مدير مواقع التواصل بدار الإفتاء: مواقع موجهة تلفق تعليقات عبر صفحتنا بشكل متعمد

مدير مواقع التواصل بدار الإفتاء
إسراء إبراهيم

تشهد حسابات “دار الإفتاء” على مواقع التواصل الاجتماعي طفرة في التعامل مع المتلقي وجمهورها المستهدف. إذ تسعى الدار للوصول لأكبر قدر من الأشخاص في ظل التطور التكنولوجي والاعتماد على “السوشيال ميديا” بشكل كبير.

تعمل “دار الإفتاء” على تصحيح المعتقدات والمفاهيم الخاطئة، وتقديم المعلومات بشكل سريع ومبسط مستخدمة كافة وسائل التسهيل على الجمهور، كما تشارك في الرد على الشائعات والقضايا الدينية التي تشغل الرأي العام، وتثير جدلا مجتمعيا.

نرشح لك: بحب “أنسنة” التقارير ومبخافش.. خلاصة تجربة أحمد بجاتو كمراسل حربي

 تواصل “إعلام دوت كوم” مع د. أحمد رجب أبو العزم، مدير مواقع التواصل الاجتماعي بدار الإفتاء المصرية، لمعرفة المزيد عن خطة تطوير دار الإفتاء، وبعض المعلومات عن كيفية إدارة حسابات الدار، وفيما يلي الحوار:

 

مدير مواقع التواصل بدار الإفتاء
د. أحمد رجب

في فترة سابقة كان التواصل مع دار الإفتاء إما بزيارة مقرها أو من خلال الاتصال بخط ثابت.. فمتى بدأت خطة تطوير تواصل دار الإفتاء مع الجمهور.. ولماذا كان هذا التوجه؟

دار الإفتاء المصرية المهمة الأساسية لها هي إسقاط الأحكام الشرعية على الواقع وإصدار حكم شرعي يتوافق مع الحال، وبالتالي فالتجديد الدائم واليومي خاصة في الوسائل والآليات هو من أساسيات عملية الإفتاء، ودائما تسعى دار الإفتاء المصرية إلى الوصول إلى الناس بأسهل وأيسر الطرق وبما يتوافق ويتناسب معهم، وقد بدأ تطوير موقع الدار منذ عام 2006م فبدأ استقبال الأسئلة الشرعية والإجابة عليها ثم إرسالها على الإيميل الشخصي، وكذلك استقبال الأسئلة من خلال الهاتف سواء بشكل مباشر أو مسجل، فيمكن للسائل أن يتحدث مباشرة مع أمين الفتوى أو تسجيل سؤاله ومن ثم سماع الإجابة بعد 24 ساعة تقريبًا، ثم تم استحداث تطبيق للموبايل ويتم أيضًا الإجابة على الأسئلة وكل هذا يتم في سرية تامة من خلال كود يحصل السائل عليه ولا يستطيع أحد رؤية الإجابة إلا من خلال الكود، ومنذ ظهور تقنية البث المباشر على الفيس بوك في أغسطس 2015م سارعت دار الإفتاء وقتها وتم استخدامها أيضًا لاستقبال الفتاوى وكانت في البداية ساعة واحدة في الأسبوع ثم بعد نجاح التجربة أصبحت 5 أيام في الأسبوع وقد تكون أكثر من ساعة خلال اليوم.

 

هل كان هناك تخوف أو قلق من فكرة التعامل المباشر مع جمهور السوشيال ميديا الذي يتعامل بشكل كبير بمنطق التسفيه والتنظير كالسخرية في كثير من القضايا؟

 التعامل المباشر مع الجمهور هو شيء أساسي في تلقي الفتاوى، ومواقع التواصل الاجتماعي تم دراستها جيدًا قبل البدء في استخدامها سواء لنشر الفتاوى أو تلقيها والإجابة عليها والقائمين لدينا على إدارتها مدربين بشكل جيد على مهارات التواصل مع الجماهير ويتم تطوير مهاراتهم بشكل دوري ومتابعة ردود أفعالهم مع المتابعين لقياس مدى توافقهم وتطبيقهم لما تدربوا عليه.

