مقدم "حكاية لها أصل": أتمنى أن أترك أثر وأراهن على وعي الجمهور  

مقدم “حكاية لها أصل”: أتمنى أن أترك أثر وأراهن على وعي الجمهور  
رباب طلعت

“عشان تعرف أصل الحكاية تابع معايا”، تلك الجملة اشتهر بها مقدم برنامج “حكاية لها أصل” محمد مصطفى فؤاد، على اليوتيوب والفيس بوك، والذي نجح خلال عامين فقط من حصد مليون ونصف مليون متابع على “فيس بوك”، من خلال فيديوهاته التي تتناول حكايات متنوعة، كل منها له أصل ومصدر موثوق، ينقلها اليوتيوبر إلى جمهوره، على شكل قصة.


إعلام دوت كوم” أجرى حوارًا صحفيًا مع محمد مصطفى فؤاد، للحديث عن شغفه بالكتابة وتجربته في تقديم محتوى رقمي ناجح، وفيما يلي أبرز تصريحاته:

البداية كانت في المدرسة

أنا محمد مصطفى فؤاد، ودراستي مرتبطة بالمحاسبة والتجارة، ولكن تقديم المحتوى الرقمي بدأ بهواية منذ الطفولة، حيث كنت أحب إلقاء القصص في المدرسة الإبتدائية، في حصص اللغة العربية، وكانت تسعدني نظرة الإعجاب من زملائي بسبب أسلوبي في الروي.

باب “قلبي يسأل” واكتشاف الموهبة

الأمر تطور لديّ وأصبحت أكتب قصصًا مختلفة بجانب التعبير في المدرسة، ثم بدأت في مراسلة بعض الصحف، وكان من أبرز المواقف التي لن أنساها أبدًا، مع جريدة “المساء”، حيث كانت الكاتبة الصحفية الراحلة آمال عبدالوهاب تتولى مسئولية باب “قلبي يسأل” والذي كانت تتلقى من خلاله المشاكل العاطفية، وترد على أصحابها من خلال الجريدة، فبت أرسل لها أسبوعيًا قصة من تأليفي الشخصي، على أنها مشكلة حقيقية، فتنشرها وترد عليها، وأسعدني ذلك كثيرًا حتى اكتشفت الأمر، حيث لاحظت أن خط كتابة كل تلك الرسائل واحد، فتوقفت عن نشر القصص والردود، فتواصلت معها ومدحت أسلوبي في كتابتها، ونصحتني برعاية تلك الموهبة، والالتحاق بمعهد الفنون المسرحية أو غيرها من الكليات التي تتيح لي تنمية تلك الهبة، وكنت وقتها في المرحلة الثانوية.

كل تلك المواقف كانت بمثابة وميض يخبرني بأن هناك موهبة اعتني بها، وعندما جاء وقت اختيار التخصص بعد الثانوية العامة، التحقت بكلية التجارة، حيث من المهم أن يختار المرء عمله ومستقبله بدقة، وكل الأمور التي يحلم بها من الممكن أن يحققها في وقت لاحق.

خلال الجامعة شاركت في مجلات الحائط ومثل تلك الأمور التي تحفزني على الكتابة، ولم أغفل عن الكتابة لنفسي، حتى ولم أنشر ما أكتبه، وأحتفظ بها، وأسأل المقربين مني ممن لهم رأي معبر عن تقييمه للقصة، كي أتعلم من ملاحظاته.

نرشح لك: بدأ من “تيك توك”.. محمد خالد يتحدث عن تجربة “الروائي”

الزوجة.. المشجع المثالي

برنامج “حكاية ليها أصل” الذي أقدمه على السوشيال ميديا، كان امتدادًا لحلمي وحبي في الكتابة، فبعدما حققت الاستقرار في العمل، بدأت ألتفت لطرق أنمي بها موهبتي في الكتابة، وساهمت مع بعض من أصدقائي في كتابة سكربت محتوى برامج على “السوشيال ميديا”، وكنت سعيد بردود الأفعال على ما يقدمونه كوني صاحب القصة التي تلقى مديحًا من الجمهور، وكان لديّ صديق أكتب له في مجال العلاقات العاطفية، واقترحت عليه توسيع مساحة الكتابة لأمور اجتماعية وتاريخية ولكنه رفض ذلك، وكنت قد كتبت بالفعل قصص وعرضتها عليه ولكنه كان مصمم على تقديم لون واحد من المحتوى، فشعرت زوجتي بحزني على عدم تقديم تلك القصص، وشجعتني على تصويرها بنفسي وتقديمها إلى الجمهور، فقد كانت “المشجع المثالي” في حياتي.

