إياد نصار: رجال "صلة رحم" ليسوا توكسيك.. وجسدنا لحظات الموت في المشهد الأخير

في مشهد الختام، ظهر وهو يسير بخطوات متثاقلة وسيقان تكاد لا تحمله من شدة الألم والوهن الذي لحق به نتيجة طعنة مفاجئة اخترقت جسده الذي كان يعيش لحظاته الأخيرة.. أنفاسه الضعيفة وبصره الذي أخذ يشح شيئا فشيئا، لم يمنعاه من استراق نظرة لوجه وليده شعر فيها بالانتصار لرغبته المُلحة، قبل أن يفارق الحياة.

تفسير متروك للمشاهد

إصرار "حسام" الذي جسده الفنان إياد نصار، على ولادة طفله من أم بديلة "حنان" لزوجته "ليلى" التي تعرضت في الحلقات الأولى لحادث أجبرها على الإجهاض واستئصال الرحم، وصفه البعض بأنه معاندة لإرادة الله، فيما وصفه آخرين بالأنانية، أما "نصار" فقد علق على ذلك خلال حواره مع موقع "إعلام دوت كوم"، قائلا إنه لا يستطيع أن يقرأ شخصية بطل العمل حتى لا يصادر رأي المشاهد.

أوضح أن البعض قد يرى تصرفه صائبا والبعض الآخر يعارضه، مؤكدا أن رأيه مختلف تماما، إذ كان مقتنعا بكل لحظة تحدث فيها "حسام"، كان يصدقه وأمن بدوافعه، أما كونه تصرف صحيح أم خطأ فهو تفسير متروك للمشاهد.


تكوين نفسي سببه الأم

تطرق "نصار" للحديث عن نهاية "حسام" وعن الأسباب التي ربما تكون سببا وراء مصرعه، وقال إن جزء من شعوره بالذنب هو التكوين النفسي، موضحا أن التكوين النفسي لأي شخص يبدأ من الأم، لذا هذا ما دفعه لإحساسه بالذنب تجاهها خاصة وأنها رسخت طوال فترة نشأته أنها ضحت بحياتها وسعادتها من أجله.


تابع، أن "حسام" رفض من داخله أن يشعر بالذنب تجاه "ليلى" بسبب الحادث الذي تسبب في إجهاض طفلهما، وهو ما أدى لتكفيره عن ذنبه بالطريقة التي شاهدناها خلال الأحداث.

أضاف، أن الأشخاص الذين يعانون من نفس التكوين المعقد لحسام، في العادة هم لا يبررون لأفعالهم بقدر محاولتهم لإقناعه بالتصرف ذاته، لأنه في بعض الأوقات يقوم البعض بالإقناع دون أن يكون متبني من داخله الفكرة التي يقنع بها من أمامه.


استثمار للإرهاق في المشهد الأخير

بخلاف تكوين شخصية حسام، فقد تحدث "نصار" عن تحضيرات مشهده في الحلقة الأخيرة، حيث قال إنه تم الإعداد له تقنيا جيدا قبل التصوير، أما الجانب النفسي فقد تطلب بحث كثيف لإتقان تطور لحظات الموت بداية من النزيف الذي تعرض له وصولا إلى فقدان البصر والوعي.

فيما لفت أن مخرج العمل تامر نادي، أصر على تصوير تلك الحالة على مدار نفس اليوم، ورغم عدد الساعات الطويلة التي تطلبها إلا أنه كان لا بد من استثمار حالة الإرهاق التي وصلنا لها، مؤكدا أن حالة الشخصية أنهكته جسديا لفترة، إلا أن النتيجة كانت مُرضية.

ووصف ذلك المشهد تحديدا بأنه كان من أصعب المشاهد جسديا ونفسيا بالنسبة له، خاصة وأنه كان يوجد حالة قلق من تلك النهاية التي أقرها صناع العمل وسط احتمالات كثيرة لنهاية حسام.