 وبطبيعة الحال لا بد من وجود من يسفه أو يسخر من بعض القضايا التي يتم نشرها ويتم التعامل مع هذا الأمر بشكل يتناسب مع مكانة الدار كمؤسسة، فلا بد من تقديم نموذج عملي في التعامل مع تلك القضايا ولا يتم تسفيهها بل التعامل معها ودراستها من أجل الاستفادة.

 

كيف تتعامل الدار مع التعليقات غير الصحيحة والتي تنشر معلومات دينية مغلوطة في الكومنتات الخاصة بدار الإفتاء؟

 يكون التعامل على عدة مستويات فأول مستوى هو التوضيح فقد يكون التعليق ناتج عن فهم خاطئ لما تم نشره فيتم التعليق من صفحة دار الإفتاء بتوضيح، وقد يكون التعليق مجرد نسخ لرأي منتشر على بعض المواقع من خلال البحث على جوجل فوقتها يتم تنبيه المعلق أن الفتوى التي نشرتها الدار صحيحة وأنه لا بد أن يبتعد عن الإفتاء بغير علم لأن في هذا خطر عظيم، وقد يكون التعليق لمجرد أن يبين للمتابعين أن دار الإفتاء أخطأت في الفتوى وهذا يتم التعامل معه على حسب كل تعليق على حده.

 

كيف يتم تحديد ما إذا كان الموضوع المتداول عبر السوشيال ميديا يستحق كتابة منشور أو فتوى عبر الصفحة الرسمية للدار؟

 يوجد لدى دار الإفتاء المصرية مرصد يعمل على مدار 24 ساعة يرصد كل كبيرة وصغيرة وكذلك إدارة نبض الشارع التي تتفاعل مع القضايا المهمة التي تكون محل نقاش، وهناك لجنة على رأسها فضيلة المفتي ومستشاره الإعلامي، وعدد من كبار علماء دار الإفتاء.

ويتم عرض القضايا عليهم ويتم أخذ القرار بشكل جماعي وهناك آليات ميسرة نتبعها في تيسير هذا الأمر، لأن القرار قد يكون في وقت غير أوقات العمل الرسمية وبالتالي فلا بد من التواصل السهل والسريع قد لا يتعدى في بعض القضايا المهمة عدة دقائق، وهذا تماشيًا مع طبيعة الحال في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحتاج سرعة ودقة في الأداء.

 

من المسؤول عن إصدار فتاوى السوشيال ميديا.. وكيف يتم التشاور فيها ومناقشتها قبل طرحها للجمهور؟

 الفتوى كي تخرج من دار الإفتاء المصرية لا بد وأن تمر بعدة مراحل وعدة مستويات سواء في المراجعة أو حتى في صياغتها، فمواقع التواصل الاجتماعي لدار الإفتاء المصرية دائما ما تتفاعل بفتاوى تهم المتابعين وتهم الشارع المصري، وروافد الفتاوى لدى الدار كثيرة، فهناك منتجات الإدارات التي تقوم على الفتوى مثل إدارة الفتاوى المكتوبة أو إدارة فتاوى الإنترنت والتطبيق، أو إدارة نبض الشارع، فيتم الحصول على الفتاوى العامة والتي تصل للنشر على العام -مع الحفاظ على سرية الأسئلة والبيانات الخاصة بالسائلين وتحويل الفتاوى إلى فتاوى عامة- ومن ثم صياغتها بشكل علمي ومراجعتها من الناحية الشرعية، ثم يتم صياغة الفتاوى الشرعية على حسب مستوى النشر، فقد تكون كبسولة من سطر واحد فمثلًا (ختان الإناث حرام) أو مفصلة بشكل أكبر مع مراعاة عدم استخدام ألفاظ يصعب على الجمهور فهمها ثم تتم مراجعة شرعية مرة أخرى بعد هذه الصياغة وبعد الموافقة على النشر من الناحية الإعلامية يتم عمل جرافيك أو الاقتراح أن يتم تصوريها في هيئة فيديو أو موشن جرافيك، وبعد أن تتحول الفتوى إلى الصورة النهائية القابلة للنشر يتم عرضها للمراجعة مرة أخرى من الناحية الشرعية واللغوية.

