"لم تتزوج ابنها بالخطأ".. القصة الحقيقية للفنانة أميرة أمير حماة نيللي كريم

إيمان مندور

جدل كبير أثير على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الآونة الأخيرة عقب تداول منشورات متعلقة بحياة الفنانة الراحلة أميرة أمير، فبالرغم من وفاتها منذ 54 عاما، إلا أنه انتشرت قصة متداولة عن حياتها، معنونة بـ”الفنانة التي تزوجت ابنها بالخطأ”، وتروي القصة أن أميرة التي بالأصل اسمها “سعدية” اضطرت للعمل كخياطة بعد سجن والدها وهي في سن 16 عاما، وحينها تقدم عمدة قريتها بالشرقية للزواج منها وكان يكبرها بسنوات عديدة، اضطرت للزواج منه وأنجبت منه طفلا، لكنها هربت منه لاحقا للقاهرة، وتركت ابنها لوالده. ومن هنا بدأت رحلتها مع الفن، لتتعدد زيجاتها، وفي نهاية حياتها تهاجر لأمريكا وتلتقي هناك بشاب يهودي من أصل مصري فتقع في حبه وتتزوجه، لتكتشف لاحقا أنه ابنها الذي تركته في قريتها، فتسقط على الأرض من هول الصدمة وتُنقل للمستشفى وتموت هناك، ثم يكتشف ابنها الأمر فيلقي بنفسه أمام سيارة ويموت منتحرا.

نرشح لك: حكم قضائي يلزم محمد رمضان برد 13 مليون جنيه

إلى هنا تنتهي القصة المأساوية المتداولة على السوشيال ميديا بكثافة، والتي تداولتها العديد من المواقع الإخبارية أيضا دون التحقق منها أو الرجوع لأسرة الفنانة الراحلة. وهي بالفعل قصة مأساوية لكن ليس بسبب أحداثها التي ذُكرت في الفقرة السابقة، بل لأنها مفبركة بالكامل وغير حقيقية، وهو ما سبّب ضررا بالغا لأبناء وأحفاد الفنانة الراحلة، فكل ما ورد في القصة المتداولة عن تاريخ أميرة أمير غير صحيح وغير حقيقي، ولم يحدث أن تخلت عن أسرتها أو تركت ابنها ثم تزوجته بالخطأ، ولم يمت والدها في السجن أو يُحكم عليه بالمؤبد، ولم تكن خياطة أصلا كما قيل.

كل ذلك نفته أسرة الفنانة الراحلة لـ إعلام دوت كوم لتكشف لنا القصة الحقيقية وراء هذه الشائعات ومن أين ولماذا خرجت، وما القصة الحقيقية للفنانة الراحلة، وما علاقتها بالفنانة نيللي كريم.

البداية من “طيف الحب”

تقول عصامة غرام شيبا الإعلامية السابقة بإذاعة بي بي سي وابنة الفنانة أميرة أمير، إن والدتها توفيت عن عمر 44 عاما، وتركت 3 بنات وولد (نجوان وعصامة وبهاء وأميرة). وأصل الحكاية يعود لـ “طيف الحب”، وهي قناة على يوتيوب تحمل هذا الاسم والقائم على إدارتها شخص يعمل مدرس لغة إنجليزية، هو أول من فبرك هذه القصة عن حياتها ونشرها على الإنترنت، ومن ثمَّ تداولها الجميع من بعده، مشيرة إلى أنه لم يفبرك هذه القصة فحسب بل أيضا هو من أطلق شائعة تخص الفنانة وفاء عامر بأن أيتن عامر ابنتها وليست شقيقتها، لتقوم وفاء بمهاجمته وتتسبب في إغلاق قناته لفترة طويلة، لكنه عاد من جديد لاستكمال شائعاته حول الفنانين، خاصة الراحلين منهم، وفبركة قصص متعددة عنهم، تخص الأعراض على وجه الخصوص.

