"جولدا"...فيلم إسرائيلي يسلط الضوء على حرب أكتوبر من منزل غولدا مائير

رواية إسرائيلية مغايرة لكثير من التفاصيل الحقيقية جاءت في فيلم "جولدا" الذي عرض ضمن بانوراما مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته 73، رواية تقوم على رؤية إسرائيلية تتحدث عن التدارك الإسرائيلي للهزيمة في حرب أكتوبر 1973، حيث يحاول من خلالها المخرج الإسرائيلي جاي ناتيف الذي ولد قبل أشهر قليلة من الحرب تسليط الضوء على جانب من الحرب مرتبط برئيسة الوزراء الإسرائيلية أنذاك غولدا مائير.

في الفيلم الذي يتناول أيام الحرب بحياة غولدا مائير والتي لعبت دورها الممثلة الشهيرة هيلين ميرين يحاول المخرج الإسرائيلي تسليط الضوء على المعاناة التي عاشتها مائير خلال تلك الفترة والاضطرابات التي حدثت في حكومتها نتيجة الحرب المفاجئة بالتزامن مع الأزمة الصحية الصعبة التي كانت تعاني منها وتخضع للعلاج بشكل سري ومن دون إعلان.

على مدار أكثر من ساعة ونص ومن خلال تقنية فلاش باك استخدمت عدة مرات، يحاول المخرج الإسرائيلي إظهار قوة غولدا مائير حتى في أصعب الأوقات، فمن خلال جلسة الاستماع لما حدث في أيام الحرب نشاهد رئيسة الوزراء الاسرائيلية وهي في كامل تذكرها واستعادتها للأيام الصعبة التي مرت بها خلال الحرب لتبدأ في السرد للجمهور مع عودة للجلسة التي دخلتها على وقع مظاهرات معارضة بين الحين والآخر.

بخلاف الترويج مجدداً للرواية الإسرائيلية بكون السياسي المصري أشرف مروان زوج منى جمال عبد الناصر أبلغ إسرائيل بموعد الحرب قبل قيامها ولم يصدقه وزير الدفاع الإسرائيلي أنذاك موشيه ديان، فإن جانب آخر من حياة غولدا يجري التركيز عليه باعتبارها "إنسانة" لديها العديد من المشاعر حتى في الأوقات الصعبة.

علاج من المرض

من قبل اندلاع الحرب بيوم وعلى مدار الأحداث نشاهد غولدا المريضة المصابة بالسرطان والتي تخفي خبر مرضها، فتذهب إلى المستشفى سراً من أجل تلقي العلاج والخضوع للفحوصات الطبية وتتردد عليها من الباب المخصص لثلاجة الموتى.

وخلال أيام الحرب تتردد غولدا على المستشفى لتلقي العلاج لكن في كل مرة تدخل فيها من باب ثلاجة الموتى تجد فيها العدد أكبر من المرة السابقة في إشارة للخسائر البشرية التي تكبدتها إسرائيل بوقت كانت حريصة فيه على تدوين كافة الخسائر البشرية في أجندة صغيرة لم تفارق يدها.

يحاول مخرج الفيلم التسليط على عنصر المفاجأة بالحرب لإسرائيل فيظهر بأحد المشاهد انهيار وزير الدفاع موشيه ديان نتيجة الخسائر الكبيرة التي تكبدتها إسرائيل في المعركة قبل أن تطالبه غولدا بالبقاء في منصبه رافضة استقالته التي قدمها مع شعوره بالإنكسار نتيجة ما تكبدته القوات الإسرائيلية.

النصر من وجهة النظر الإسرائيلية

في أحداث الفيلم يحاول المخرج الإدعاء بالانتصار الإسرائيلي من خلال ثغرة الدرفسوار وتحركات الضابط شارون الذي التقته غولدا في منزلها خلال الحرب وبشرته بأنه سيكون رئيس وزراء في المستقبل، فيما تبقي هادئة طوال الوقت حتى مع الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها القوات الإسرائيلية.

يحاول المخرج كسب تعاطف الجمهور وهو ما ظهر عدة مرات سواء في لحظات تأثر غولدا أثناء كتابة خطابات الرحيل لعائلاتهم بما فيها ابن لسيدة تعمل في مكتبها، أو حتى في مشهد انتظارها وصول عدد من الجثامين في المطار وتأثرها الشديد لدرجة أنها لا تريد مفارقة أرض المطار، بوقت تجنب فيه تقديم المشهد على الضفة الأخرى من الجبهة سواء في مصر أو سوريا، وحاول الفيلم تصوير التفاوض الذي جرى بشأن الثغرة بين المصريين والإسرائيليين على الجبهة بمثابة انتصار لإسرائيل في الحرب وهي حتى مع انتهاء الفيلم بمشاهد من زيارة أنور السادات إلى إسرائيل.

يقدم الفيلم معالجة إسرائيلية لا تحمل موضوعية في تناول، بداية من حديث عن انتصار في الحرب رغم الخسارة العسكرية مروراً بعرض جانب واحد فقط مما حدث وصولاً إلى تقديم معلومات ليست دقيقة حول كثير من الأمور بالحرب.

إجمالاً يمكن القول أن الفيلم المقرر طرحه بالصالات السينمائية في أغسطس المقبل يعيد تسليط الضوء على أيام صعبة في تاريخ إسرائيل من زاوية رسمية مع مبالغات حملت وجهة نظر المخرج الذي تأثر بمشاركة والده في الحرب وأحاديث والدته عن تلك الفترة.