مينا فريد يكتب: "مسألة أذواق".. الأكيل وأحمد خالد توفيق

(1)                                أحمد خالد توفيق

أحب برنامج الأكيّل، وأحب مراد مكرم وأكثر ما أحبه فيه أنه عندما يتذوق طعام لا يعجبه يقول بلطف بالغ: مش ذوقي.

لا يتشنج، لا يعلن عن غضبه ولا سخريته هو فقط يعلن عن عدم إعجابه به كمراد وليس عن رفضه المطلق للطعام المقدم له، ببساطة لأنه قد يكون ممتازا في أذواق أخرى، لماذا لا نطبق نظرية مراد مكرم في كل شيء حولنا ليس ذوقنا؟

نرشح لك: مينا فريد يكتب: عندما خفنا أن نحضن من نحب

كتب الشاعر والرسام مجدي نجيب يوما ما وهو رائق البال (ساعات أحب حاجات ما يحبهاش غيري ). ويقول عباس وهو رائق البال في رواية أن تكون عباس العبد لأحمد العايدي (أنا هو أنا و لديّ أسبابي و لست ممتنا لك أو لغيرك بشئ، و ليذهب العالم كـ “باكيدج” إلى الجحيم).

(2)

كثيرا ما أسأل نفسي، ما الذي يزعج إنسانا ناضجا أن يحب إنسان غيره شيئا ما لا يحبه هو؟

أنا حقيقة لا أعلم لماذا تريد أن تجعلني نسخة منك، لماذا لا تفعل فقط ما يجعلك سعيدا و تتركنا نذهب ك (باكيدج) إلى الجحيم ؟ لماذا لا تقل فقط “مش ذوقي” وتستمتع بما يعجبك؟ لماذا تتشنج في تأكيدك أن هذا ليس بفن، وهذا ليس بأدب وهذا ليس بغناء وهذا ليس بطبخ .. من أنت أصلا ولماذا تظن امتلاكك البوصلة؟

تتكون أذواقنا حسب معطيات مختلفة، بعضها قابل للقياس والنقاش وبعضها لا. قد تعجبني أغنية لا يحبها أحد لمجرد ارتباطها معي بذكرى مع إنسان أحبه، ربما أحب كتابا لا يحتوي على أي حبكة ولا زخارف أدبية لمجرد أنه ربما -في جملة واحدة به حتى – قد لمس قلبي وأحسسني بمشاعر ما.

أذواقنا في تذوق الآداب والفنون مختلفة مثل طاقات قبولنا للبشر، في النهاية أي عمل أدبي أو فني هو هدفه الترفيه والتعبير عن صاحبه و مشاعره و أفكاره و خبراته، قبلته أهلا و سهلا، رفضته ليست مشكلة أبدا، طوّرك بشكل ما .. رائع، سبب لك مجرد التسلية .. عظيم، يمكنك دائما أن تجرّب مع فن اخر مع أدب آخر مع عرض آخر.

(3)

أحب أحمد خالد توفيق، صديق مراهقتي وطفولتي، أحب رفعت إسماعيل وما وراء الطبيعة، أحببت في صغري وقلة حيلتي فكرة أن البطل لا يجب أن يكون مفتول العضلات ووسيما وعبقريا حتى يصبح بطلا، يكفي أن يملك قلبا حقيقيا وروح دعابة حتى يتغلب على أي مواجهة، تفاهة، ربما، لكنها ذوقي. يمكنك عدم قبولها أو قبولها هذا شأنك، ولكن – فضلا- لا تتفه مما أحب، و لو كان الشخص المفضل لي هو بطوط حتى.

هل كل ما كتبه أحمد خالد توفيق أحبه؟ بالطبع لا .. بل هناك بعض الروايات له -في مرحلة ما بعد ما وراء الطبيعة – لم أكملها حتى، هل هو ساحر متنبئ سياسي واقتصادي بارع؟ بالطبع لا، هو نفسه لم يقل أبدا أنه الأهم ولا الأفضل، هو فقط قريب من بعض القلوب، قلبي منهم.

(4)

لنستمتع..

الحياة صعبة بما يكفي، أين تعيش أنت لكي تكون أكبر مشاكلك من يحب ما لا تحبه أنت؟ لتترك كل إنسان يحب و يكره ما يريد من الآداب والفنون، هذا ليس بعلم ولا دين ولا موضوع حياة أو موت، لماذا نريد تصعيب كل شيء علينا، لدينا ما يكفي من الصراعات يوميا يمكننا إشباع فيها طاقتنا الجدالية العظيمة.

استمتع بما يمتعك، وأترك الأخرين يستمتعوا بما يحبوه، ولو وجدت ما هو لا يعجبك يكفي أن تقول مع الأكيل بكل بساطة: مش ذوقي.

أحمد خالد توفيق