تضيف عصامة لـ إعلام دوت كوم أن استمرار هذه القصة وزيادة انتشارها بمرور الوقت سبب ضررا كبيرا لأسرة الفنانة الراحلة، وحاولوا بكل الطرق وقف هذا الانتشار لكن لم تفلح كل تلك المحاولات، لأن أي شائعة طالما وجدت طريقها للسوشيال ميديا فهي في ازدياد متتابع طالما لم تنتشر الحقيقة بنفس القدر الموازي لها. تضيف عصامة: “لا تتخيلوا إحنا نفسيا تعبانين قد ايه بسبب هذه القصص المفبركة عن والدتي.. بجد حسبي الله ونعم الوكيل أنا بدعي عليهم ليل نهار، ده ألفوا شخصيات غير موجودة وادوهم أسماء، هما بيتربحوا من الخوض في الأعراض لكسب مشاهدات وتحقيق إعجابات وتعليقات كتير.. وبيقولوا معلومات غريبة جدا، يعني مثلا أنا والدتي عمرها ما كانت خياطة، بل كان عندها أكبر محل أزياء وقتها في مصر اسمه ميس إيجيبت”.

أميرة أمير وابنتها
أميرة أمير وابنتها “عصامة”

أما أميرة صبري الابنة الصغرى للفنانة أميرة أمير فتوضح لـ إعلام دوت كوم أنهم اكتشفوا انتشار هذه القصص المفبركة منذ نحو عامين، عبر العديد من قنوات اليوتيوب، وحاولوا التواصل مع المسؤولين عن هذه القنوات لحذف هذه الأكاذيب لكن أغلبهم لم يتجاوبوا معهم ورفضوا ذلك، مضيفة: “قصة كلها كدب، قصة متتعملش فيلم من كتر ما هي غير مقبولة، حاولنا مع يوتيوبرز كتير إننا نقولهم الكلام اللي بتقولوه ده مش حقيقي لكن كانوا بيردوا علينا إنه نصدق منين إنكم ولادها.. قلة قليلة منهم كانت بتشيل الفيديوهات دي لكن في ناس مكملة، وبعض المواقع اللي نشرت الكلام ده تواصلنا معاهم برضو وحذفوا هذه الشائعات اللي نشروها بدون تحقق”.

ما علاقة نيللي كريم؟

توضح “أميرة” أن القصة عادت للانتشار على نطاق واسع منذ شهرين تقريبا، خاصة منذ الهجوم على مسلسل “فاتن أمل حربي” الذي قدمته الفنانة نيللي كريم في موسم رمضان 2022، فأميرة أمير هي والدة بهاء صبري طليق الفنانة نيللي كريم ووالد ابنيها يوسف وكريم، قائلة: “الموضوع متعلق بنيللي.. رغم إن نيللي لا عمرها شافتها ولا اتقابلوا، هما عايزين يلزقوها في نيللي ويجيبوا اسمها في أي حاجة عشان يجيلهم متابعين ومشاهدات كتير”.

وهو ما تؤيدها فيه عصامة، حيث أوضحت أن شقيقها “بهاء” الزوج الأول للفنانة نيللي كريم، حين تزوج نيللي كانت لا تزال فتاة صغيرة في السن في عمر 17 عاما تقريبا، وكانت راقصة باليه وقتها ولم تدخل المجال الفني إلا بعد سنوات طويلة من إنجاب ولديها، قائلة: “في بداياتها كان يتم الإشارة لوالدتي في اللقاءات التلفزيونية التي تُجرى مع نيللي وقتها، لتؤكد أنها حماتها بالفعل، لكنها لم تلتق بها، أصلا والدتي توفيت حين كان شقيقي بهاء في عمر 5 سنوات وأميرة في عمر سنتين.. كان كل ما يجوا يعملوا مع نيللي حوارات في بداياتها يسألوها عن ده.. دلوقت بقت نجمة كبيرة جدا فابتدى الموضوع ده ياخد شكل تاني عشان يهاجموها أو يجيبوا سيرتها في أي حاجة”.

