"الطبيب الذي ترك زوجته في المطار".. قصة حقيقية أم فبركة صحفية؟

إيمان مندور                                  الطبيب الذي ترك زوجته في المطار

يعرّف عالما النفس ألبورت وبوستمان الشائعة بأنها “تأكيد عام يتم تقديمه بوصفه حقيقة من دون توافر معطيات مشخصة تتيح التثبت من صحته”. بينما يعرفها عالم النفس كنساب بأنها “تصريح تم إعداده لكي يصدق، له علاقة بالحوادث الجارية، وينتشر دون أن يتم التحقق من رسميًا”.

هذه التعريفات تنطبق بدقة على ما حدث خلال الساعات القليلة الماضية، عقب تداول أخبار حول “ترك طبيب لعروسه في المطار بسبب صدمته بوزنها الزائد”. القصة المتداولة عن فتاة اقترب سنها من الثلاثين عاما، وكادت تحصل على درجة الماجستير، لكنها تنتظر قدوم الزوج المستقبلي للارتباط به، فيتم خطبتها لطبيب يعمل في الخارج عن طريق والدته، ولم تره الفتاة مطلقا، وعقب عقد القران، سافرت الفتاة بفستان زفافها لزوجها، فما كان منه إلا أن رفض إكمال الزيجة عند مشاهدته لها على الحقيقة في المطار لأول مرة، قائلا: “مش هستلمك.. أنت جسمك تخين جداً من تحت لا تليقي بي، وازاي أمي وأختي ما يقولوش ليا حاجة زي دي”.

نرشح لك: النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في واقعة قتل “سلمى” بالزقازيق

الخبر تداولته مواقع صحفية إلكترونية، تلاها انتشاره على الصفحات العامة على موقع فيس بوك على نطاق واسع، ثم بعض القنوات التلفزيونية كذلك. لكن اللافت أنه رغم كل هذا الانتشار إلا أن القصة بأكملها بدون أي تفاصيل، فالقصة بدون أسماء أو حتى الحروف الأولى منها، ولا الأماكن التي وقعت فيها القصة، متى حدثت أصلا، وأين تعمل الفتاة وأين زوجها، وهل من المنطقي ألا يكون معها أي أموال أو حتى مصوغاتها الذهبية أثناء سفرها للخارج، وهل هناك بلاغات بينهما، أم من روى هذه القصة أصلا وكيف خرجت للنور.. لماذا القصة مجهلة تفاصيل الزمان والمكان والأشخاص؟ لماذا لا توجد أي تفاصيل تتيح التأكد من الواقعة؟
الطبيب الذي ترك زوجته في المطار

 

ترك زوجته في المطار

بالبحث حول مصدر القصة، وبحسب النتائج التي ظهرت على موقع جوجل، فإن الموقع الأول الذي نشر القصة هو “صدى البلد”، بدون أي تفاصيل بالطبع، تلاه موقع “تحيا مصر”، والذي لخّص تفاصيل القصة في تصميم عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، وهو التصميم المتداول بين جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، ثم بعض المواقع التي نقلتها مع نسب المصدر لـ”صدى البلد”، باعتباره الخبر الأكثر تداولا في مصر الآن. وبمتابعة القنوات التلفزيونية نجد قناة “الشمس” قد تناولت الواقعة أيضا قبل قليل، عبر برنامج “نادي النساء السري”، حيث روت إحدى المذيعات القصة بتأثر شديد، وناقشتها مع زميلاتها، دون إخبار الجمهور حول مصدر القصة بالأصل!

الأزمة هنا ليست في الواقعة نفسها، لأنه من الوارد حدوثها، وحدثت من قبل قصص مشابهة لها في مجتمعنا المصري، لكن الأزمة الحقيقية أنها بدون أي مصادر، وبدأت وانتهت لدى الصحافة والإعلام، أي الجهة المنوط بها بالأصل التحقق من المعلومات قبل نقلها للجمهور. صحيح إنه من المعروف أن كل رسالة إعلامية قد تتعرض للتحريف عندما تنتقل من مصدر إلى آخر، لكن ماذا لو أن القصة بأكملها محرفة؟! ماذا لو أن القصة كلها من نسج خيال صحفي\صحفية لا تجد ما تكتبه خلال الشيفت؟! ولو أنها ليست كذلك لماذا لا توجد تفاصيل؟ هل من المهنية نشر أي قصة صحفية دون التثبت منها ودون تعريف القارئ بمصدرها؟!

أسئلة كثيرة لن نجد لها إجابات حتى وإن ظهرت العروس بنفسها في وسائل الإعلام، لأن وقوع القصة من عدمه لا ينفي عدم المهنية في تناول الواقعة التي في الغالب، أو ربما من المؤكد أنها ليست حقيقية.. سوى في خيال من كتبها لأول مرة!