طرح جرئ بعيد عن الاستفزاز

من التحديات التي صنفها البعض، هي قصة المسلسل ذاتها التي اتسمت بجرأة الطرح، وقال إياد نصار، عن ذلك إنه يعلم مدى حساسية الموضوع، إلا أن طريقة العرض هي ما تحدد إذا كان مستفزا للجمهور أم لا؟، لذا فقد تم عرض تلك الفكرة الشائكة وتسليط الضوء عليها دون استفزاز المشاهد.


في نفس السياق، أشار إلى أن المسلسل لا يتحدث عن فكرة السماح بتأجير الأرحام أم لا، لأن القصة لم تتعارض مع الدين أو القانون الذي يعتبره في بعض الحالات إتجار بالبشر، وإنما تم تناولها من الجانب الإنساني، والتطورات النفسية التي يمر بها الأشخاص الذين يخوضون هذه التجربة.. العمل ليس رسالة، وإنما يجعلنا نفكر ونعرف أن أبسط القرارات يمكن أن يكون لها تأثير كبير في الحياة، لذا من رأيي أن يكون كل إنسان واع لقراراته لأن القرار هو القدر؛ فهو ما يوصلك لقضائك في النهاية.

وردا على بعض الاتهامات التي تشبه المسلسل بأعمال أجنبية، أكد أن القصة لا تشبه أي قصة أخرى، لأن أحداثه نُسجت لمجتمعنا الشرقي، موضحا أن فكرة تأجير الأرحام طرحت بالفعل في أعمال كثيرة إلا أن كل مجتمع طرحها بالطريقة التي تلائمه.. عنوان تأجير الأرحام فضفاض وليس من اختراعنا لكننا طرحناها بتركيبة شرقية لأول مرة في الوطن العربي.


شخصيات رمادية مدفوعة برغباتها

من ناحية أخرى، علق إياد نصار، على الأقاويل التي وصف الشخصيات الذكورية بالعمل بأنها اتسمت بالسلبية، قائلا لم يكن هناك لونين بالعمل ولكن كانت الشخصيات رمادية، يمكن أن تفسرها بطريقة وتتعاطف معها بطريقة ومن ثم تأخذ منها موقف في أوقات أخرى مثلهم مثل "البني آدم"، لذا فإن فكرة وصف الشخصيات بأنه "توكسيك" هو أمر سطحي، لأن العكس ما حدث إذ كان هناك عمق إنساني قوي، والألوان الرمادية للشخصيات مثلنا جميعا فنحن لسنا أشرار ولكننا مدفوعين برغبات ودوافع وهموم تجعلنا نخطئ أو نتصرف بشكل صحيح.


نهاية مفتوحة

في نفس الحلقة الأخيرة، واجه "حسام" الأم البديلة "حنان" التي تجسدها الفنانة أسماء أبو اليزيد، وقال لها "عايزك تفهمي حاجة.. إنه مش ابنك وانتي مش أمه، مش عايزك تكبري الفكرة دي في دماغك"، ورغم تقبلها لتلك الحقيقة أثناء حوارهما، إلا أن مصير الطفل تُرك مجهولا بفضل النهاية المفتوحة التي أنهى بها صناع العمل الأحداث، إذ وقفت "ليلى" الأم البيلوجية التي تجسدها الفنانة يسرا اللوزي، محدقة للطفل مثلها مثل "حنان"، وكلاهما الألم يعتصر قلبهما والخوف يكاد يلجمهما عن الحركة.


تلك النهاية، أحدث انقساما في الأراء ما بين متعاطف مع حنان وآخر مع ليلى، وبالنسبة لإياد نصار، فإنه فضل عدم الإفصاح عن رأيه، مبررا أنه ليس في موقع يؤهله لذلك، إذ أن ولادة الطفل خلقت إشكالية أقرها المسلسل في آخر لحظة.






نرشح لك:  "صلة رحم".. مات "حسام" وعاشت علامات الاستفهام