذا الصدد:

أظهر الاستطلاع أن أكثر من نصف المشاركين عالميًا (58%) قلقون بشأن التمييز بين الأخبار الحقيقية والمزيفة على الإنترنت، وهي نسبة أعلى بأربع نقاط عن العام الماضى. وتتصدر إفريقيا (73%) والولايات المتحدة (73%) مستويات القلق، بينما تسجل أوروبا أدنى نسبة (54%).

أبدت منظمات دولية عديدة قلقها من تأثير انتشار المعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية على المجتمعات والديمقراطيات حول العالم، وأكد التقرير على ما جاء فى تقرير المخاطر العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025 حيث صنف التضليل والمعلومات الكاذبة كأخطر التهديدات في العامين المقبلين، مع التركيز على مخاطر التزييف بالذكاء الاصطناعي وتراجع الثقة بالمؤسسات.


يرى المستجيبون في العديد من الدول أن السياسيين البارزين يشكلون التهديد الأكبر، وخاصة في الولايات المتحدة حيث اتبع دونالد ترامب استراتيجية نشر معلومات مضللة واسعة النطاق، مستخدمًا مصطلح "الأخبار الكاذبة" لتشويه سمعة وسائل الإعلام المنتقدة له.

يتزايد القلق في دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأجزاء من آسيا من دور المؤثرين والشخصيات الرقمية، حيث كشفت تقارير عن توظيف مؤثرين من قبل أحزاب سياسية لنشر روايات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي.

نسبة كبيرة من المشاركين فى التقرير (32%) تعتقد أن الصحفيين جزء أساسي من مشكلة المعلومات المضللة، خاصة في الدول التي يُنظر فيها للإعلام التقليدي على أنه خاضع لأجندات قوية، وفي الأسواق المستقطبة مثل الولايات المتحدة حيث يرى اليمينيون الإعلام كمصدر تهديد متعمد للمعلومات. وهى نسبة كبيرة تمثل ثلث المشاركين.

ذكر التقرير ان 11% فقط يرون أن الأصدقاء والعائلة يساهمون في نشر المعلومات المضللة، وهى نسبة أقل من الاعوام السابقة.


بشكل عام وعبر الدول المختلفة أكد المشاريكون بنسب مختلفة أنهم يعتبرون منصات فيسبوك وتيك توك أكبر مصادر تهديد لنشر المعلومات المضللة، حيث تصدرتا المخاوف العامة منذ سنوات، بينما برزت تيك توك مؤخرًا كمنصة رئيسية لهذا النوع من التهديد، مع اعتبار منصة X (تويتر سابقًا) تهديدًا مماثلًا في ألمانيا، أيرلندا، والمملكة المتحدة بسبب ضعف الإشراف وتدخلات المالك في السياسة المحلية.

أكد المشاركون من الهند إلى ان تطبيقات المراسلة مثل واتساب أدت الأخبار الكاذبة المتداولة عبر واتساب إلى أعمال عنف جماعي في الماضي.

لم يتوقف التقرير عند بحث أساليب انتشار الخلل المعلومات ولكنه استكشف كذلك هذا العام التكتيكات والأساليب التي يستخدمها الجمهور عندما يريدون التحقق من المعلومات التي يعتقدون أنها قد تكون خاطئة. وكانت أبرز النتائج:

عند التحقق من صحة المعلومات المشكوك فيها، يلجأ معظم الناس أولًا إلى وسائل الإعلام الموثوقة (38%)، ثم المصادر الرسمية (35%)، ثم مدققى الحقائق (25%)، بينما يلجأ 14% فقط إلى وسائل التواصل الاجتماعي وهم من المستخدمين الأصغر سناً.

محركات البحث (33%) تُستخدم أيضًا للتحقق من المعلومات بهدف الوصول لمصادر المعلومات وغالباً ما تكون تلك المصادر متوافقه مع التوجهات الفكرية والحزبية بما يشكل فقاعات معلوماتيه.

فى المجمل أفاد التقرير إلى تراجع الثقة فى الأخبار مما يؤدى لتصاعد القلق من المعلومات المضللة ولتراجع دور المؤسسات الاعلامية بشكلها المعروف مقابل زيادة فى استخدام منصات التواصل الاجتماعى والتطبيقات الحديثة.

تجدر الإشارة الى انه وللمرة الاولى تدخل دولة عربية الى قائمة الدول المشاركة فى التقرير وهى المملكة المغربية بجانب مجموعة دول إفريقية هى جنوب إفريقيا وكينيا ونيجيريا.

واللافت للنظر انه تم ذكر اسم الرئيس ترامب 42 مرة وإيلون ماسك صاحب منصة ْ 11 مرة على مدار التقرير البالغ171 صفحة.