تفاصيل نصب موقع إلكتروني لتوزيع "الترافيك" على ملايين المصريين

رباب طلعت
الترافيك
على الرغم من التحذيرات الكثيرة من السقوط كضحية لأحد”مستربحي” الشبكة العنكبوتية، وقع ملايين المصريون في شِراك موقع إلكتروني لتوزيع “الترافيك” على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وقنوات اليوتيوب، حيث حصد من ورائهم ملايين الجنيهات، واختفى! وجاري البحث عنهم من الجهات المختصة.

كيف بدأت الخديعة؟

ظهر منذ أشهر قليلة موقع يحمل اسم (الرمال البيضاء – white sands)، روج وكلائه له عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنه لجني الأرباح عبر الإنترنت، وذلك من خلال مهام يومية بسيطة، وهي أن يضغط المشترك على زر الإعجاب بصفحات معينة، أو لفيديوهات على اليوتيوب، لزيادة عدد المشاهدات، وهو الأمر الشائع على الإنترنت مؤخرًا وتعرف تلك المواقع بـ”مواقع توزيع المرور أو الترافيك”.

الموقع عرف نفسه على أنه تابع لشركة تُسمى (Omnicom)، وهي شركة عالمية حسبما كان منشورًا في تعريف الموقع (about us)، وأكدوا أن لديهم عملاء في أكثر من 70 دولة، ولديهم وكلاء أو وسطاء بينهم وبين المشتركين في التطبيق التابع للموقع لتحويل الأرصدة عليهم.

أتاح الموقع للعملاء إمكانية الاستفادة وجني الأموال من خلال حسابات مجانية، حيث يمكنه جني أموالًا مقابل 5 مهام فقط، يتقاضى عليها 30 جنيهًا شهريا، يتم تحويلها له عبر محفظة إحدى شركات الاتصالات الشهيرة، وقد تقاضى الكثيرون بالفعل تلك الأموال ما زاد الأطماع حول المزيد، والترقي إلى حسابات الـvip المختلفة، وبها 5 مستويات أساسية، تم إضافة السادس والسابع مؤخرًا، وتلك الحسابات تتيح للمشترك ربحًا أكبر، وقد تم إضافة خاصية تتيح إتمام المهام بشكل تلقائي عن طريق “روبوت”، وتلك يصل سعر الاشتراك فيها إلى 500 جنيهًا/ 6 أشهر.

 

نرشح لك: توثيق حسابات السوشيال ميديا.. كيف تحولت “العلامة الزرقاء” لعملية نصب؟

 

جدول الأسعار والأرباح

 

الترافيك


الانتشار.. الكل شريك في النصب


على طريقة التسويق الشبكي الشهيرة التي اشتهرت قبيل عام 2010 وارتبطت باسم شركة (QNET)، بدأ الترويج لفكرة دعوة الأصدقاء للتطبيق، وازدادت المطامع نحو ربح أكبر، فبدأ كل مشترك إقناع أسرته وأصدقائه التسجيل عن طريق الكود الخاص به ليتضاعف ربحه، ويستفيد كل منهم أيضًا، وظهر “الوكلاء” أولئك هم الوسطاء أو قاعدة الهرم كما كانوا يعرفون من قبل في التسويق الشبكي، بالتواصل مباشرة مع مؤسسي الموقع، وإقناع الناس للدخول سواء عن طريق فيديوهات أو منشورات عبر حساباتهم، أو الترويج للفكرة في الجامعات والفعاليات الكبيرة، بطريقة مستنسخة، لما حدث سابقًا وقت انتشار موضة التسويق الشبكي.

حول الموقع الأرباح للوكلاء وبدورهم حولوا للناس، ومن ثم بدأوا في تلقي أموالًا طائلة من المشتركين لترقية حساباتهم، حيث دفع بعضهم ما يتخطى الخمسون ألفًا، وحول الوكلاء الأموال للشركة، التي حصدت بحسب أقوال الضحايا أكثر من مليار جنيهًا مصريًا، وفجأة اختفى الموقع! مما تسبب في صدمة كبيرة للمشتركين، خاصة الذين دفعوا أموالًا طائلة.

هوس جني الربح السريع والسهل ذلك، دفع البعض حسب تعليقاتهم على المجموعة المغلقة (facebook group) للموقع على “فيس بوك”، لبيع ممتلكات لهم وصلت إلى مصوغات ذهبية، واستثمارها في الموقع، وقد ضاعت عليهم.

 الترافيك

 

بدأ المشتركون بتقديم بلاغات رسمية إلى الجهات المعنية، وتوكيل محامين له، وإنشاء غرفة على تطبيق تلجرام، مديرها محامِ شهير، لعمل توكيلات له لمتابعة القضية، بالإضافة لحماية المشتركين من اتهامات أقاربهم وأصدقائهم بالنصب عليهم، حيث تم تهديد بعضهم برفع دعاوى قضائية ضدهم، ليتحول كل منهم إلى شركاء في النصب أيضًا.

ومن أكثر القصص المؤلمة التي تداولها المنصوب عليهم من وايت ساندس، كانت لسيدة وضعت كل أموالها في التطبيق، وعند اختفائه والمسؤولين عنه، أصيبت بصدمة كبيرة أدت إلى وفاتها، وذلك حسب شهود على الواقعة، حيث إنه لا توجد أية دلائل قانونية إلى الآن، والأمر كله لا يزال قيد التداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي فقط.

التحرك القانوني

بحسب شاهد عيان، فإن بعد تقديم توكيلات إلى المحامين، تم فتح باب التحقيق في الواقعة، إلا أنه إلى الآن لم يتم التوصل إلى أي من مؤسسي الموقع، فقط تم القبض على عدد من الوكلاء للتحقيق معهم، والذين أكدوا عدم معرفتهم بالمؤسسين، وقدموا “برينتات اسكرين” للمحادثات التي جمعتهم بهم، وأنهم هم من تواصلوا معهم وإقناعهم بتجميع الأموال من الناس لزيادة أرباحهم.

بحسب ما تم تداوله من إجراءات البحث عن المتهمين عبر جروب “الرمال البيضاء” على “فيس بوك” و”تلجرام”، فإن التحقيقات معقدة للغاية، نظرًا لأن كافة المحافظ التي يتم تحويل الأموال عليها ليست مقيدة رسميًا في شركات الاتصالات الخاصة بها، ويتم التحقيق مع موظفين من داخل تلك الشركات لتسهيلهم فتح تلك الحسابات دون رقم الهوية أو أية بيانات عن صاحبها، ولا يزال البحث جاري.

 الترافيك