"من بائع حليب إلى رئيس القضاة".. حكاية "فرانك كابريو" القاضي الأمريكي الأشهر على فيسبوك

أسماء مندور

منذ شهرته بأسلوبه القضائي غير التقليدي، جذب القاضي فرانسيسكو كابريو، المعروف باسم فرانك كابريو، الاهتمام في جميع أنحاء العالم بتفاعلاته الإنسانية المتعاطفة والعميقة داخل وخارج قاعة المحكمة، حيث حققت فيديوهات محاكماته نجاحات كبيرة على السوشيال ميديا، وتُرجمت إلى عدة لغات حول العالم، من بينها اللغة العربية، وفيما يلي أبرز المحطات في حياة هذا الأمريكي ذو التراث الإيطالي، وملامح سعيه نحو تغيير نظرة العالم حول القضاء في بلاده.

نرشح لك: أستاذ مخ وأعصاب: المرأة أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر

بدايات متواضعة

نشأ القاضي فرانك كابريو، صاحب الـ 85 عامًا، في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند الأمريكية من أصول متواضعة، ترتيبه الثاني بين ثلاثة إخوة مع والدته فيلومينا والأب أنطونيو، الذي كان يعمل بائعًا متجولًا للفواكه والحليب. وفي شقتهم ذات المياه الباردة، أثار حب العائلة طموحاته.

قبل أن يصبح فرانك كابريو قاضيًا بفترة طويلة، كان يلمع الأحذية، ويقوم بتوزيع الصحف، كما عمل في شاحنة حليب، سائرًا على خطى والديه في العمل الجاد لتحسين حياته، ورسخت هذه التربية فيه قدرة غير عادية على رؤية العالم من منظور مختلف، ليرسخها فرانك فيما بعد، مكرسًا حياته لخدمة الآخرين.

حلم المحاماة

التحق فرانك كابريو بمدرسة بروفيدنس العامة وتخرج من المدرسة الثانوية المركزية في عام 1954، وذهب للدراسة في كلية بروفيدنس لمدة أربع سنوات أخرى، ولأنه لا يزال يريد أن يصبح محامياً، قرر حضور فصول دراسية ليلية للحصول على شهادة في القانون أثناء عمله كمدرس خلال النهار.

قام كابريو بتدريس التاريخ في المدرسة الثانوية لتوفير نفقاته أثناء التحاقه بكلية الحقوق في جامعة سوفولك ببوسطن، وبعد التدريب على الممارسة القانونية، أصبح قاضيًا غير متفرغ في المحكمة البلدية في عام 1985، حيث نظر في معظمها في مسائل غير جنائية.

الوصول لمنصة القضاء

عمل القاضي كابريو في العديد من الوظائف الفردية للوصول إلى أهدافه الأكاديمية والمهنية، حيث خدم في الحرس الوطني لجيش رود آيلاند لما يقرب من عقد من الزمان، بدءًا من عام 1954. وبعد تخرجه من كلية الحقوق، أصبح جزءًا من مجلس مدينة بروفيدنس، كما شغل عدة مناصب في الإدارة السياسية لمجتمع رود آيلاند، ومن هناك، بدأ العمل كقاضي بلدية بروفيدنس في عام 1985.

انطلاق الشهرة

تمكن فرانك كابريو من التغلب على عقبات البدايات الصغيرة، ليصبح واحدًا من أكثر القضاة احترامًا في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل إصداره الحنون والعادل للأحكام في قاعة المحكمة، وبعد بضع سنوات، بدأ شقيقه جو في تصوير إجراءات جلسات المحاكمات.

أطلق على العرض اسم “Caught in Providence”، لكن شهرة كابريو انطلقت بعد ظهور مقاطع أقصر على فيسبوك في عام 2016، نشرتها شركة جو للإنتاج، وهي شركة وسائط اجتماعية في بروفيدانس، ويقول “العم جو” كما هو معروف لمتابعيه على الإنترنت، إن شقيقه القاضي فرانك كابريو هو نفسه خلف الكاميرا كما يظهر للعالم على الشاشة، ولديه رسالة جيدة لأمريكا والعالم.

نهج القاضي

أثنى الناس من جميع أنحاء العالم على مقاطع الفيديو حول نهج القاضي الحنون ونظام المحاكم الأمريكي، وهو أمر يذكره كابريو بكل فخر، موضحًا: “ربما أضيف القليل من الفهم لنظام حكومة الولايات المتحدة وكيف يعمل، وأننا شعب محترم محب للسلام، وليس كما يتم تصويرنا في أجزاء أخرى من العالم”.

