"بداية" قوية و"نهاية" أقوى وفراغ في "الوسط" في "بدون سابق إنذار"

تعديل الوضع في النهاية

يقول السيناريست والكاتب الكبير "روبرت ماكي" على لسان الفنان "براين كوكس" الذي جسد دوره في فيلم "Adaptation" لعام 2002 لـ "نيكولاس كيج" الذي جسد دور مؤلف الفيلم "تشارلي كوفمان" في نصيحة له عندما تعثر في كتابة السيناريو الخاص به "سأخبرك سرًا الفصل الأخير يصنع فيلما أبهرهم في النهاية، وقد حصلت على ضربة ناجحة من الممكن أن يكون لديك عيوب، ومشاكل، ولكن ابهرهم في النهاية، وتكون قد حققت نجاحًا كبيرًا ابحث عن نهاية".

هكذا تم صناعة مسلسل "بدون سابق إنذار" فصُناعه اعتمدوا على إبهار المشاهدين في النهاية ولو أن شابها بعض من الاستسهال كذلك في جذب المشاهدين من البداية أما وسط ذلك فتم إضافة خطوط وشخصيات بلا جدوى أو مبرر درامي وكأن ذلك موضوعًا فقط لإتمام الخمسة عشر حلقة، وهنا يأتي السؤال هل الحل في الخمسة عشر حلقة لتفادي التطويل الغير مبرر أم الحل في تقييم الحدوتة وثرائها فيمكن أن تحتمل حدوتة خمسة عشرة حلقة وأخرى ثلاثون وأخرى لا تحتمل أن تكون مسلسل في الأصل لذلك يجب إعطاء الحرية للمبدع وعدم التقييد بعدد معين من الحلَقات ويوجد أمثلة لذلك لدينا مثل مسلسل لنفس المخرج، المخرج "هاني خليفة" مسلسل "الليلة واللي فيها" الذي كان ست الحلَقات ولكن بلا ملل يذكر.

بداية جاذبة

بدأ مسلسل "بدون سابق إنذار" بداية قوية جاذبة حينما أوهمنا بخط قصة ثم فاجئنا بخط قصة أخرى والقصة الأخرى هي فكرة رائعة لبطل يوضع أمام اختبار الاعتناء بولده المصاب بالسرطان الذي اكتشف أنه ليس ولده فيأتي السؤال ما داعي الاعتناء بالولد إذا كان ليس ولدك؟ بالتوازي مع رحلة البحث عن ابنه الذي تم تبديله، ربما لو تم التركيز على هذا الخط بشكل مكثف وتم الغوص داخل النفس البشرية من خلال هذا السطر وتمت صناعته عن طريق فيلم لكان أفضل كثيرًا خصوصا وأننا أمام موهبة جبارة جسدت دور الابن الطفل "سليم يوسف".

الخطوط الفرعية أفسدت الحكاية

من القواعد المهمة في الكتابة "أن تتقاطع الخطوط الفرعية للحدوتة إن وجدت بشكل أو بآخر مع الخط الأصلي".

في "بدون سابق إنذار" سوف تشاهد على مدار ثلاث عشرة حلقة الخط الأصلي للقصة في أول أحداث الحلقة وفي آخرها حتى يتم جذب المُشاهد ليتابع الحلقة التي تليها أما باقي أحداث الحلقة فسوف نشاهد الخطوط الفرعية لحياة الأبطال آسر ياسين "مروان" وعائشة بن أحمد "ليلي" وكذلك اخو البطل أحمد خالد صالح "حسن" وزوجته جهاد حسام الدين "نهى" التي كانت متميزة في دورها وصديقة البطلة نورا شعيشع "أمينة" وهذه الحكايات الفرعية نشاهدها وكأنها موضوعة (علشان نملي) هذا المصطلح العامي الدارج الذي يصف الإفلاس ولا نلاحظ تقاطع تلك الفروع مع أصل الحكاية باستثناء خط الفنانة "حنان سليمان" التي قامت بدور والدة "ليلي" عائشة بن أحمد وهذا كان له مبرره الدرامي لأنه مرتبط بمشاعر الأم تجاه ابنها التي اكتشفت أنه ليس ابنها.

ونلاحظ أن للحدوتة الأصلية عوامل جذب وبُعد إنساني وأسئلة تجعلنا نتشارك وهذا هو مقصد الفن "المشاركة" ولكن الباقي هواء بلا داعي أثر على خط الأحداث الأصلي وأسقطه معه.

عناصر متكاملة لهواء

في "بدون سابق إنذار" سوف نشاهد عمل فني متكامل العناصر يعرف كيف يحكي ولكن ليس لديه ما يحكيه باستثناء الخط الأصلي كما أوضحنا فكاميرا المخرج الكبير "هاني خليفة" بارزة وتوجيهه للممثلين فارق وفريق المؤلفين يعرف كيف يجذب المُشاهد كذلك موسيقى "خالد الكمار" حاضرة بالتوظيف المطلوب ولكن يبقى السؤال ما الذي نريد حكيه فعلا؟

إذا كان هذا العمل عمل أدبي مقروء مثلا سوف يغلق القارئ الكتاب بعد لحظات من اكتشافه عدم وجود شئ حقيقي ملموس ينفعل معه

ما نشاهده هو عمل تم صناعته وليس شئ تم التأثر به باستثناء الخط الأصلي للقصة.

وكأن تم الطلب من الصُناع أن يصنعوا شئ عن العلاقات الإنسانية والمشكلات التي تواجه الرجل والمرأة في المجتمع فتم صنع شئ بلا روح ليس نابعًا من تجرِبة على هامش الخط الأصلي الذي كان جيد جدا وممتلئ بالمشاعر وتم التفاعل معه من الجَمهور على عكس باقي الخطوط التي لم تخدمه بأي شكل من الأشكال.