زوجتي أقنعتني بأن لدي موهبة الإلقاء ورواية القصة، وأصرت على خوض التجربة، وقد تشجعت فعلًا بسبب مساندتها لي، وأنشأت صفحة على الفيس بوك واليوتيوب، وقالت لي قدم المحتوى، إذا أعجب الناس استمر، وإذا لم يعجبهم فلن تخسر شيئًا، ولكني أخبرتها أنني سأشعر بالخجل، على الرغم من أن لي سابقة في الإذاعة المدرسية والجامعة وغيرهما، ولكن جمهور السوشيال ميديا مختلف، ولكن إصرارها انتصر على مخاوفي في النهاية وقررت خوض التجربة.

من هنا جاءت قصة “حكاية ليها أصل”، وقد قررنا تسميته بهذا الاسم بناء على لزمة كلامية لدى زوجتي عند الحديث عن فكرة البرنامج حيث كانت دائمًا تقول “عايزين نقدم حكاية ليها أصل”، وذلك كان التوجه الذي نفكر فيه بالفعل، أن نتناول حكايات من تاريخنا المعاصر أو القديم ولكن بشرط أن يكون لها أصل، وسجلت أول 3 حلقات، ولكنني احتفظت بهم أكثر من ثلاثة أسابيع، لم أنشرها فيها، واكتفيت باستطلاع آراء أصدقائي من أهل الثقة، وعندما وجدت الاهتمام والإعجاب في أعينهم عند مشاهدة الحلقات، اقتنعت وبدأت النشر.

ساعدني في المونتاج مخرج البرنامج أحمد رأفت، حيث كان هو من يخرج برنامج صديقي الذي كنت أكتب له سكربتات برنامجه، وهذا ما كنت أحتاجه، فأنا أعد لنفسي وهو يتولى مسؤولية المونتاج والإخراج، وأضم حاليًا أشخاص في فريق الإعداد، يساهمون في بعض المهام ما عدا الكتابة، فتلك هي موهبتي الأساسية ولن أتنازل عن ذلك الدور أبدًا.

الدقة والموضوعية سر النجاح

أقدم حلقة وحيدة خلال الأسبوع، على الرغم من مطالبة الجمهور بتقديم أكثر من حلقة، ولكن الغرض من ذلك هو إعطاء فرصة كافية للبحث عن المصادر المتعلقة بالموضوع، وإعداد الحلقة بشكل جيد، وأنا حريص على طرح كافة الآراء (مع وضد) كي أقدم الصورة كاملة للجمهور، كي لا نخفي جزء من الصورة عنهم.

أهتم جدًا بموضوع المصادر، ويجب أن أبحث جيدًا عن مصادر موثوق فيها مثل (البخاري ومسلم) في المواضيع الدينية، أو جرائد قديمة تحدثت عن موضوع ما، علينا أن نتحرى الدقة في المعلومات التي ننقلها للمشاهد، كما أضع لمستي الخاصة بوضع رأيي بطريقة مغلفة لا يفهمها إلا من تفاعل بعقله مع الحلقة، لأن مهمتي ليست النقل فقط.

 

التنوع مطلوب.. تجربة مصطفى محمود الملهمة

نحن كشعب مصري وعربي، شعب ملول بطبعه، لذلك فأنا لا أميل لتقديم محتوى مرتبط بموضوع واحد، على سبيل المثال، قديمًا عندما تشاهدين حلقة للدكتور مصطفى محمود في “العلم والإيمان”، ستجد كل حلقة بموضوع جديد، فمن الممكن حلقة الأسبوع الجاري لا تثير اهتمامك، ولكن الأسبوع المقبل تجبرك على مشاهدتها وهكذا، لأنه تناول مواضيع مختلفة ومتنوعة، فكان له جمهور واسع، على عكس “عالم البحار” و”عالم الحيوان”، إذ لم تكن بالبحار أو الحيوانات، فلن تشاهد البرنامج من الأساس، وذلك هي سياستي في اختيار المواضيع، فأنا كل أسبوع أقدم موضوع مختلف عن السابق، فأنا أحب التنوع، لأنه ينفي الملل، ويضفي نوع من الإثارة، وأتنمى أن أصل لمرحلة أن الجمهور يشاهد فيديوهاتي وهو متأكد أنني سأقدم له محتوى جيد، وذلك لا خلاف عليه.