يعتقد القاضي أيضًا أن سبب شهرته هو أن الناس فقدوا الثقة في الحكومة واعتادوا على المؤسسات التي تتعامل بالشدة دون مراعاة للظروف الشخصية، وكشف أنه تعلم تعاطفه من والده، وهو مهاجر من إيطاليا وبائع فواكه متجول، كان يدفع فواتير الحليب للعملاء الذين تخلفوا عن السداد، على الرغم من أن عائلته تعيش في شقة ذات مياه باردة مع القليل من الموارد الخاصة بهم.

سر التعاطف

وعن سر تعاطفه اللافت، قال القاضي فرانك كابريو ذات يوم: “أعتقد أنني يجب أن آخذ في الاعتبار ما إذا كان شخص ما مريض، وما إذا كانت والدته قد ماتت، وما إذا كان لديه أطفال يتضورون جوعاً، أنا لا أرتدي شارة تحت ردائي، أنا أرتدي قلباً تحت ردائي”.

بالعودة إلى قاعة المحكمة، أشار كابريو أيضًا إلى أنه لا يحاول تغيير العالم، لكنه يحاول فقط القيام بدوره، قائلًا: “في النهاية أنا أفعل فقط ما علمني والدي أن أفعله، إنني أتبع نصيحته، وكان لها صدى في العالم”.

فرانك كابريو الآن

يشغل فرانك كابريو الآن منصب رئيس قضاة البلدية في مدينة بروفيدنس، بعدما كان الرئيس السابق لمجلس محافظي رود آيلاند، ويقوم التلفزيون ببث عمله القضائي، ويمتلك مطعم في رود آيلاند، وفي حين لم يكشف كابريو عن راتبه من القضاء، لكن تبلغ القيمة الصافية المقدرة لثروته 13 مليون دولار اعتبارًا من عام 2021، وهذا يشمل أصوله وأمواله ودخله.

مصدر دخله الأساسي هو عمله كقاضي، لكن من خلال مصادر دخل أخرى مختلفة، تمكن فرانك من جمع ثروة جيدة، وفقًا لموقع informationcradle، الذي كشف أيضًا أن كابريو يقيم في عقار يمتلكه في شارع فينتون في بروفيدنس، بالإضافة لامتلاكه مسكنًا بملايين الدولارات في مدينة ناراغانسيت بولاية رود آيلاند.

وفقًا لإقرارات ذمته المالية، يمتلك كابريو عقارين في فلوريدا، أحدهما في ميامي والآخر في ويست بالم بيتش، كما أنه مُدرج في بروفيدنس كمستأجر مشترك في شارع جونز ومالك الكثير فمن العقارات في شارع أدي Adie.

مساهماته الخيرية

في كلية الحقوق بجامعة سوفولك، أسس كابريو صندوقًا للمنح الدراسية، مخصصة لطلاب رود آيلاند الذين يركزون على تحسين الوصول إلى الإدارات القانونية في أحياء مركز رود آيلاند الحضري، كما قدم منحًا في كلية بروفيدنس، وكلية الحقوق بجامعة سوفولك، وخريجي المدرسة الثانوية المركزية.

ارتبط كابريو أيضًا ببلدة بويز بإيطاليا، ومحكمة نيكرسون هاوس للأحداث، وبنك رود آيلاند للطعام. وفي عام 1983 كان الرئيس المشارك لمؤسسة رود آيلاند لجمع الأصول لإعادة بناء تمثال الحرية وجزيرة إليس.

حياة موازية

للقاضي فرانك كابريو حياة أخرى موازية للعمل في القضاء، حيث يمارس بعض أعمال المحاماة والقانون، ويمتلك مطعمًا على ساحل المحيط، ويحافظ على حياة اجتماعية نشطة كمسؤول عن عائلة كبيرة، بالإضافة لعلاقات اجتماعية مع طبقات عديدة من المجتمع، حيث أقامت زوجة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب السابقة، مارلا مابلز، في ضيافة كابريو مع أصدقاء مشتركين ذات يوم.

وبالإضافة لصداقاته مع مسؤولين بارزين في مجالات السياسة والفن والإعلام، كان أحد أبنائه الخمسة المرشح الديمقراطي لحاكم رود آيلاند في عام 2010.