صراع الأضواء والظلال.. هل تحن الفنانات المعتزلات للتمثيل؟

رباب طلعت

حالة من الانتعاش تشهدها الصفحات الرسمية للفنانة المعتزلة حنان ترك مؤخرًا، حيث بدأ الأمر بإعلانها في “لايف” على فيس بوك، لتؤكد لجمهورها عدم امتلاكها أية صفحات أو حسابات أخرى غيره، ومن خلال نفس تلك الصفحة، بدأت “ترك” في التواصل مع جمهورها بمشاركة صورًا ومنشورات لها، وأخيرًا إعلان عن تقديمها برنامج على “يوتيوب” باسم “حكايات نونا”.

نرشح لك: سوري وعمره 13 سنة.. تعرف على كريم لؤي شقيق ضحى في “وش وضهر”

الاعتزال.. قرار لإنهاء الصراع
عودة حنان ترك للأضواء مؤخرًا ليست الأولى، فهي إن اختفت عن الشاشة كممثلة منذ عام 2012 أي منذ 10 أعوام، لم تختف عن تقديم أعمال صوتية، سواء في الراديو أو المسلسلات الكارتونية الدينية، مثل مسلسل الرسوم المتحركة “كليم الله”، و”الإمام البخاري”، والمسلسل الإذاعي “النداهة”، ولكنها فتحت بابًا لتساؤلات عدة إذا ما كانت تفكر في العودة للتمثيل مرة أخرى أم لا، نظرًا لأنها باتت تسعى للعودة للأضواء مرة أخرى.

حنان ترك كان لها سابقة عودة عن الاعتزال، حيث إنها اعتزلت بالتزامن مع ارتدائها الحجاب في 2006، ولكنها عادت لتقديم أعمالًا فنية تتناسب مع حجابها، كان أبرزها “الأخت تريز” الذي كان آخر أعمالها قبل إعلان الاعتزال مع الإعلامي اللبناني نيشان، في برنامجه “أنا والعسل” الذي كان يعرض وقتها على قناة “الحياة”، حيث قالت في مداخلة هاتفية: “أخت تريز المسلسل الأخير ليّا في التمثيل.. أنا اعتزلت التمثيل تمامًا لوجه الله الكريم”.

وعن سبب الاعتزال قالت: “عشان الصراع اللي جوايا، لأني مش عارفة أعمل فن بشكله الصحيح، ولا أرضي ربي في حجابي، فكان لازم اختار رب العالمين، وأنا مرتاحة جدا بقراري، مينفعش نفضل عايشين في صراع لا أنا من هؤلاء ولا هؤلاء”.

ليس حرامًا ولكن!
حديث حنان ترك عن الاعتزال خلى تمامًا من تحريمه أو تحليله، فقد أضافت في نفس المداخلة قائلة: “كل شيء في الدنيا حلال، وأنتي اللي في إيدك تعمليه حرام أو حلال، فالقصة ملهاش دعوة بحلال أو حرام، لأن مش أنا المفتي اللي هيقول ده، الفن رسالة.. ولكن جوة العسل في مر، خوفًا من إني بحط في العسل السم، ده اللي خلاني ابعد، لأن مشكلتي أكون من الذين يفتنون المؤمنين والمؤمنات، أنا محجبة والمحجبة مينفعش تتلمس، أنا بحجابي فتنة أكبر من أي فتنة تانية، أنا بقول لربنا مقدرش أقف قدامك يوم القيامة وأنا فتنت الناس دي”.

قناعة الفنانة بعدم حرمانية الفن، أمر كثيرًا ما أكدت عليه، حتى أنها انتقدت الفنانات التي يرتدين الحجاب ويخرجن في تصريحات صحفية وتلفزيونية تصف كل منهن الفن بأنه حرامًا وفتنة وما إلى ذلك، وأشادت بموقف الفنانة الراحلة شادية، التي اعتزلت في هدوء، وفي حوار سابق لها على شبكة تلفزيون ART، مع الفنانة فيفي عبده قالت: “الفن إدمان جميل وخاصة إذا كان يحمل رسالة.. بزعل من بعض الفنانات والفنانين المعتزلين واللي بعضهم اعتزل بسبب الحجاب.. أنا مش مع اللي يقول أنا توبت.. أنا مش عايزة أحلل الحرام وأحرم الحلال.. مش عايزة أقول حاجة وأفتي فيها ومش ملمة بيها، بس بيصعب عليا فنانة أو فنان يطلع يقول على الفن إن سمعته وحشة.. وفي دكاترة بنسمع عنهم بلاوي.. ومهندسين بيبنوا عماير بتقع على دماغ أصحابها.. فمينفعش إننا نعمم.. ربنا بيهدي من يشاء لكن دا مش معناه إنك كنتي كافرة”.

