محمد أبومندور يكتب: عندما غنى الأقباط "طلع البدر علينا"

في ظل عالم يتم تتخبطه الطائفية المصطنعة أحياناً والحقيقية أحياناً أخرى، تبقى مصر مهداً للتسامح والتعايش الطبيعي وأقول الطبيعي لكونه ما جبل عليه الانسان وأقرت به الكتب السماوية ففي القرآن (لكم دينكم ولي دين)، تبقى بلادي هي حاملة شعلة السلام في العالم في كافة أرجائه، فلن تجد مصر في أي زمان أو تحت أي ظرف طرف متعد على طرف آخر بل عبر التاريخ ستجد أن مصر كانت تمثل بوتقة واستراحة لكل القادمين من أطراف وبقاع العالم المختلفة. بل حتى الغزاة الذين أتوا إليها قامت مصر بإصهارهم في حضارتها وعجنتهم في مجتمعها لا العكس فستجد أن القوى الاستعمارية هي من تأثرت بثقافة المصريين وليس العكس وغدى من تخلف من جيوشهم مصريون.

هذا الحديث عن الطائفية وعن من يأججونها أصبح بلا جدوى وبلا قيمة، فقد شهدت بيان عملي لعملية ناجحة في مكافحة الطائفية وقبول الآخر، شاهدت السلاح المستخدم وطريقته استخدامه البسيطة التي يمكن لأي مواطن عاقل أن يستخدمها وبلا تكلفة تذكر، كيف ذلك؟ تصادف وأن وجدت نقل مباشر على قناة النيل الثقافية وقائع مهرجان سماع للموسيقى الروحية والدينية الدولي، يحتوى المسرح على كم متنوع من مجموعات من الموسيقيين والمنشدين يمثلون ثقافات وإثنيات دول مختلفة، من الجزائر، زامبيا، اليونان، الهند، باكستان، أندونيسيا، الشيشان، الصين، تونس، ومصر.

شاهدت كل فرقة تتغنى بتراتيلها وإنشادها ولاحظت أنه في مرات عديدة تمايل المنشدين مع ما يتم عرضه من أناشيد بلغات لا يفهمونها فلا أعتقد أن الصينيون يفهمون لغة أهل زامبيا ولا الهنود يترجمون بشكل ما يتغنى به أهل اليونان، لكن ما هالني أن تجد ذلك يحدث بالفعل، فالموسيقى أذابت كل أسوار اللغة والاختلافات الثقافية، فوجدت مغني باكستاني يغني والفرقة الهندية تخدم عليه أو تعزف لحناً يتماشى مع أغنيته ولمن لا يعرف فالهند وباكستان بينهما ما صنع الحداد، لكن هذا الخلاف النووي اختفى أمام توحيد الأرواح أمام المعبود. كذلك حدث مع الفرقة الجزائرية التي كانت تنشد غناءاً صوفياً عذباً للصلاة على النبي فقامت الفرق الآخرى بما فيها فرق الغناء الكنسي الأرثوذوكسي والكاثوليكي بعمل مهمة الغناء المصاحب أو الكورس لما يغنيه الجزائريون.

قدمت فرقة سماع للانشاد الديني نشيد طلع البدر علينا ووجدنا فرقة سماع للتراتيل بالألحان القبطية تردد معهم الأنشودة الإسلامية بلا قيود أو تحفظ لم اصدق نفسي فأمعنت التدقيق فيما أراه وأسمعه، فوجدتهم يرددون مقطع “صلي الله على محمد، صلى الله عليه وسلم” وهم متشحون بأوشحة عليها صليب ذهبي كبير! وأمعنت النظر أكثر فوجدت من ضمن فريق التراتيل فتاتين محجبتين! وعندما ترنم فريق التراتيل بترنيمة جميلة صاحبتهم الفرق الصوفية بالتصفيق الايقاعي لعدم إجادتهم للغة القبطية، لكن التواصل كان عميقاً.

وصل مدى انبهاري بهذا المشهد وتأثري إلى انهمار دموعي بلا حرج، فما شعرت به هو أن مصر ليست طائفية والكل يعبد الله، لا وبل يعين الآخر على عبادته طبقاً لمعتقده وبحرية وهذا هو الأصل في مصر، لقد تربيت في جمعية الشبان المسيحية وكنت عضواً في جمعية الشبان المسلمين فتنشأت على احترام وحب متبادل مع أخوتي الأقباط وأن هدفنا واحد أننا نحب وطننا إرضاءاً لله وحباً فيه. تذكرت موال جميل قديم لمحمد طه يقول “مصر جميلة، مصر جميلة، خليك فاكر مصر جميلة”

في النهاية لمن يقومون بالشحن على وتر الطائفية أقول “بارت سلعتكم وألعبوا غيرها”

تابع الكاتب على تويتر من هنا

اقـرأ أيضـاً:

محمد أبومندور يكتب: كافيهاتك يا مصر

محمد أبومندور يكتب: الإصلاح.. أسلوب حياة

محمد أبومندور يكتب: فكر ثوانِ … تكسب ثواب

محمد أبومندور يكتب: كُلُه بخمسة جنيه

محمد أبومندور: الخبر والأثر   

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا