يوم الحداد الوطني في المكسيك.. موسيقى الحب في فيلم خيري بشارة

رباب طلعت

ماذا لو اختفى الحب؟ ماذا لو امتنع الناس عنه وحرموه؟ فأصبح القانون يحاسب من يتعاطيه كإنه من الممنوعات أو المحرومات؟ أن يصبح حمل دبدوب صغير بمثابة حمل سلام يهدد سلام المارة؟ أن يصبح اللون الأحمر رمزًا للثورة على سلطة المادة التي اختارها الناس بإرادتهم بعد أن اغتالوا الحب؟

أسئلة معقدة، تكاد تكون محض وهم أو خيال.. فكيف يختفي الحب؟! ولكن في 36 دقيقة من البحث عن “الحب”، في فيلم “يوم الحداد الوطني في المكسيك”، من سلسلة “الحب والحياة”، على منصة “نتفليكس” يقدم المخرج خيري بشارة الحالم بطبعه، فيلمًا قصيرًا يُعري به حياتنا التي أصبحت بلا حب، وليس المقصد هنا حب الحبيب لحبيبته، إنما الحب بمفهومه الأكبر.. حب الحياة.. ذلك الحب الذي وصفه سعد عبد الوهاب بأنه “ريشة في هوا”.. التي اختارها “بشارة” لمشهد النهاية.

نرشح لك:كيف تتصدر “الترند” على طريقة زوج الفنانة إياها؟

الدنيا ريشة في هوا.. احنا النهاردة سوا بكرة هنكون فين؟

ففي سؤال للمخرج خيري بشارة عن سبب اختياره لأغاني الفيلم للتعبير عن الحب أجاب: “أنا بشوفهم كده، بحس إن هو الحب كده”، الحب مثل ” الدنيا ريشة في هوا.. طايرة ما بين جناحين”، هل كان يعلم سعد عبدالوهاب، أن أغنيته التي لحنها له عمه محمد عبدالوهاب عام 1956، ستظل الاختيار الأمثل للتعبير عن الحب إلى عام 2022؟ وأن سحر كلمات مأمون الشناوي سيستمر طوال تلك السنوات؟ لا أظن. وعلى الرغم من غياب إجابة السؤال الثاني والأول، إلا أن “بشارة” نجح في الاختيار، فالحب الذي قدمه خلال الفيلم عكس نفس إحساس الأغنية تمامًا، فالمشاهد يشعر في رحلة البحث عن “الحب” وتحريره بأن قلبه “ريشة في هوا”.


عارفة أنا حبيتك ليه.. علشان واضحة وجريئة.. شبه الأحلام في بداية العمر، وفي زمن الكدب إنتي حقيقة”.. حبيتك شبه الحرية.. والنسمة والنور والمية.. والوردة في شعرك أغنية بتعدي حدود المألوف”.

ومع “الدنيا ريشة في هوا” قدم بشارة مفهومًا حالمًا عن الحب الذي يبحث عنه في فيلمه بكلمات الغزل الرقيقة السابقة، وبصوت ندى الشاذلي، التي وصفها بأنها “سحرته” عندما شاهدها في فيلم “عنها”، والحقيقة أن ندى قادرة على إلقاء سحرها على كل من يسمعها ويرى خفتها على الشاشة، كأنها “ريشة في هوا”، فإن كان هناك اكتشافًا حقيقًا في ذلك الفيلم فهي ندى، التي يقدمها “بشارة” للجمهور المصري بثنائيها مع آسر ياسين، كما قدم لهم سيمون في “أيس كريم في جليم” من قبل، بجانب عمرو دياب، ونتمنى أن نراها كثيرًا، فذلك الأداء السهل والملامح المصرية الممتزجة بهذا الصوت الساحر لابد من أن يحظى الجمهور بفرص مشاهدة أكثر لها على الشاشة.


ثورة الحب.. والموسيقى
وبجانب مشهد النهاية، كانت موسيقى العمل كله ليست المعزوفة فقط، وإنما الموسيقى ذات اليد العليا في إنعاش الحب من وجهة نظر نورا الشيخ كاتبة السيناريو وصاحبة العبارات سهلة الفهم عميقة المعنى، حيث كانت خطة “ندى” للثورة على منع الحب، هي أغنية تقدمها في الراديو لتعيد إحياء المشاعر بقلب الجمهور، مع صديقتها العازفة نانسي منير، التي عزفت ألحان الفيلم، وظهرت أيضًا في دور العازفة، حيث قدمت هي الأخرى موسيقى “حب” تليق على ذائقة خيري بشارة المخرج السينمائي الهائم بالموسيقى.

موسيقى الأداء في كوميديا بشارة السوداء
قدم بشارة نوع آخر من الموسيقى وهو موسيقى الأداء، فالمخرج كمايسترو الفرقة الموسيقية نجاح تقديم المعزوفة يعتمد عليه بشكل كبير بجانب احترافية العازفين، وقد اختار خيري بشارة عازفي مقطوعته الفنية بدقة كبيرة، وأخرج منهم أداء لامع، فبجانب آسر ياسين الذي نجح في تقديم الاختلاف في المشاعر بشكل بارع، من مذيع مدعي بلا قلب، لرجل خائف على حبيبته، لثائر مغامر يسعى لتحريرها، لحبيب هدأت روحه عندما بُعث الحب من جديد، كان هناك محمد لطفي الضابط في هيئة منع الحب، الذي قدم الدور بكوميديا سوداء يجبرك على الضحك والسخرية ومع ذلك الوقوع في حب أدائه الفانتازي، وكذلك بسمة تاجرة الحب، وعلي صبحي الزوج المغلوب على أمره أمام زوجته عدوة الحب، الباحث عنه بعيدًا عنها، لعب الجميع مقطوعة موسيقية تستحق الإشادة.