بحب "أنسنة" التقارير ومبخافش.. خلاصة تجربة أحمد بجاتو كمراسل حربي

أسماء شكري

يتواجد أحمد بجاتو مراسل قناتي العربية والحدث في اليمن حاليا، وبشكل رئيسي في مدينة مأرب، لتغطية الاشتباكات الدائرة ما بين الحوثيين وقوات الجيش اليمني. أحمد بجاتو

استطاع “بجاتو” خلال تواجده في اليمن التي قدم إليها قبل شهر، رصد الأوضاع في البلاد وسط الحرب الدائرة ما بين الجبهتين، وقدم تغطية متميزة أشاد بها الكثيرون، ولم يكتفِ بإلقاء الضوء على أخبار الحرب والدمار، ولكنه يحرص دائما على تقديم تقارير تبث الأمل في نفوس اليمنيين، من خلال رصد تجارب ومبادرات إيجابية يتمسك بها أهل البلاد، وسط هذه الأحداث المأساوية.

نرشح لك: أحدثهم ياسمين صبري.. أزمات يشعلها الآباء ويقع فيها النجوم

وقبل تواجده في اليمن، كان أحمد بجاتو متواجدا في أفغانستان لتغطية الأحداث هناك، وهو مراسل حربي لقناة العربية منذ حوالي 16 عاما، ويهتم بتغطية مناطق النزاع تحديدا، وبدأ تغطياته خارج مصر في ليبيا أثناء أحداث الثورة عام 2011، كما تواجد في اليمن أيضا لتغطية الحرب في عام 2015، فضلا عن تغطياته في العراق وأفغانستان وروسيا.

إعلام دوت كوم تواصل مع أحمد بجاتو لرصد تجربة مراسل في اليمن خلال الفترة العصيبة التي تمر بها، وكانت تلك أبرز تصريحاته:

1-ليست هذه المرة الأولى التي أغطي الأحداث في اليمن، فقد عملت من قبل كمراسل حربي في اليمن أثناء الحرب اليمنية في عام 2015، وبعد حوالي شهر من تواجدي هناك تلقيت تهديدات، فاضطررت لمغادرة اليمن في طائرة هليكوبتر عسكرية يمنية، ذهبت بي إلي جيبوتي ثم إلى الإمارات، وهذه هي المرة الثانية التي أتواجد فيها داخل اليمن.

2-بدأت تغطية الأحداث في اليمن داخل مدينة حجة، ثم قدمت إلى مأرب التي هي محور المعارك بين الحوثيين والجيش اليمني، والوضع في المدينة مأساوي، فسكان مأرب كانوا قبل الأحداث 300 ألف نسمة تقريبا، وصلوا حاليا إلى حوالي 3 مليون نسمة، منهم 2 مليون ونصف نازح من باقي محافظات اليمن، ويعيش أغلب النازحين في مأرب داخل مخيمات تبلغ أكثر من 200 مخيم، ومدينة مأرب بها حوالي 65% من النازحين في اليمن، لذلك يجد المسئولون معاناة في توفير الخدمات لكل هذه الأعداد.

3-لم أقلق قبل قدومي لليمن من سخونة الأحداث: “مبخافش أساسا أنا متعود”، فقد غطيت من قبل الثورة الليبية وكانت أخطر من أوضاع اليمن حاليا: “بلاقي نفسي في التغطيات الحربية اكتر.. بتشبع حاجة جوايا لإني بحب الحاجات دي”.

4-أهل اليمن أناس طيبون وأهل كرم ولكنهم حاليا في مأساة بسبب تلك الصراعات، وهناك ضعف في الإمكانيات والخدمات المقدمة للمواطنين بسبب الحرب، خاصة على المستوى المادي: “الناس بيشتروا بالدين والرهان، والميه كان الحصول عليها صعب، وده كان في مدينة حجة الحدودية”، كما أن الاتصالات هنا صعبة للغاية بسبب ضعف خدمات الإنترنت والاتصالات بشكل عام.

5-هناك بعض المحافظات في اليمن حاليا تعتبر أكثر استقرارا، مثل عدن وحضرموت والمهرة، ولكن مأرب هي بؤرة الأحداث؛ لأن الحوثيين يريدون السيطرة عليها بأي وسيلة.

6-ما أغطيه من أحداث مأساوية يؤثر كثيرا علي إنسانيا؛ مثل أحوال النازحين المتردية ومشاهد القتل والدمار والجثث وتجنيد الحوثيين للأطفال في الحرب، كل هذه أحداث تؤثر علي نفسيا: “حاجة صعبة بس اتعودت من كتر ما بشوف ده”.

