فادي عاكوم يكتب: في حب مي مختار

من يعرف الشاعرة والكاتبة مي مختار سيفهم العنوان سريعا، خصوصا أولئك الذين زاروا صالونها الثقافي الحديث نسبيا، أما من لا يعرفها فبعد هذه السطور سيفهم بكل تأكيد وستتكون لديه الحشرية للتعرف على مي وزيارة صالونها.

باختصار فإن مي مختار سيدة مصرية أصيلة، لطالما أسرت لأصدقائها بحلم لا يغيب عنها ليلا نهارا، إلا وهو صالون ثقافي بمنطقة تاريخية بعيد عن الحسابات الضيقة، بل ربما إرادته أقرب إلى ميعاد محدد لاجتماع الأحبة في هذا الزمن الصعب، وفعلا بدأت بتنفيذ مهمتها الانتحارية منذ سنة بالظبط، حيث دعت الأصدقاء إلى قهوة الفيشاوي في لقاء بصالون أسمته “صالون المحبة” وعلى مدى أشهر طويلة غمرتنا بلطفها وروحها الجميلة، وكان الوافدون يأتون حبا بروح مي إلى جانب تذوقهم الثقافي، فتوسعت الفكرة بمساعدة من الدكتورة والكاتبة منى ماهر والتي تعتبر شريكة في النجاح، إلى أن انضم إلى الثنائي الدكتور زين عبد الهادي كون الأمور أصبحت تتجه إلى المناقشات الرصينة والرزينة ولم تعد مجرد لقاء لمناقشة كتاب أو أبيات من الشعر وتذوق بعض الموسيقى.

نرشح لك: فادي عاكوم يكتب: ستات المدينة

ومي مختار معروفة بين أصدقائها ومعارفها حبها للجميع، وأيضا بروحها الطاهرة النقية التي تحب الجميع دون استثناء، فتراها توزع البسمات على الحاضرين مع كلمات جميلة نابعة من القلب ناهيك عن التصرف العفوي الذي يطرب القلوب ويراقص الأرواح، فمن منا ليس بحاجة إلى مي ومثيلاتها في حياته؟ أعتقد كلنا، وهذا دون أي اعتبارات أو حسابات شخصية أو شللية، بل على العكس فإن غاب أحد عن اللقاء تراها تتصل به وتسأله السبب، والإجابة الوحيدة المقنعة بالنسبة لها هي العمل وارتباطات الشغل.

مي مختار

اعترف إني ورغم مواكبتي لصالون المحبة إلا إني غبت عنه فترة بسبب تغيير ميعاده من التاسعة صباحا إلى الواحدة وهو ميعاد يتعارض مع عملي، إلا إني وبعد عودتي وأشبهها بعودة الابن الضال شعرت بإن الأمور لا زالت على ما هي عليه، فالمكان في قاعة الفيشاوي بل أن مي وعلى نفقتها قامت بترتيب صالة فوق المقهى التاريخي ليكون عنوانا دائما لها وللصالون.

في الجلسة الأخيرة لاحظت أمر لافت، فالدكتورة منى ماهر والدكتور زين عبد الهادي كانوا لطفاء جدا وكان روح مي وشخصيتها طغت عليهما فواكبا السعادة التي تنشرها لدرجة أصبح الثلاثي محطة جميلة للابتعاد عن كل الضغوط وربما وجوه الحاضرين المبتسمة كل الوقت هي الشاهد الأكبر.

الجلسة الأولى للسنة الثانية كانت نعم الاختيار، فقد استضاف الصالون الكاتبة والنائب في البرلمان المصري ضحى عاصي، والتي أضافت إلى المكان وجودا جميلا برصانتها ولطفها في آن واحد، والتتويج كان بمن احتل المنصة أي الدكتور الجميل محمد إبراهيم طه والجميلة والأستاذة سلوى بكر، وربما تكون هذه المنصة من أقوى منصات الثقافة في مصر بوجود هذه الأسماء.

واللافت في هذه الجلسة مقارعة الحاضرين لسكان المنصة، إذ كانت المداخلات قوية ومدروسة ومبنية على أساس علمي خصوصا من قبل الروائي أسامة ريان والناقدة حسناء رجب ودكتورة علم الألسن في جامعة عين شمس جهاد، حتى اندفع الدكتور عبد الهادي ليطلب منهم إمام الجميع كتابة أفكارهم لنشرها في المجلة التي يرأس تحريرها.

لكن لا بد من توجيه رسالة إلى الدكتور عبد الهادي، فهو طلب أن يكون الصالون باسم صالون مي مختار كصالون مي زيادة، ورغم تبريره المقنع بإن الألقاب لا تكفي للتعرف عن الشخص بل أن الاسم يكفي إلا أن الصديقة مي يا دكتور زين لا تزال بعيدة عن مي زيادة وما انتجته وما أثرت في الحياة الثقافية في مصر والوطن العربي والعالم، فلو تكرمت دعنا نتجه إلى حل وسطي ونكتفي مثلا بتسمية “صالون المحبة” والذي بالمناسبة مطلب من مي لأنه يدل على نوعية اللقاء وووجهه الحقيقي.

فيا مي شكرا لك لكل ما قمت به، شكرا لكل ما تكبدتيه من صعاب وتعب ومصاريف لإنجاح الحلم – الفكرة، فلولا المحبة لما اجتمعنا ولولا حبك لنا وحبنا لك لما استمر الحلم ونجح وأصبح من انجح اللقاءات الثقافية في وطننا الجميل مصر الأرض التي انجبت أعظم الكاتبات والكتاب واستوعبت أجمل العقول العربية، فشكرا لك بل ألف ألف شكر.. نحن جميعنا نحبك.