من الأمور التي أهتم بها أيضًا هو أن المشاهد لا يمل من الفيديو، ويستمر للمشاهدة إلى آخر ثانية في الفيديو، ولذلك أتابع إحصائيات مشاهدة الفيديوهات، لكي أرصد ذلك الأمر.

مقدم حكاية لها أصل

أمنية العام الجديد

اقتربنا من إتمام العامين على إطلاق البرنامج، والتغيير مطلوب، لذلك أتمنى في العام الجديد أن أقدم حلقات بتصوير خارجي، لكي أعرف مصر للمصريين، وأعرفهم على مصر التي لا يعرفونها، والعرب كلهم ليس المصريين فقط، فنحن لدينا الكثير من المعالم الرائعة التي تستحق إلقاء الضوء عليها.

ما خرج من القلب دخل إلى القلب

أنا أقدم محتوايا بمبدأ “ما خرج من القلب دخل إلى القلب”، وليس كمصدر مالي أو شهرة، فأنا ما يهمني هو أن أمارس شغفي، أحكي والجمهور يسمعني، وأنا واثق أن ذلك هو سبب نجاحي، ولكن من يبدأ في ذلك المجال بمبدأ الربح، فإنه يقدم محتوى محفوظ بلا روح، لأن هدفه الربح فقط.

لماذا السوشيال ميديا؟

ميزة السوشيال ميديا هي الحرية المطلقة، حرية اختيار الموضوع والتنوع، والسوشيال ميديا فيها مزايا كثيرة، وأهمها حرية اختيار معاد مشاهدة الحلقات، حتى إن بعض برامج التلفزيون بدأوا بالاهتمام برفع حلقاتهم على السوشيال ميديا، لكي يتغلبوا على قيد العرض في وقت محدد على التلفزيون.

ومن المميزات أيضًا، أنها فضاء واسع للانتشار، فعندما نشاهد فيديو معين، تقودنا الخوارزميات إلى فيديو مشابه، لأنها اكتشفت مفضلاتك، بالتالي يستطيع المشاهد في نفس الوقت المفاضلة بين ما تقدمه أنت وما يقدمه غيرك ويختار بحرية بينكما.

الناس بدأت تقبل على السوشيال ميديا، بعدما زهدوا من محتوى التلفزيون، لأنهم وجدوا عليها ما يروق لهم، فبعض برامج التلفزيون أصبحت عديمة الفائدة، على عكس ما يبحث عنه الجمهور، فأنا ضد فكرة عزوف الجمهور عن المحتوى الهادف، بل هو يبحث عنه، والدليل أنه في فضاء السوشيال ميديا متوفر محتوى بلا قيمة مثل التي تطهو الطعام في غرفة النوم، وغيرها من الفيديوهات التي لاقت تفاعل الجمهور، ولكن نفس الجمهور عندما وجد محتوى مفيد يزيد من ثقافته اتجه إليه وتابعه، فأنا أراهن على وعي المشاهد المصري، قدم له محتوى جيد، سيشاهده ويدعمه.

الأثر

الشريحة العمرية الأكثر متابعة لي هم سن الشباب من 25 لـ45 عامًا، وهناك أصغر وأقرب، ولكنني مهتم بالشريحة الوسطى تلك، لأن أولئك هم صناع القرار الآن، ويجب أن أهتم بوصول محتوايا إليهم، وأحاول حاليًا جذب الجمهور الأصغر من أعمال 18 و19 عامًا وهكذا.

المحتوى الهادف يمكنه تغيير أمة كاملة، وتلقيت بعض التعليقات كنت أبكي تأثرًا منها، فأحدهم كتب لي في سلسلة قدمتها عن أئمة الإسلام في رمضان قائلًا: “أنت غيرت حياتي”، وذلك أمر عظيم، فتلك السلسلة قدمتها من وجهة نظري عن أشخاص أعتبرهم أئمة الإسلام، وكان ذلك كصدقة جارية لي لا أريد منها أكثر من ذلك، أريد أن أترك ورائي إرث كما فعل السابقين من المؤثرين في حياتنا، مثل الدكتور مصطفى محمود، والشيخ الشعراوي.

مقدم حكاية لها أصل