أحدثهم "القاهرة الإخبارية".. رحلة حازم طه مع الضبط اللغوي للمذيعين

إيمان مندور

“الحب الذي يحمله الإنسان للغته القومية جزء لا ينفصل من حبه لوطنه واستقلاله وحريته، والوطنيون حقًا هم أولئك الذين يحبون لغتهم القومية ويغارون عليها”.. بهذه الكلمات افتتح الدكتور الطاهر مكي مقاله “واللغة وطن أيضًا”، المنشور في مجلة “أدب ونقد” بتاريخ الأول من يوليو لعام 1984.

وبهذه الكلمات أيضًا يمكننا استهلال الحديث عن الإعلامي القدير حازم طه، مستشار التدريب والانضباط اللغوي بمجموعة القنوات الإخبارية التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي تنضم إليها حديثًا قناة “القاهرة الإخبارية”، المقرر انطلاقها غدًا الاثنين، في تمام الساعة السابعة مساء.

نرشح لك: انطلاق موقع “القاهرة الإخبارية”.. لقاءات مع نجوم الفن ووحدة للكتابة الإبداعية

رحلة حازم طه في الإعلام تتوازى مع اهتمامه باللغة العربية، بل جعل منها قضية وهدفًا أساسيًا في حياته، فعلى مدار مسيرة إعلامية تقترب من نصف قرن، ومن بين عشرات البرامج المختلفة التي قدَّمها خلالها، كان النصيب الأكبر من اهتمامه لبرامج الأدب واللغة.

“اللغة بعتبرها مهمتي ورسالتي في الحياة.. دي لغتنا وهويتنا لازم نعتز بيها ونحافظ على سلامتها”.. هكذا بدأ حازم طه حديثه لـ إعلام دوت كوم حول رحلته في تدريب المذيعين على الإلقاء والانضباط اللغوي، وتحديدًا في قنوات “إكسترا نيوز”، و”القاهرة الإخبارية”.

حازم طه

خطوات التدريب

قبل الشروع في أي تدريب يتعلق باللغة والإلقاء، يخصص حازم طه وقتًا للحديث مع المذيعين حول العنصر الأول والأهم، ألا وهو “ثقافة المذيع”، إذ يطلب من كل متدرب أن “يكون على دراية بشيء من كل شيء”، أي يكون واسع الاطلاع في المجالات المختلفة؛ في الرياضة والفن والسياسة والثقافة وكل المجالات الحياتية، على أن يكون على دراية كاملة بمجال واحد من بينها، بينما لا يشترط أن يكون ضليعًا في باقي المجالات.. “يعني لو مذيع رياضة لازم تكون عارف كل المصطلحات الرياضية وكل ما يتعلق بذلك المجال، وفي الوقت ذاته يكون عندك معرفة ولو بسيطة بباقي المجالات المختلفة”.

ينتقل بعد ذلك للجلسات المبدئية، التي يتم خلالها تناول أساسيات الإلقاء ومخارج الحروف والوقف والوصل وكل ما يتعلق بموسيقى الكلام، يليها الدخول في أساسيات اللغة العربية، ليس بمعنى شرح القواعد النحوية كما يحدث في المدارس، بل الوقوف أمام الظواهر اللغوية التي يشيع فيها الخطأ لدى المذيعين.

حازم طه

بعد انتهاء الجلسات المبدئية والتعريف بالأساسيات، يمتد دور الإعلامي حازم طه مع المذيعين، ويزداد التواصل بينهم، فالأمر ليس دورة تدريبية تستمر لوقت محدد، بل مهمة دائمة، حيث يستمر التواصل بينه وبين المذيعين، فيراقب الأداء ويصوِّب ما يراه خطأ، ويشيد بما يراه مميزًا وصحيحًا.. “الخط مفتوح بيننا طول الوقت، أنا أعطي ملحوظات وهم يتساءلون، طول الوقت فيه تواصل بيني وبين المجموعة اللي بتطلع على الشاشة في إكسترا نيوز، إذا لاحظت حاجة غلط بوضح وأصحح، ولو حاجة حلوة بقول وأشيد طبعا.. وإذا التبس عليهم أمر في الصياغة أو الإلقاء يستشيروني على الفور.. أنا معاهم استشاري بهذا الشكل”.

الانضمام لـ”القاهرة الإخبارية”

يوضح حازم طه أن انضمامه لقناة “القاهرة الإخبارية”، جاء بترشيح من أحمد الطاهري، رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، حيث تواصل الأخير معه بنفسه، وطلب منه تدريب المذيعين والاستعانة بخبراته الممتدة في اللغة والإلقاء، مضيفا: “هناك زملاء إذاعيين كبار أشادوا بهذه المبادرة من أحمد الطاهري، وباهتمامه بالاستعانة بخبير في اللغة والإلقاء وإنه يخليه موجود للقناة طول الوقت.. دي سابقة محدش عملها قبل كده وتحسب للطاهري”.

يضيف: “دي مبادرة أنا نفسي كنت ناديت بيها زمان، إن أي مؤسسة إعلامية أو غير إعلامية لازم يكون عندها مستشار لغوي يضبط كل الكلام الصادر منها وعنها.. لازم نضبط اللغة عشان نحترم هويتنا ولغتنا”.

حازم طه
تدريب المحترفين

عن كواليس تدريبه لمذيعي قناة “القاهرة الإخبارية”، أشار حازم طه إلى أن التجهيزات تمت بشكل سريع، فضلًا عن تكثيف العمل والتدريب نظرًا لكونها قناة جديدة لا تزال في طور البدايات، مشيرًا في الوقت ذاته إلى احترافية المذيعين بالقناة، فجميعهم كوادر متميزة منتقاة بدقة، وهو ما ينعكس بدوره على طبيعة التدريب، ففي التعامل مع المذيعين الجدد يكون الأمر مختلفًا من حيث التأسيس القوي في اللغة والإلقاء، بينما مع المتمرسين يكون التركيز على تلافي الأخطاء.

يواصل حازم طه إشادته بمذيعين “القاهرة الإخبارية”: “كلهم كفاءات وناس بيشتغلوا بقالهم سنين وتم اختيارهم بحسب الكفاءة، لذلك التدريب بيختلف ولا يكون بطريقة المبتدئين، بل حتى أنا لا أسميه تدريب بل أعتبره جلسات للمناقشة وتبادل الأفكار، فجميعنا نستفيد من بعضنا البعض، ونتعامل بأسلوب تناغمي واضح”.


الاستجابة وردود الفعل

وبسؤاله عن مدى استجابة مذيعي “القاهرة الإخبارية” لتوجيهاته، رغم احترافيتهم، أكد الإعلامي حازم طه أنه لم يجد أي مقاومة منهم، بل على النقيض تمامًا كانت الاستجابة إيجابية للغاية وغير متوقعة، مضيفًا: “لذلك من دواعي فخري وسروري إني تعاملت مع هذه الكوادر المنتقاة والكفاءات، ورغم هذه الاحترافية العالية استفادوا جدًا من التدريب وعبروا لي عن امتنانهم.. وده أسعدني للغاية”.

يواصل حازم طه حديثه عن مدى تفاعل المذيعين مع توجيهاته، موضحًا أن هذه الاستجابة السريعة وردود الأفعال الإيجابية منهم تؤكد توقعاته بأن يكون لـ”القاهرة الإخبارية” مستقبلا هامًا، وأنها ستخرج بانطلاقة قوية ليكون لها مكانتها المتميزة بين كبرى القنوات الإخبارية العالمية.

حازم طه