إياد صالح يكتب: معًا لإنقاذ المجتمع من دينا الشربيني

قرأت اليوم عن قرار نقابة المهن التمثيلية بمنع الممثلة دينا الشربيني من العودة للتمثيل مرة اخري، وذلك برفض اعطائها تصريح من النقابة، وذلك بعد انهائها عقوبة السجن في قضية تعاطي مخدرات.

قد يكون الأمر غير مهم في وقت نعيش فيه قضايا نراها أكثر أهمية وأكثر خطورة من الاهتمام بممثلة تمنعها نقابة من التمثيل.

ولكن الأمر هنا يتجاوز فكرة الممثلة والتمثيل، فالأمر هنا يضع نقطة واضحة في قضية تعاملنا مع من اخطأ ونال عقوبة قانونية كيف سنتعامل معه كمجتمع بعد ذلك.

ويتجاوز ذلك بالنظر لمجتمع في سنواته الأخيرة تؤكد الارقام ارتفاع من يتعاطوا المخدرات بكافة اشكالها.

وكيف تحاول الدولة والمؤسسات الوقوف امام ذلك سواء بالمحاربة او العلاج؟

فماذا لو تأكدت ان الحياة ستنتهي بك فقط لأنك فعلت ذلك وتم التشهير بك بالقبض عليك ثم تلقيت عقوبة قيدت حريتك ثم لم يعد من حقك أن تعيش معنا.

تحكي القصص التي تأتينا من بلاد الغرب التي احيانا نصفها ببلاد العالم الأول واحيانا ببلاد الكفار.

وسواء كانوا عالم اول أو كفار، أن لو كان لديهم قانون لنقابة المهن التمثيلية مثل الذي لدينا.

فأنك عزيزي المتابع للسينما او الجالس امام قناة “ام بي سي تو ” او من تستخدم التورنت او الهاردات او الفلاشات انك لم تكن لتري

* النجمة لندساي لوهان لأنها كانت مدمنة حتي سنوات قريبة من ان ينجح علاجها.

* النجم روبرت داوني جونيور لأنه ظل مدمن في الفترة من ١٩٩٦ الي ٢٠٠٤ وقبض عليه عدت مرات منها مرة كان يرتدي ملابس حريمي لكن نجح في ٢٠٠٥ ان يعود لحياته.

*اوبرا وينفري التي ادمنت الكوكاين في العشرين من عمرها.

* النجمة درو باريمور التي ادمنت الكوكاين في سن ١٢ سنة.

* اضف عليهم شارلي شين/ جيرارد باتلر/ صامويل جاكسون/ فيليب سيمور هوفمان.

كل هؤلاء نجحوا في تجاوز محنة الادمان وعادوا لحياتهم الطبيعية منهم من عوقب بأحاكم ومنهم من دخل مصحات علاجية ولكن جميعهم ظلوا يمارسوا مهنتهم ولم تقم نقابات او مؤسسات او حكومات بمنعهم من ممارست التمثيل طالما نفذوا الاحكام او خضعوا للعلاج.

الغريب ان لدينا ممثلين في مصر مثل ماجدة الخطيب وسعيد صالح تعرضوا لنفس الأمر ونفذوا عقوبتهم اي نعم انحسرت عنهم الأضواء بعد ذلك لكن عادوا للتمثيل مرة اخري ولم يمنعهم أحد.

 

ولكن ياعزيزي المقارنة باطلة نحن دولة يحكمها مبادئ الشريعة الاسلامية ولسنا مثل هؤلاء.

انا لست فقيه ديني ولست احد اعضاء لجنة الفتوي في الازهر الشريف ولكن قالولي لي في المدرسة .

ان من ادي الحد سقط عنه الذنب، فأن بتطبيق العقاب علي المذنب سقط عنه الذنب في الدنيا.

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: “بايعوني علي ألا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا”.. “الحديث” إلي أن قال: “ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له. ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلي الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه علي ذلك” “رواه البخاري”.

وقالولي لي ايضا، ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

روى ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة.

ولكن يا عزيزي لن نعيد اكتشاف الاشياء فنحن دولة يحكمها دستور.

