يا مجانين كنت نفعت نفسي.. نداء عاجل من أبو الهول لـ مستشفى العباسية!

نداء عاجل من تمثال أبو الهول
هدير عبد المنعم

لكل إنسان الحق في النوم عدد ساعات كافية تعينه على مواصلة الحياة وعدم انهيار جسده، فقيام أي إنسان بفعل النوم ليس بالشيء الغريب، ليس بخبر.. ولكن أن ينام أبو الهول فهذا خبر، لأنه بمنتهى البساطة هو تمثال، صحيح أنه برأس إنسان ولكنه تمثال.

الدعاء من أجل أبو الهول

انتشرت صورة على مواقع التواصل أو الجدل الاجتماعي السبت الماضي، لتمثال أبو الهول يبدو خلالها وأنه مغمض العينين وكأنه نائم، ومن هنا بدأ التحليل والتأليف والمزاح الذي يتحول إلى حقيقة لا أساس لها من الصحة مع الوقت وللأسف يصدقه البعض كمعلومة.. وفي الحقيقة ما هو إلا هراء.

نرشح لك: كبير الأثريين بالسياحة: استفدنا من أزمة صور “أبو الهول”

 

البعض أكد صحة الصورة المتداولة بأن أبو الهول نام بالفعل فجأة بدون مقدمات، وأن هذه الصور غير معدلة ببرامج تعديل الصور مثل فوتوشوب، كما أكد أنه لم تحدث عمليات ترميم للتمثال حتى يتغير شكل عينيه، وقال هذا الفريق بمنتهى الخوف الحقيقي أن الأمر غريب وقد ينذر بحدوث كارثة أو حرب نووية وظل يدعي ويبتهل طوال الليل أن يستقيظ أبو الهول.

يا مجانين كنت نفعت نفسي.. نداء عاجل من أبو الهول لـ مستشفى العباسية!

آخرون لا بد من استغلال موهبتهم في التأليف وخيالهم الواسع، لم يكتفوا بالتأكيد على صحة الصور، بل فسروا هذه الظاهرة -التي لم ولن تحدث من الأساس- بأنها إشارة لحدوث كارثة في البلاد، أو اندلاع حروب نووية، وبعد منح هذه الفئة جائزة أوسكار أحسن مؤلف وأوسع خيال ومناشدة مستشفى العباسية للأمراض العقلية بإجراء مقابلة معهم، هناك سؤال يطرح نفسه، ما مصدر المعلومة؟ لا يوجد.

 

سؤال آخر هام، على مدى آلاف السنين، ومنذ أن تم نحت تمثال أبو الهول في عهد الملك خفرع في الأسرة الرابعة في عصر الدولة القديمة “عصر بناة الأهرام”، رأت مصر وكوكب الأرض، العديد من الكوارث الطبيعية والبشرية، وكان أبو الهول مستيقظا وعيناه تنظر لنا ونظره 6 على 6، عندما تعرضت مصر للعديد من الغزاة والاحتلال والحروب، كان أبو الهول جالس مكانه، مستيقظ، يشاهد ما يحدث فقط.. لم يفعل أي أكشن، لم تساعدنا عيناه الجميلتان.

كان أبو الهول حمى أنفه

جدير بالذكر أن أبو الهول شخصيا لم ينفع نفسه حينما شوهت أنفه وفمه، ولم يستطع أحد إصلاحهما إلى الآن، الواقعة التي اتهم فيها كثيرون نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية وجيشها أنه من فعلها، ولكن صحيفة “جارديان” البريطانية نشرت دليلا جديدا ينفي الرواية المتداولة بشأن تسبب جنود في حملة الفرنسية على مصر، في تحطيم أنف أبو الهول، خلال تدريب على القصف عام 1798.

نابليون بونابرت بريء

وذكرت الصحيفة أن هناك لوحة زيتية، توضح أبو الهول دون أنف، رسمها قائد بحري دنماركي يدعى فريدريك لويس نوردن، قبل ولادة نابليون بقرون، وكان المؤرخ المصري المقريزي كتب عن أنف أبو الهول المفقود، خلال القرن الـ15، قائلا إن تشويها متعمدا ارتكبه “شيخ فاطمي متعصب” كان يدعى محمد صائم الدهر، أسفر عن كسر أنف تمثال أبو الهول، لكن غالبية الروايات التاريخية تستند إلى أن الأسباب المناخية وعوامل التعرية وراء تحطم أنف أبو الهول.

