د. نرمين سعد الدين
منذ أول أمس وأنا أتابع ردود الجماهير على فيلم يسمى “أصحاب ولا أعز”، ردود أفعال متباينة بين معارض له بحجة أنه يدس السم في العسل ويتلاعب بثوابت الأسرة والقيم والأديان، والبعض الآخر معترض على رد فعل الفريق الأول ومؤيد تأييد مطلق للأبداع وحرية التعبير عن قضايا المجتمعات بشكل مطلق دون قيد أو شرط، لأتفاجا بعد مده ليست بالكبيرة أن الفيلم ذاته منسوخ من فيلم آخر يعد مجرد ترجمة حرفية بلا إبداع أو تغيير يذكر، وهذا على مسئولية النقاد المتخصصين، ولأتفاجأ أيضا أن الفيلم يعرض على منصة خاصة! أجل خاصة مدفوعة الأجر تشترك فيها بمليء إرادتك أنت من تذهب لها بإرادتك الحرة تماما وانت تعلم علم اليقين أن تلك المنصة لها ما لها وعليها ما عليها منذ سنوات.
الحقيقة تندهش كل تلك الأراء من جمهور عادي أو فنانين أو نقاد هل رأوه فعليا أو هو فعل هستيري انتقل من شخص لآخر كل متبوع بمبادئه ووجهة نظره منحاز لها مدافع عنها بعيد عن المنتج نفسه.
في الحقيقة أيضا وعلى غير العادة وربما سيندهش الكثير من أنني أنا بالذات سوف اتحيز اليوم للجانب الذي يطالب بعدم المنع ويسخف من تلك المطالبات، وكن ليس لأني اتفق مع محتوى الفيلم ولكن في أيام أيامنا تلك ما هو مفهومنا عن المنع مع منتج هو في الأصل ليس مصري لا يعرض على أي من المنصات المعروفة السهل الوصول إليها، ما هي آليتكم للمنع إذن؟ كذلك إن دافعنا اليوم على سياسة المنع والرقابة ورفع القضايا وهتفنا لها أنها تدافع عن قيم المجتمع والآسره، يمكن المنع يطالنا ذات يوم فهذا لا يعجبه مقال بحجة أنه تكدير للسلم العام، وأخر يطالب بمنع بوست أو قفل صفحة شخصية لأي شخص كان شخصية عامة أو مغمورة بحجة أن أراءه تثير بلبلة مثلا.
أما عن محتوى الفيلم نفسه وفكرة النسخ من الأعمال الأجنبية، أذكر أني تربيت على أعمال زمان كانت تسمى سهرات تلفزيونية، الكثير من تلك الأعمال كان مأخوذا من أعمال أجنبية كتابات بشكل أكبر منها المنسوخ بالكلمة والحرف حتى الأسماء كانوا يحتفظوا بأسماء الشخصيات والمدن الأجنبية حتى أن الممثلين يتحدثون باللغة العربية الفصحى وأذكر أني حينها كنت عاشقة لسهرة تدعى منزل الحيوانات الزجاجية لفايزة كمال ربما لأنه وقتها كان من أوائل الاعمال التي تتناول حياة ذوي الإعاقة ومتاعبهم النفسية والاجتماعية ولكنه لم يحظ بنجاح كبير كنجاح سهرة أخرى تسمى (ليلة القتل الأبيض) تلك السهرة كانت تقريبا تحمل نفس معنى ورسالة فيلم (أصحاب ولا أعز) شاب تسوقه الأقدار لمنزل مجموعة من كبار السن في ليلة شتوية مطيرة وأجواء صعبة المجموعة عبارة عن محامي ووكيل نيابة وقاض وخادمهم عشماوي على ما أتذكر.
يقرروا أن يلعبوا مع الفتى لعبة ككرسي الاعتراف ويحاكمونه بناء على اعترافاته هو شخصيا، حتى يصل بهم أن اتهمونه بالقتل، تسبب في وفاة صاحب الشركة، وسارت السهرة هكذا تعريه للنفس البشرية وتطلعات البشر وأن كل منا وله خطيئته حتى لو كان يبدوا ظاهريا ملاك جميل الملامح شاب كمصظفى فهمي حينها.
الفكرتان متقاربتان بشكل كبير ولكن أحدهما قدم بتمصير وأداء جاذب مثير رغم تقديمه منذ زمن بتقنيات بسيطة ورتابه العصر حينها ولكنه مميز نجح في تحويل الرواية بشكل جميل غير مخجل أو فاضح ربما أيضا فنيا تميز عن الأخير في أشياء يراها المتخصصون.
ولكن أحدهما مازال في الذاكره حتى الآن.