عقب انتشار الشائعة من جديد خلال شهر أبريل، تواصلت عصامة مع الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية في نهاية شهر رمضان، لكنه أخبرها حينها أنه يؤدي مناسك العمرة وسيهتم بالموضوع عقب عودته، وهاتفت نيللي كريم أيضا، وأخبرتها الأخيرة أنها ستتحدث معه في الأمر، لذلك لم تعاود الاتصال به مرة أخرى حتى يتسنى لنيللي الحديث معه في الأمر، مضيفة: “سبب إن أمي تبقى تريند دلوقت إن هي كانت حماة نيللي كريم.. ونيللي نجمة كبيرة في مصر دلوقت، ومن بعد مسلسل (فاتن أمل حربي) ابتدى موضوع والدتي يرجع تاني كنوع من التشهير بنيللي ومهاجمتها بعد المسلسل، ثم نسيوا نيللي ومسكوا في القصة المفبركة عن زواجها من ابنها بالخطأ”.

تواصل عصامة حديثها: “أمي هي اللي ربت إخواتها واللي منهم دلوقت دكاترة وظباط ورجال أعمال، أنا شوفت أمي وأنا صغيرة كانت محبوبة وبيحترموها بطريقة كبيرة، كانت تلميذة عزيزة أمير، وزوجة كمال سليم ودول رواد السينما المصرية، أنتجوا لها وكتبوا لها وأخرجوا لها في الأربعينيات.. أكيد كان في موهبة تستحق يعملوا ده كله عشانها”.

أميرة أمير وكمال الشناوي.. الصورة أعطاها الشناوي بنفسه لابنتها عصامة بعد رحيل أميرة بسنوات

 

كيف حدثت الوفاة؟

بحسب تصريحات ابنتها فقد توفيت الفنانة أميرة أمير في لبنان عام 1968، حيث أصيبت بالتهاب رئوي ونقلت للمستشفى، وكان زوجها برفقتها حين ذاك، اللواء إبراهيم فايز صبري، وهو من عاد بجثمانها لدفنها في مصر، وكُتبت العديد من المقالات لنعيها في الصحف المصرية واللبنانية آنذاك. كما تم نعيها في جريدة الأهرام بتاريخ 6 أبريل 1968، وذُكر في النعي اسم زوجها وأولادها وأفراد أسرتها، وهو ما يؤكد أن كل ما ذكر عن وفاتها وهي على ذمة نجلها غير صحيح ومفبرك بالكامل، بل كانت وقتها على ذمة اللواء إبراهيم فايز صبري الذي أنجبت منه “بهاء وأميرة”.

 

أميرة أمير وزوجها إبراهيم صبري.. المقال منشور بعد وفاتها
أميرة أمير وزوجها إبراهيم صبري.. المقال منشور بعد وفاتها

هل توفي والد أميرة أمير في السجن؟

ضمن المنشورات المنتشرة على السوشيال ميديا أيضا أن والد الفنانة أميرة أمير كان جزارا بمحافظة الشرقية، وفي يوم من الأيام حضر مفتش الصحة للتفتيش عليه، ليكتشف أنه يخالف أسعار البيع القانونية فتحدث مشاجرة بينهما، فيقوم بقتل المفتش بالساطور وتقطيعه ويحكم عليه بالسجن المؤبد ويموت في السجن، ليتضح لنا لاحقا أن القصة الحقيقية لم تكن على هذا النحو. لأنه وفقا لرواية ابنة أميرة أمير فإن جدها لم يكن جزارا عاديا بل كان المورد الأساسي للحوم في مصر آنذاك، “كان تاجر كبير ومحله لسه موجود.. العمارة اللي فوق سينما نورماندي في مصر الجديدة دي كانت بيت جدي وما زال فيها حتى الآن خالة من خالاتي”.

تضيف: “كانت حادثة، وجدي مماتش في السجن، هو قضى مدته وطلع لأنه مكنش قتل عمد ولا قطّع الراجل زي ما مكتوب، الراجل تعدى عليه فدافع عن نفسه فالراجل مات، اتحكم عليه إنها مشاجرة أفضت إلى قتل، وعندي شهود عيان على ده، وإنه الراجل تعدى على جدي وضربه، فكان لازم يرد ويدافع عن نفسه لأنه تاجر كبير وله هيبة وقتها”.

تواصل عصامة: “أمي أول واحدة اتعملها توك شو في مصر، برنامج اسمه (وراء الستار) كان بيكتبه ليها فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي، كانت بتقدم فيه مواهب مختلفة، ولما راحت أمريكا اشتغلت في التلفزيون، إحنا عيلة بنحب أمنا وبنحترمها وربت إخواتها وآخر أيامها اعتزلت وعاشت مع جوزها بما يرضي الله.. ذكرياتنا جميلة، ليه تشوهوا وتسمموا حياتنا!”.