الصراع هل ينتهي؟
التسمية السابقة التي أطلقتها “ترك” على الحالة التي عاشتها قبل اتخاذها قرار الاعتزال نهائيًا وهي “الصراع”، يمكن استخدامها للسؤال عن حالها حاليًا “هل أنهت حنان ترك الصراع؟”، فعودتها للأضواء حاليًا ليس عودة للفن بطبيعة الحال، ولكنها عودة للشهرة، كلمة السر الأبرز في عودة أكثر المعتزلات، فالأمر ليس فقط حب التمثيل، ولكن أيضًا الاعتياد على الشهرة.

الأمر -أو الصراع- ليس مرتبطًا بحنان فقط، فمن قبلها كان “ترند” عودة حلا شيحة، وتحولاتها المتناقضة من حجاب واعتزال ثم عودة بالحجاب ثم اعتزال ونقاب وتحريم وما إلى ذلك، وفجأة عودة بدون نقاب وحجاب وسطي، ثم خلع الحجاب والعودة للتمثيل والظهور في المهرجانات الفنية، وأخيرًا زواج آخر واعتزال وحجاب يتعرض لانتقادات كثيرة من البعض نظرًا لأنه يُظهر بعض خصلات من شعرها.

وعن مسألة الحجاب حلا شيحة نشرت الأسبوع الماضي عبر “إنستجرام” منشورًا تحدثن فيه عن حجابها، قالت فيه: “بالنسبة لحجابي أنا قلت بحاول زيي زي بنات كتييير وأكيد مش أحسن حاجة بس أنا كدة دلوقتي والحمد لله، وأنا مش شيخة أنا إنسانة عادية جداً ليا حسناتي وليا سيئاتي والبشر كلهم كدة فبلاش حد يزايد علي حد”، وتلك الكلمات، تشير لصراع بشري عادي جدًا، يصيب أي إنسان عادي على حد تعبيرها. ولكنها في نفس المنشور أيضًا أشارت إلى معضلة الفنانات المعتزلات دون قصد، وهي حب التواجد وسط الجمهور، وحب الشهرة، حيث قالت: “”أنا علي صفحتي بحب أشارك جمهوري ساعات بمعاني بحسها وبحسهم زيي، وبحب أتواصل معاهم، وأبقى موجودة معاهم مش أكتر من كده”.

ذلك الأمر أصاب فنانات سابقات أيضًا، وأبرزهم الفنانة سهير البابلي، التي قالت في حوار لها مع الإعلامية راغدة شلهوب، إن سبب حجابها هو إنها خافت، و”اتكسفت من نفسها” بسبب ارتداء ابنتها للحجاب وهي صغيرة في السن، وهي مشغولة بالتمثيل، وعن كلمة “خوفت” التي قالتها، أكدت أنها تخاف مما سيحدث لها عند ملاقاة الله، فالجميع سوف يتحاسب على كل شيء، مؤكدة أنها لا تستطيع تحليل ولا تحريم الفن، وأشارت إلى أنها سألت الشيخ الشعراوي عن التمثيل، فقال لها أن الفن ليس عيبًا، وطلب منها أن تقدم فنًا يعلم الناس ويكون به رسالة، ولا تقدم الأشياء الخارجة.
وعن سبب استمرارها في الفن مع حجابها، ردت بشكل صريح “الفلوس”، لأنه ليس لديها بديلًا، وانتقدت الذين يطلبون منها أن تعتزل ولا تمثل بالحجاب.

الصراع ما بين الفن والحجاب، أيضًا أصاب عبير صبري، والتي أكدت في حوار لها مع الإعلامي عمرو الليثي، أنها ندمت على خلع الحجاب، وتفكر في ارتدائه مرة أخرى، مؤكدة أنها ستفعل ذلك يومًا، ولكنها خلعته بسبب ظروف معينة مرت بها ولم تستطع الاستمرار فيه، لأنها تعجلت في القرار وهي لم تكن “قده” على حد تعبيرها.

وبالبحث أيضًا عن الكثير من الفنانات المعتزلات أو مرتديات الحجاب، سنجد أن حديثهن دائمًا يقع في دائرة الصراع، ما بين إيمانهن بفرضيته، ورغبتهن في ارتدائه، وما بين الفن، مع اختلاف الأسباب (شهرة، أموال، تعلق بالتمثيل، وما إلى ذلك).