 وكل هذه المراحل يقوم بها متخصصون، فمرحلة المراجعات الشرعية يقوم بها أمناء فتوى مخصصين لهذا الأمر في الدار وعلى رأسهم فضيلة المفتي وخاصة لو كانت قضية تتفاعل مع حدث وقع بالفعل وكان حديث مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك المراجعة اللغوية والصياغة الإعلامية أيضًا، ثم تأتي مرحلة النشر على كافة المنصات التي تمتلكها الدار كل حسب طبيعة المنصة ويقوم بهذا الأمر أيضًا متخصصون على أعلى مستوى.

 

كيف ترى دار الإفتاء والمسؤولون عن الصفحة التعليقات المسيئة؟ وهل قررتم حذف أي تعليق مسيء من قبل؟

 دار الإفتاء المصرية هي مؤسسة علمية تعمل بمنهجية ولا دخل للعمل فيها للأهواء الشخصية، ونحن في دار الإفتاء نعي تمامًا أننا نتعامل مع كافة فئات المجتمع، ولا بد في هذا الأمر تحمل ما يتم في مقابل خدمة الجمهور ونشر الفتاوى الصحيحة التي تعين المسلمين على عيش حياتهم وإرضاء ربهم عز وجل.

 والتعليقات المسيئة لو كانت “سب أو شتم” يتم حذفها، وفي بعض الأحيان يتم التواصل مع صاحب التعليق المسيء سواء على العام أو الخاص من أجل معرفة سبب التعليق السيء ومحاولة تصحيح الصورة الذهنية لدى من قام بالتعليق.

 

الفتاوى التي تتلقونها من الأشخاص، كيف يتم تحديد السؤال الذي سينشر للجمهور وعلى أي أساس يتم الاختيار؟

بداية أقوم بالاختيار من الأسئلة التي وردت إلينا وتصلح لأن تكون فتاوى عامة يمكن نشرها، ثم تمر مراجعة الفتاوى للنشر من ناحيتين أساسيتين: الناحية الإعلامية والناحية الشرعية، فلا بد من الموافقة التامة على نشر الفتاوى، والاختيار الموضوعي لها يكون تحت 5 موضوعات رئيسية (الأسرة – العبادات – المعاملات – مكافحة التطرف والفكر الشاذ – الأخلاق).

سبق ونشرت دار الإفتاء بنشر فتوى عن المحلل أثارت الجدل وتم حذفها ثم أوضحت الدار سبب الحذف.. فمتى تتخذون قرارًا بحذف منشور وما الأسباب التي تعتمدون عليها في القرار.. وهل تعليقات الجمهور يمكن أن تؤثر في القرار؟

 الفتوى التي تم نشرها لم يكن بها خطأ شرعي فهي كانت تحرم زواج المحلل ولكنها تطرقت إلى حالة واحدة قد يكون فيها هذا الزواج سليمًا، ولكن بعد نشر الفتوى وجدنا أن بعض اللجان الإلكترونية دخلت على الفتوى في التعليقات في محاولة لإثارة البلبلة وتوجيه وتعميم الحالة الوحيدة على أنها رأي الدار، وتلقفت هذه التعليقات بعض المواقع الموجهة من أجل خلق حالة من الجدل واللبس في فهم الفتوى وبالتالي كان قرار حذف الفتوى حتى لا تثار البلبلة.