وتختتم ابنة أميرة أمير حديثها مع إعلام دوت كوم قائلة: “دي ظاهرة الوجه الأسود للسوشيال ميديا، الموضوع أكبر بكتير من قصة أمي، ده بيحصل على ناس كتير أخرى، على الأقل إحنا موجودين هندافع عنها، في ناس تانية بيتقال عنها كلام غير حقيقي ومفيش حد يدافع عنهم بعد رحيلهم.. شيء مفجع وحرام وباطل”.

السيرة الذاتية للفنانة أميرة أمير

هذه السيرة الذاتية وفقا لما أرسلته لنا ابنة الفنانة الراحلة، لأن الكثير من المعلومات الموجودة على الإنترنت غير صحيحة عنها، خاصة عبر موقع ويكيبيديا.

أميرة أمير من مواليد مصر الجديدة عام 1924، اسمها الحقيقي سعدية أبو العلا عبد الرحمن، وهي إحدى رائدات السنيما المصرية كممثلة ومنتجة. تتلمذت على يد عزيزة أمير أول ممثلة وكاتبة ومخرجة ومنتجة في تاريخ السنيما المصرية والعالم، وكانت “الأم الروحية” لأميرة أمير، حيث أعطتها اسمها الفني واعتبرتها ابنة لها، لأنها لم تنجب أبناء. لذلك المعلومة المتداولة عن كونها ابنة عزيزة أمير غير صحيحة.

قدمت أميرة أول عمل سينمائي لها بعنوان “ابنتي” في عام ١٩٤٤. ثم التقت بالمخرج كمال سليم رائد الواقعية في السنيما المصرية، الذي تزوجها وكتب وأخرج لها عدة أفلام، منها “حنان”، و”ليلة الجمعة” و”قصة غرام”، لكن وافته المنية عن عمر ٣٤ عاما. ثم تزوجت من المطرب والملحن والمنتج اللبناني غرام شيبا، وأنجبت منه ابنتها “عصامة”، ثم تم الانفصال بعد عدة سنوات لرفضها الهجرة معه إلى الأرجنتين وترك أسرتها.

أميرة أمير مع زوجها مدحت خلفا في أمريكا
أميرة أمير مع زوجها مدحت خلفا في أمريكا

دُعيت أميرة أمير بعدها لزيارة هوليوود، وعملت في التلفزيون الأمريكي لفترة، وتزوجت من صحفي من أصل مصري يعيش هناك اسمه مدحت خلفا، ولم يستمر هذا الزواج لرغبتها في العودة إلى مصر، ولم يسفر عن أي أبناء. عادت مرة أخرى إلى مصر في منتصف الخمسينيات، وقامت ببطولة عدة أفلام مع كمال الشناوي، مثل فيلم “دكتور بالعافية” أول فيلم عربي ملون، إنتاج مصري – مغربي مشترك، ثم فيلم “جحيم الغيرة”، وكان آخر أفلامها “تحت سماء المدينة” في بداية الستينيات.

كما قدمت برنامج “وراء الستار” في بداية إرسال التلفزيون المصري. ثم تزوجت المقدم أركان حرب إبراهيم فايز صبري واعتزلت العمل الفني وتفرغت لرعاية أسرتها وأنجبت منه طفلين؛ ابنها الذكر الوحيد بهاء وابنتها أميرة، ثم وافتها المنية في عام 1968 عن عمر ٤٤ عاما، نتيجة إصابتها بالتهاب رئوي وكانت تعالج في مستشفى في لبنان برفقة زوجها الذي أعاد جثمانها لتدفن في أرض الوطن كما كانت تلك رغبتها دائما وسبب رفضها العيش في أي بلد آخر.

أميرة أمير على غلاف مجلة الكواكب
أميرة أمير على غلاف مجلة الكواكب
أميرة أمير وزوجها إبراهيم فايز صبري
أميرة أمير وزوجها إبراهيم فايز صبري