سهر الصايغ.. المارد المبتسم

هالة أبو شامة

“العمار ده اللي بيسكن بيوتنا، وفيه اللي بيروح للعيال الصغيرة ودول الأرواح، والخبيث منهم شيطان ودول معروفين، والأشد خبثا من الشيطان المارد زي مليكة.. مليكة مارد ناري، وفي الطبقة الأعظم فيه العفاريت، كل ده مذكور في القرآن، والشمعدان المقلوب دي علامة قبيلة مليكة ودول كلهم من الجن الناري الكافر، ومعروف عن الجنس ده إنه اتخلق قبل سيدنا آدم والله أعلم، واللي من نسله إبليس واللي من نسل إبليس مليكة وشرها”.

بهذه الكلمات كشف “زهير” عالم الماورائيات المسيحي الغموض الذي يحيط بمليكة، تلك المرأة التي تظهر للشيخ صابر المداح بين فينة والأخرى، مرتدية قلادة على هيئة شمعدان يهودي مقلوب، لتحذره أو تضايقه أو تستفزه بكلمات ربما تردعه عن فعل الخير أو تدفعه للرضوخ لأوامرها ورغباتها.

نرشح لك:أحمد والي: العمل مع حمادة هلال متعة.. ودوري في “وجوه” مختلف تماما عن “المداح”

طلة محببة

ورغم ذلك الوصف المهيب لماهية مليكة، إلا أن سهر الصايغ، أكسبت تلك الماردة النارية طلة محببة على الشاشة، خفيفة على القلب، وربما كان هذا أمرا مقصودا من صناع العمل لتتماشى الشخصية مع الطابع الاجتماعي للمسلسل وحتى لا يتم تصنيف الأحداث على أنها رعب بحت.

والدليل على ذلك نجده واضحا في مظهر “مليكة”، إذ ارتدت طيلة الحلقات فستان أسود بسيط بتصميم عصري لا يخلو من الأناقة، بل ويصلح للمناسبات إذا ما تم ارتدائه بطرق أخرى، لذا فلا يمكن أن نصفه بأنه زي مخيف كالمعتاد في الأعمال التي تتضمن أحداثها جن أو عفاريت، وإنما اعتمد المخرج أحمد سمير فرج، على المكياج الأسود وتسريحة ولون الشعر.

مؤثرات مستخدمة

ليس هذا فقط، وإنما لجأ أيضًا إلى استخدام بعض المؤثرات الصوتية والبصرية، حيث تضمن العمل عدة مشاهد ظهرت فيها مليكة وهي تتحرك بسرعة كبيرة وبطريقة مفاجئة، وتتحدث بصوت غليظ أجش أقرب لصوت الرجال، هذا بجانب بعض المؤثرات الأخرى كالديكور والإضاءة.

فيما تناول السيناريو عدة أحاديث متبادلة بين “صابر المداح” و”مليكة” تضمنت كلمات غلب عليها الغموض والإثارة، إلا أنها لم تهدف لإخافة المشاهد بقدر ما دفعته للتفكير وربط الأحداث –التي لم يكن مبالغ فيها دراميا- لاستنتاج المعنى المقصود.

وما كان مثيرا لحيرة المشاهد أكثر وأكثر، هو ظهور “ملك” سيدة الأعمال الجميلة، التي ظن البعض أنها بشرية، إلا أنه تبين في نهاية الأمر أنها “مليكة” التي تنكرت لتكمل تفاصيل خطتها.

أداء مميز

كل ذلك، تضافر بسلاسة مع الأداء المميز لسهر الصايغ، وملامحها البشوشة المعبرة والتي كافية لإظهار مدى خبث “مليكة” وطرافتها –إن جاز التعبير- خاصة في حديثها مع الشيخ صابر وهي تقول: “أنت اللي خونت العهد.. يا خاين”.

فتلك الجملة الأخيرة حينما تسمعها بصوت “مليكة” الهادئ ذو النبرة الشامتة، لا يسعك سوى الابتسام، والانتظار بلهفة لمشهد آخر لتهدد الشيخ “صابر” أو لتغيظه.