بسام سرحان يكتب: سفاح الجيزة فوضى متقنة

أين الدافع؟

أدرك "هاري مورغان" ما يعانيه "ديكستر" -ابنه بالتبني- من وسواس يلح عليه بأن يقتل بسبب مشاهدته لقتل أمه التي كانت تعمل مخبرة سرية لهاري بطريقة وحشية في سفينة شحن وهو يملك عامين فقط من عمره ليولد "ديكستر" وسط الدماء.

ولكن ما حدث قبل ذلك أنه تم ملاحظة سلوكه العدواني اتجاه عرائس اخته وسؤال والده الذي يتبناه عن سبب هذا السلوك؟ ويبرز "ديسكتر" وقتها دوافعه لقتل شيء أكثر ككلب مثلًا، ولكنه لم يفعل حتى استغل "هاري" تلك الغريزة في غاية اعتقد أنها نبيلة فهكذا خلق "ديسكتر" القاتل المتسلسل.

أما "بارى" لمسلسل "باري" فقد قتل أشخاص أبرياء في أفغانستان اعتقد بأنهم قتلوا زميله في الجيش الأمريكي فقتلهم انتقامًا ولاحظ صديق والده براعته في القتل وبلاهته في الإدراك الكامل فطوع ذلك لمصلحته حتى يصبح "باري" قاتل متسلسل في خدمة صديق والده .

أما سفاح الجيزة "جابر" فقد أصبح سفاح يقتل لأنه شاهد أمه تقتل أبيه ولا نعرف السبب لقتل أبيه؟ ولا نفهم تحديدًا ماذا خلق وراء ذلك داخله؟ فقد يقتل لأنه شاهد أمه كذلك ثم مع تصاعد الأحداث نشاهد أنه يقتل بدافع النصب والسرقة وليس بسبب مرض نفسي كما يحاول صناع العمل أن يثبتوا لنا فاختلطت الأمور وتاه المشاهد في تصديق دافع القاتل الذي نروي حكايته خصوصًا مع قتل شخصيات بدون دافع حقيقي فنصبح أمام مشكلة وأعتقد أن سببها هو إدعاء صناع العمل بأن العمل مستوحى من أحداث حقيقية صناع العمل أخطئوا بتكملة النقاط الناقصة لقصة حقيقية بخيال بسبب أن تلك النقاط أصلًا غير ناقصة هم كانوا يعتقدون بأن دافع سفاح الجيزة الأصلي غير موجود فأضافوا الدافع النفسي الذي لم يكن موجود في حقيقة الأمر والدافع واضح كالشمس هو "النصب" فاختلطت الأمور وأصبح العمل كمسخ متقن بحرفية بسبب كتابة متسرعة وإخراج حمل هذا النص على عاتقه فأخرج صورة جيدة وأداء تمثيلي من الشخصيات كافة جيد.

لا يوجد شيء يسمى مستوحى من أحداث حقيقية

إما أن تلتزم بنص السيرة الذاتية التي وجدنا بها خط درامي ممكن أن يكون مادة وإما أن نأخذ تلك المادة لخلق أحداث خيالية من وحي خيالنا وفي هذه الحالة لا يصح لنا أن نقول (مستوحى من أحداث حقيقية) مثل أعمال أمريكية ومصرية فعلت ذلك مثل "ديسكتر" و"الخلافة" الكل يعرف أن تلك المسلسلات مأخوذة من شخصيات حقيقية ولكن غير ملتزمة بنفس الخط الدرامي الواقعي لها ولذلك لم يكتب عليها مستوحى من أحداث حقيقية كذلك نشاهد أعمال مصرية فعلت ذلك مثل فيلم "الجزيرة" مثلا ومسلسل "محمود المصري" للراحل "محمود عبد العزيز" أما سيرة ذاتية مثل "أيام السادات" أو "جيفري دامر" فقد تم الالتزام بحياة الشخصيات الحقيقية، من هنا خلقت مشكلة الكتابة في "سفاح الجيزة".

أحمد فهمي ممثل يحاول

سقط "فهمي" في "رجالة البيت" وكذلك في "سره الباتع" وعاد بمسلسل "سفاح الجيزة" الذي لقي استحسان من الجمهور في بادئ الأمر وبفيلمه الكوميدي "مستر إكس" الذي حاز بإيرادات جيدة وضخمة في السعودية ليوضح أنه يستطيع أن يخرج من ملعبه المضمون الكوميدي بدراما يستطيع أن يبين بها قدر من قدراته التمثيلية بدون ترك ملعبه الأصلي والفضل في ذلك يرجع إلى المخرج "هادي الباجوري" الذي استطاع أن يبرز الحد الأدنى الذي يمتلكه فهمي من قدرات تمثيلية ويوظفها بشكل جيد لينجح "فهمي" ويلتف حوله الجمهور رغم إحباطهم بنهاية المسلسل وما ذكرناه في أول المقال.