سامي عبد الراضي يكتب: "الممثلة اللي ماتت وصحيت".. و"الصحافة التائهة"

دون لت وعجن.. ودخولاً في الموضوع على طول.

1- تابعت في مواقع إخبارية كثيرة يومي الثلاثاء والأربعاء أخباراً عن فتاة قالوا أنها ممثلة.

2- قالت الأخبار جميعاً وفاة الممثلة فلانة بنت فلان بعد سقوطها على المسرح، والحقيقة أنني “كقارئ” حاولت الاهتمام بالتفاصيل.

3- الأخبار الواردة قالت “أنها 26 سنة.. وأنها زوجة مخرج اسمه فلان.. وأنها تجهز لبروفات مسرحية جديدة.. وأنها سقطت على خشبة المسرح وأصيبت بإغماء.. ونقلت للمستشفى وماتت فيما بعد”.

4- الأخبار التي وردت في مواقع كثيرة وكبيرة ومصنفة إخبارياً في العشر الأوائل نشرت صورة “المرحومة” وهي ملقاة على مقعد ومغمضة العينين وبيدها “كانيولا” وموصلة هذه “الكانيولا” بمحلول.. لم أتعرف على هويته.. سواء كان محلول ملح أم جلوكوز أم محلول لمعالجة الجفاف.

5- والحقيقة أنني حزنت على رحيل ممثلة شابة يادوب ظهرت في مشهدين تلاتة مع نجم كبير في مسلسل عرض منه 3 أجزاء.. وقلت لماذا غيب الموت هذه الممثلة وكان يمكنها أن تظهر في مشهدين أخرين طوال عمرها المديد.

6- لم تتوقف صدمتي برحيل هذه المرحومة.. حتى فاجئتني المواقع الإخبارية الكبيرة.. والتي ينقل عنها عدد كبير من المواقع والمنتديات بأن والدة الفنانة المرحومة علمت بخبر وفاتها فماتت من الحسرة وأن قلبها “الدعيف” لم يتحمل.. وطبت ساكتة بجوار ابنتها المرحومة.

7- تخيلت المشهد.. ما هذه المأساة التي حلت بالأسرة.. هذه الأسرة التي كانت تنتظر أن تمثل ابنتها مشهدين تلاتة تاني قبل أن تنتقل الى الرفيق الأعلى.. ولكن إرادة الله كانت أسبق.. ورسمت مشهداً مأساوياً للجنازة.. هذه الأم.. وهذه الابنة.. ياااااااااااه.. وماذا عن الأشقاء والخالات والعمات.. كان الله في العون.

8- ونمت وصورة “المرحومة” في مخيلتي.. تطاردني.. واستيقظت في السابعة ونصف صباحاً.. وكعادتنا نجري ونهرول لمتابعة المواقع “على غيار الريق كده”.. واتصدمت من جديد.

9- فوجئت أن المرحومة مماتتش.. وأن زوجها المخرج كتب على صفحته: “يا أخوانا حرام عليكم.. مماتتش اهه وزي الفل” ومع الخبر “لطع” صورة له و”المرحومة” التي عادت للحياة.. وفوجئت ايضاً أن السيدة والدة المرحومة مماتتش.. زي ما قالت المواقع.

10- وبالتبعية.. لأن المرحومة مماتتش.. وامها مماتتش.. ف خالتها لم تغرق في البانيو.. ولا سقف الجامع وقع على قرايبها وهم بيصلوا الجنازة على “الثلاثي”.

11- بالمنطق والحساب والتاريخ والجغرافيا كده.. ما بين خبر وفاة المرحومة وصحيان المرحومة حوالي 17 ساعة.. 17 ساعة تقلب دول في عصر “فيس بوك وتويتر وانستجرام وهكذا وهكذا وفضائيات وبرامج ليلية وظهرية وصباحية وفجرية “.. الأمر يبدو مدبراً.. وهذا الخبر مرتباً له.. وكأن الفكرة جاءت اليهم من خالدة الذكر السيدة الراحلة صباح.. التي ماتت 5 مرات.. ثم ماتت الأربعاء الماضي 26 نوفمبر.. وقابلت وجه كريم.

12- وإن كان الخبر مدبراً.. لماذا هرولت المواقع وراء هذا الخبر.. لماذا لم يدقق.. أو يذهب احداً الى المستشفى الشهير ليتحقق من “شهادة الوفاة”.. أو سيارة نقل الموتى.. ومن روج الخبرين.. الأم والبنت.. ومن بعث الصور.. ومن قال أنها كانت في برنامج فضائي الأسبوع الماضي.. ومن قال.. ومن قال.. ومن قال.

13- تعمدت الا اكتب اسم الفنانة اللي ماتت ولا اسم امها اللي ماتت ولا جوزها المخرج ولا اسم البرنامج اللي طلعت فيها الاسبوع اللي فات ولا اسم المستشفي اللي كانت فيه.. لأن الممثلة “بمن فيها وما فيها” لا تستحق أن تذكر اسمها وتكرره مرة ثانية.. أما المواقع وزملائي الذين نقلوا الأخبار أقول لهم: “البقاء لله”.