 

 كم عدد الأسئلة التي تستقبلونها في اليوم.. وما أغرب سؤال أو موضوع تلقته دار الإفتاء؟

 تستقبل دار الإفتاء المصرية يوميًا ما لا يقل عن 4000 سؤال من مختلف إدارات الدار وهو عدد كبير جدًا ويمكن أن يزيد عن ذلك لولا تحديد وقت طرح الأسئلة بوقت معين خلال اليوم، وفي المواسم الدينية كشهر رمضان والأعياد يزداد عدد هذه الأسئلة ولكنها تكون مكررة بشكل كبير ويتم الرد عليها، فمن منهج الدار أن لا نترك فراغًا وأن لا نسفه ولا نمل من الإجابة على الأسئلة فالشخص الذي يلجأ إلينا ولا يجد جوابًا لسؤاله سيبحث في مكان آخر وقد يقع فريسة لبعض التيارات المتطرفة.

 

من المسؤول بمتابعة القضايا والموضوعات التي تهم الرأي العام، أو التي تحدث جدلا في المجتمع؟

 يوجد لدينا مرصد يعمل على مدار اليوم وعلى كل رأس ساعة يتم عمل بحث شامل لكل ما تم نشره من قضايا مجتمعية أو دينية أو بينية، وكل ما يخص المسلمين بشكل عام داخل مصر وخارجها بنظام محدد ويتم أرشفة الأخبار وتصنيفها للرجوع إليها عند الحاجة.

 حملة “اعرف الصح” أحدثت تفاعلا وجدلا كبيرا منذ أن بدأت.. فمن صاحب الفكرة، وإلى أي مدى تسعون لتطويرها، وهل ترون أنها تحدث فرقا بالفعل؟

صحيح .. فحملة “اعرف الصح” انطلقت من إحساسنا بالمسؤولية بأنه يجب أن يكون لنا دور في بناء الوعي وتصحيح المفاهيم لدى الناس ونشر القيم والأخلاق الإسلامية وسط موجات من تزييف الوعي وانتشار لكثير من السلوكيات الخاطئة.

وكنا حريصين من خلال هذه الحملة أن نقدم المعلومات والفتاوى بطريقة سهلة ومبسطة تناسب كافة فئات المجتمع، وبوسائل وآليات متنوعة، نرد بها من خلال الفتاوى عن الآراء والأفكار المتشددة والمتطرفة بأسس علمية منضبطة، ورؤية واضحة عند اختيارانا للموضوعات التي تتناول الحملة تصحيحها.

وقد حددنا 6 أشهر لتكون مدة استمرار الحملة من أجل تصحيح الكثير من المفاهيم المتشددة والمتطرفة، وقمنا منذ بداية الحملة بنشر الكثير من الفتاوى بصورة مبسطة ومختصرة، تلى ذلك التوسع في شرح الفتاوى وتأصيلاتها حتى نحقق مطالب كافة المتابعين بمختلف مستوياتهم.

كما استعنا بالأساليب الحديثة في عرض الفتاوى مثل الفتاوى المصورة والموشن جرافيك، والإنفو جراف وغيرها، وقد حققت معدل وصول حتى الآن ما يزيد عن 28  مليون حسب إحصائيات موقع فيسبوك.

 ماذا يكون رد فعلكم عندما يكتبون إليكم بعض المستخدمين “أنتوا هتفتوا؟!” كنوع من السخرية والتقليل من الفتوى نفسها؟

 اعتدنا على مثل هذا النوع من التعليقات، وفي المعتاد تكون من بعض الأفراد أصحاب التوجهات الفكرية أو السياسيةغير الوسطية، ولكن نحن ماضون قدمًا في مهمة بناء الوعي وتصحيح المفاهيم غير ملتفتين للنقد الهدّام، مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات الإيجابية البناءة من أصحاب العقول النيرة.

الرجل المصري المظلوم.. من يدافع عنه؟