لماذا أجبرني رئيس التحرير على مشاهدة مسلسل "الأيام"؟

قد يكون عنوان هذا الموضوع غريبا بعض الشيء، لكن هناك قصة وراءه. قصة قد تعد غريبة أيضا للبعض أو مضحكة للبعض لكنها حزينة بالنسبة لي، ليس لأنني أجبرت فيها على مشاهدة مسلسل "الأيام" لكنني حزين من السبب الذي جعل رئيس تحريري يجبرني على مشاهدته، ولأنني لم أشاهده من قبل.

كشخص لم يكن مهتما بالثقافة كثيرا قبل عمله بالصحافة، وأصبح يحاول الاهتمام بها بعد عمله بالمجال الصحفي ولم يدرس طه حسين في الأدب بالأزهر الشريف، -علمت السبب بعدها- فلم أكن أعلم شيئا عن طفولة طه حسين، عميد الأدب العربي، سوى القليل الذي يعلمه الجميع.

نرشح لك:يوسف الشريف يكتب: "مقامات الغضب".. الذات في مواجهة المجتمع وسؤال المعرفة

قصة عنوان هذا الموضوع بدأت من معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55 فعندما كنت أتجول مع رئيس التحرير في معرض الكتاب؛ الجولة التي انتظرها كل عام وأكون سعيدا بها جدا لأني أتعلم منها الكثير، وتحديدا في جناح المركز القومي للترجمة، وجدت كتاب "طه حسين من الأزهر إلى السوربون"، فسألته تلقائيا هل كان طه حسين يدرس في الأزهر؟ فنظر لي نظرة اندهاش.. وطلب مني على الفور مشاهده المسلسل.


بعد مشاهدتي للمسلسل علمت الكثير عن حياة طه حسين قبل "السوربون"، فلم أكن أعلم حينها أن عميد الأدب العربي درس في الأزهر الشريف منذ صغره كما أراد والده، وتمرد على الأزهر بسبب اختلافه مع بعض شيوخه، لكنه لم يكره الأزهر فقد كان يحب الإمام محمد عبده، الذي تأثر كثيرا بآرائه، ولم يخلع الزي الأزهري إلا في طريقه إلى مونبلييه.

علمت أن طه حسين ترك دراسة الأزهر بعدما حدثت تشققات بينه وبين بعض شيوخ الأزهر والتحق بالجامعة الأهلية حينما افتتحت عام 1908، وكان أول المنتسبين إليها والتي كانت تقبل الطلاب دون قيود أو شروط وهذا ما كسر خوفه حول عدم قبوله بها لأنه كفيف، وحصل طه حسين على الدكتوراه كأول مصري يحصل على الدكتوراه، التي كانت بعنوان "ذكرى أبي العلاء".

من الدروس التي تعلمتها من حياة طه حسين هو إصراره وعناده على الذهاب مع بعثة الجامعة الأهلية المتجهة إلى مونبلييه رغم رفض الجامعة لأنه سيزيد تكاليف مرافق له، إلا أنه أصر ولم ييأس وأرسل خطابا للجامعة حتى وافقت على سفره، أيضا تحمله الظروف الصعبة التي واجهها بعد السفر كعودة أخوه الذي كان مرافقا له.


وعلمت أيضا أن زواجه من السيدة الفرنسية "سوزان بريسو" كان له تأثير كبير في مسيرته العلمية والأدبية، حيث كانت رفيقته المخلصة له بعد عودة أخيه إلى مصر، ودعمته وشجعته، وكانت سببا أساسيا في حصوله على الدكتوراه الثانية والتي كانت بعنوان "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون"، عام 1918، وحصوله على دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني، والنجاح فيه بدرجة الامتياز.

إذا كان الهدف من مشاهده المسلسل تعليمي أو تثقيفي لكنني على المستوى الفني استمتعت كالعادة بأداء أحمد زكي المبهر وعبقريته في تجسيد شخصية عميد الأدب العربي، ويحيى شاهين وأمينة رزق، وعلي الشريف والعديد من النجوم الكبار، وتعرفت على أعمال مخرج المسلسل يحيى العلمي، وموسيقى التتر التي غناها علي الحجار ولحنها عمار الشريعي.

علمت بعد ذلك أن هناك فيلما عن طه حسين بعنوان "قاهر الظلام" بطولة الراحل محمود ياسين، ولا أعلم حتى الآن لماذا جعلني رئيس التحرير أشاهد الـ 13 حلقة، ولم يخيرني بين الفيلم والمسلسل.