ولكن الدستور في مادته ٥٦ كتب “السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائى، ويحظر فيها كل ما ينافى كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر. وينظم القانون أحكام إصلاح و تأهيل المحكوم عليهم، وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم”.

لماذا لم قال حياة كريمة ولماذا لم يتحدث عن ضرورة متبعته وملاحقته بعد اداء العقوبة لحمايتنا منه.

يبدو انك لم تفهم الامر جيدا نحن دولة قانون وينظمها قوانين وحتي النقابات الفنية تحكمها قوانين.

والأمر واضح، المادة السادسة من القانون وهي مادة شروط العضوية في النقابات الفنية

تقول “يشترط فيمن يقيد عضوا عاملا بكل نقابة من النقابات سالفة الذكر ما ياتى”.

ركز في البند الرابع يقول:

4- “الا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوية جنائية او فى جريمة مخلة بالشرف او الامانة ما لم يكن قد رد الية اعتباره فى الحالتين”

اعرف ان البندء واضح ولكن دعني اتخيل نفسي فريد الديب المحامي واجد لك ثغرة او تخريجة قانونية.

اولا: المادة تتحدث عن العضوية العاملة، وانا لا اريد لدينا عضوية عاملة انا فقط اريد تصريح.

ثانيا: واستنادا للمادة الخامسة في جزء منها والتي تقول “ويجوز لمجلس النقابة التصريح بصفة موقتة لعمل محدد او لفترة قابلة للتجديد لغير الاعضاء العاملين وذلك تيسيرا لاظهار المواهب الكبيرة الواعية ولاستمرار.

الخبرات المتميزة او مراعاة لظروف الانتاج المشترك او تشجيعا للتبادل الثقافى بين مصر والبلاد العربية وغيرها او بسبب الندرة او عدم وجود نظير من اعضاء النقابة لطالب التصريح ولا يكسب هذا التصريح اى حق من الحقوق او اية ميزة من المميزات المكفولة للاعضاء العاملين فى هذا القانون “.

ثالثا: بما ان القانون عدد اسباب مختلفة لأعطاء تصريح لعمل واحد او فترة محددة فلماذا لا نقول اننا يمكن ان نتعامل مع الامر كنوع من انواع اعادة التأهيل او اعطاء الفرصة او الدعم او الابوية او اي شئ انساني او اجتماعي ، بأن نعطي لدينا الشربيني تصريح عن كل عمل تريد ان تقدمه بحيث تكون تحت رقابتنا فاذا لم تعد لتلك الجريمة مرة اخري في خلال الستة سنوات التي يحددها القانون للحصول علي وثيقة “رد الاعتبار” في تلك اللحظة ننظر في امكانية اعطائه العضوية بعد ان اثبت عمليا لمدة ٦ سنوات حسن السير والسلوك واثبت قانونيا بوثيقة رد الاعتبار امكانية حصوله علي العضوية.

اعلم جيدا انه قد يكون هناك اسباب قد اجهلها هي ما تمنع نقابة المهن التمثيلية من اعطاء دينا الشربيني تصريح بالتمثيل في احد الاعمال، ولكن امام الاسباب المعلنة من النقابة لا اجد غير أن الأمر يحتاج اعادة نظر وتقييم من مجلس النقابة فالقوانين ومع اهميتها لم توضع الا من اجل تأمين حياة افضل للبشر.

وان اعطاء فرصة للممثلة اتهمت بتعاطي المخدرات ونفذت العقوبة كاملة وتريد ان تعود لحياتها الطبيعية ومهنتها الطبيعية هو أمر ينتصر لفكرة ان علينا ان ننظر للأمور بنظرية انسانية واجتماعية تحاول ان تعيد الامور لطبيعتها أكثر من اننا ننتصر لقوانين وقواعد وضعناها من اجل نفس السبب ولكن تحتاج من ان نعاملها من نظرة “روح القانون” كما يقال وليس كمعادلات كيميائية لا يمكن التعامل معها.

الأمر يتجاوز دينا الشربيني لملايين اخريين هم دينا الشربيني محتملة.

لذلك فإن انقاذ دينا الشربيني..انقاذ للمجتمع.