" سوبر ماركت " كوميديا واقعية مازحة لاذعة

صفاء أحمد آغا

تتوالى العروض المسرحية لـ مهرجان المسرح العربي في دورته 13 ، من خلال تسويق أهم الإنتاجات المسرحية على الساحة العربية ” سوبر ماركت ” العرض السوري هو أحد عروض هذه الدورة المميزة المقامة بمدينة الدار البيضاء والممتد من 10 إلى 16 يناير الجاري 2023 .

سوبر ماركت من توقيع المبدع الممثل والمخرج الكبير ” أيمن زيدان ” الذي حرص على أن يقدم لنا جانبا من ملامح تجربته وهو عرض كما تابع الجمهور الشغوف بحب أب الفنون ،اول ما يمكن أن نسجله أثناء العرض هو أنه إستطاع ان يخلق ذلك الحوار ما بين القاعة والخشبة وهذا التفاعل الكيميائي الذي تجاوب معه الجمهور بشكل كبير و مع مضامن هذه المسرحية ، وكذلك أداء الممثلين الذين كانوا في مستوى الحدث من حيث الأداء والهمة والتعابير الجسدية.

نرشح لك: وجوه جديدة ورحلة تقلب المفاهيم.. تفاصيل فيلم “الصف الأخير” لـ بيومي فؤاد

“سوبر ماركت ” تشتغل على المشهدية وهنا نتحدث هنا عن مشهدية المسرح ألوان وأحجام مختلفة على الخشبة وإشتغال الممثلين على طريقة ( الگروتيسك ) ما لقي تجاوب مع الجمهور العربي العريض الذي ملأ المسرح عن آخر , و حقيقة هذه الفرجة القريبة من الجمهور وهذا ما يؤكد مرة أخرى أن مسرح ( أيمن زيدان ) هو مسرح يبحث عن تحقيق المتعة للجمهور بمختلف مستوياته الثقافية والإجتماعية .

” سوبر ماركت ” هو نص للكاتب للإيطالي الحامل لجاىزة نوبل داريو فو عرض يندرج في إطار الكوميديا الواقعية وهو إختيار ذكي من المخرج يعبر من خلال عن واقع الحال المعاش داخل المجتمع في ظل كل هذه الظروووف السياسية التي أثرث على حياة المواطن بشكل عام على كافة ا المستويات لاسيما تدهور الجانب الإقتصادي منها الذي أدى إلى موجة غلاء وعدم قدرة الفرد على تلبية أبسط إحتياته المعيشية وقوته اليومي ، الشيء الذي يدفع سكان الحي إلى سرقة إحتياتهم الغدائية من ” هذا السوبر ماركت ” ويحدث ذلك في بيت جيوفاني ذلك المناضل صاحب المبادئ الذي يدافع عن الطبقة المسحوقة لكنه أكثر سحقا وبالتالي فهو أحوج ما يكون إلى المؤونة وتضطره ظروفه إلى أن يسرق بدوره وبجد نفسه عاجزا على أن يبرر سرقته امام ما سرقت زوجته لكن في حواره مع ممثل سلطة الذي يحمل بدوره سخطا على الأوضاع الإجتماعية والسياسية يكتشف على أن الواقع ومرارته وإحتياجته تجعل الكلام الذي كان يقوله والمبادئ التي كان يؤمن بها مجرد شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع ويكون مضطرا ليخضع لهذا الواقع وتكون نهاية مأساوية رغم محاولات العيش ورغم محاولات تحدي الظروف فإن السلطة في النهاية تحكم عليهم بترك البيت والخروج إلى العراء إلى الخلاء إلى الفراغ اي إلى الموت الذي يمكن له أن يتجسد من خلال الرمزية التي تعنيها الخروج القصري من البيت .

” سوبر ماركت ” حقيقة هي مسرحية تعيدنا للفرقة السورية لتعيدنا لزمن المسرح الجميل في سوريا وهنا نقصد المرحلة التي زاوج فيها المسرح بين النقد السياسي الذي ينطوي طبعا على نقد إجتماعي وإقتصادي وفكري هذا النقد المشوب بالكوميديا المارحة من جهة والكوميديا السوداء اللاذعة من جهة تانية , مسرحية ” سوبر ماركت ” لم تخرج عن هذا الإطار الذي رسمه الكابري السياسي كما كان معروفا في المسرح السوري ، ثم كيف تطور خاصة مع تجربة الفنان القدير ” دريد لحام ” ونصوص الكبير ” محمد الماغوط ” وهذا ما وجدناه لذا النجم( أيمن زيدان ) ايضا إعتمادا على نص للكاتب الإيطالي ( داريو دوفو ) المعروف بدوره بالكوميديا المتميزة في المسرح الغربي وهي كوميديا منتقدة تهدف إلى الإصلاح والتغيير عن طريق النقد اللاذع للمجتمع ولقضاياه الحية بمعنى أصح المعيشية ، و هنا نرى أن الإعداد الذي قام الفنان (أيمن زيدان ) لمسرح ( داريو فو ) بأن جعل السياسي في صلب هذه الدراماتولجيا ” وهي علاقة السلطة بالمواطن .

سوبر ماركت