وأيا كان السبب، فالسيد أبو الهول لم يحمي أنفه أو يرد عن البلاد أي اعتداء وهو مستيقظ، حتى تحدث كارثة عندما ينام، والروايات السابقة تستدعي سؤالا هاما وهو هل نام أبو الهول أم كان أحدهم يحلم؟

تفسيرات وآراء وسخرية ونفي

البعض نفى صحة الصورة، قالوا إنها لنموذج لتمثال أبو الهول في الصين، والبعض الآخر فسر ظهور أبو الهول نائما في الصور أن ذلك بسبب زاوية التصوير أو أنها معدلة بالفوتوشوب.

على الجانب الآخر، تناول البعض الأمر بسخرية شديدة، بل وقاموا بتأليف تعاويذ غير حقيقية مدعين أنها فرعونية، تؤكد قرب حدوث كارثة فعلا بنوم أبو الهول، يعتبر هذا هو الجانب الألطف في الأمر، فانتشار شائعة غير صحيحة مثل تلك ليس شيء جيد، والتي نفاها الدكتور “علي أبو دشيش” خبير الآثار المصرية وعضو اتحاد الأثريين، وقال إن الصور والشائعات المتداولة حول إغماض أبو الهول عينه، غير صحيحة وغير منطقية لان تمثال أبو الهول موجود في مكانه بهضبة الجيزة.

 

أضاف أن هذه ليست الشائعة الأولى عن تمثال أبو الهول الذي يرجع للملك خفرع مؤسس الهرم الثاني، فعلى مدار الزمن ظل تمثال أبو الهول يحيط به السحر والغموض، ولأنه من أحد أيقونات الحضارة المصرية القديمة، ظل دائما حديث العالم أجمع فالعالم مفتون بغموض وجمال الحضارة المصرية القديمة المتفردة.

وعن هذه الصور أكد “أبو دشيش” أن مجال التصوير الفوتوغرافي وبرامج الفوتوشوب والجرافيك أصبحت تسطيع الآن تحريك الأشياء الثابتة من مكانها الأصلي كما يمكنها التلاعب بالملامح الفنية والتحكم فيها بشكل كبير، وأيضا اختلاف زوايا التصوير، وتمثال أبو الهول ليس بعيد عن أحد فأنا شخصيا أطل عليه أكثر من مرة لسكني بجواره.

تابع أن هذه الصورة رغم غزوها لمواقع التواصل الاجتماعي وحالة الجدل المثارة فإنها تروج للسياحة الداخلية وأنه سوف يقوم الكثير بزيارة منطقة الأهرامات لمشاهدة تمثال أبو الهول الضخم، فهذا سوف يزيد من الوعي الأثري للمواطنين.

إقبال تاريخي من أجل عيون أبو الهول

وبالفعل هذا ما حدث، ففي الأيام التالية ذهبت أعداد كبيرة من السياح والمصريين للاطمئنان على صحة أبو الهول وعيناه، وأنه ما زال مستيقظا ولم ينم، وبالفعل وجدوه مستيقظا.

خسوف دموي وتفسيرات أخرى من جديد

لحظ أبو الهول العثر، أنه في فجر اليوم الاثنين بداية من الساعة ٤.٢٧ دقيقة حدث خسوف كامل للقمر يدعى الخسوف الدموي، ولاحظته معظم البلاد ولكن تأثيره واضحا بشكل كبير في مصر، أصحاب الخيال الواسع السابق ذكرهم -نكرر مناشدتنا لمستشفى العباسية للأمراض العقلية لإجراء مقابلة معهم حرصا على سلامة المجتمعات وأبو الهول شخصيا- حاولوا الربط بين “نوم أبو الهول” -الذي أكد كل علماء الآثار والزوار الذين ذهبوا إلى أبو الهول خلال اليومين الماضيين أنه مستيقظ ولم ينم- وبين ظاهرة الخسوف الدموي التي حدثت وأنها تنذر بقرب حدوث كارثة ما أو أن العالم سيشهد أياما صعبة خلال الفترة المقبلة.. لا إجابة لا تفسير ولا مصدر للمعلومة.. لنرى.

أعتقد أن أبو الهول أصابته الدهشة من كثرة الأعداد التي زارته، ماذا لو عرف أنه أصبح “ترند”؟ سيتغير وضعه الاجتماعي بالكامل وقد يحدد ساعات عمله حسب مزاجه، كما قد يرفض بعض الصور التي تلتقط له مع المواطنين والسياح، وقد يهددنا بأننا إذا لم ننفذ طلباته سينام بالفعل هذه المرة.. حمدا لله أن أبو الهول لا يعلم ما هو “الترند” ولا يعلم ما قيل عنه، فلو علم ما قيل لغضب وأصبح هو الكارثة التي ستحل علينا حقا، وليس نومه هو الكارثة أبدا.