7-من المخاطر التي تعرضت لها سقوط صاروخ بالقرب مني أثناء العمل وكان ذلك في الجبهة الجنوبية من مأرب، كما صورنا مؤخرا مكان سقوط صاروخ “باليستي” من الحوثيين تجاه خيام النازحين بمخيم الرحمة، وقدمت تقريرا مهما استعرضت خلاله شظايا الصاروخ.

8- من خلال عملي كمراسل حربي تعلمت أنه: “مفيش حاجة مضمونة”، والحوثيون مشهورون بالقنص، لذلك أحاول أن أكون في مأمن؛ خاصة وأنني مسئول عن فريق العمل معي.

9-أي مكان أقوم بتغطيته أحرص على تقديم صورة مختلفة، فأغلب المراسلين على سبيل المثال يغطون المخيمات من الخارج ولكن لا يصورون داخل المخيم نفسه، فهذا ما قدمته في عدة تقارير: “بحاول قدر الإمكان أدور على الشيء المختلف المميز اللي محدش عمله”.

10-من أخطر المواقف التي تعرضت لها في عملي، أننا أثناء تواجدنا في ليبيبا تعرضنا للضرب من سلاح أربي جيه وكنت أقود السيارة وبجانبي المصور، ومرة أخرى ذهبت إلى مكان به جثث كثيرة مكتّفة وشبه متحللة.

11-بالرغم من المعاناة المستمرة لأهل اليمن حاليا، إلا أنني أحاول إلقاء الضوء على جوانب إيجابية وسط هذه المآسي والصراعات، لرفع الروح المعنوية للأهالي هناك، مثل تقرير قدمته عن المتنزه الوحيد في مأرب، ورصدنا لحظات الفرح والبهجة بين الأطفال والأهالي.

 

12-دائما ما أركز على “أنسنة” التقارير، أي أن يكون التقرير إنساني أكثر: “أركز على الأطفال والناس الكبيرة والأُسر.. ده بيخلي الموضوع أقرب للناس”.

13-في بعض الأحيان أضطر لإلغاء تقارير كنت قد فكرت فيها، لأسباب متعددة متعلقة بالناس أو أن المكان غير مناسب للتصوير، ولكن أغلب التقارير يتم تنفيذها بنجاح.

14-هناك أكثر من تقرير أثّر في نفسي كثيرا، من بينهم تقرير عن أوضاع النازحين المأساوية داخل المخيمات، وتقرير عن مدرسة بدائية جدا في مدينة حجة اليمنية، فالأطفال هناك يدرسون داخل عشش وخيام ويمشون إليها نصف ساعة تحت أشعة الشمس، وتحيط بمنطقة المدرسة ألغام، وتقرير آخر مؤثر عن كثرة الألغام المتواجدة في أراضي اليمن: “لازم الواحد يشوف هو بيحط رجله فين قبل ما يمشي عشان الألغام”.

15-من أصعب المواقف التي أتعرض لها هنا رؤيتي للأطفال اليمنيين وسط هذه الأوضاع السيئة، فقد رأيت طفلة تعمل في جمع الشوك، وطفلا يملأ المياه من أماكن بعيدة جدا.

16-يومي هنا يبدأ مبكرا جدا في السابعة صباحا، وأبدأ ببث مقاطع فيديو مباشرة لقناتي العربية والحدث، لإلقاء الضوء على الأوضاع هنا، وأقدم خلال اليوم حوالي 7 مقاطع لايف، وأبدأ بالتحضير للتقارير، وأجهز للتقرير قبلها بيوم: “يومي هنا كله شغل من الصبح لحد بالليل.. حتى لما بفتح الموبايل بشوف التقارير اللي صورتها وببعت الأخبار”، وأجد صعوبة في التواصل مع أهلي بسبب ضعف الاتصالات والإنترنت هنا.

17-الشعب اليمني لديه حضارة عظيمة، ولكن لظروف الحرب هذه يعاني اليمنيون كثيرا، وألقى تعاملا محترما وطيبا من المواطنين اليمنيين.

18-تغطيتي للثورة الليبية في عام 2011 كانت أصعب كثيرا من تغطية أحداث اليمن حاليا، وأثناء تغطيتي لثورة ليبيا تنقلت داخل أغلب المدن هناك من طرابلس لبني غازي لمصراتة لبني وليد، وقطعت خلال ذلك آلاف الكيلو مترات، لدرجة أن البعض يشجعوني على كتابة كتاب عن تجربتي في تغطية الثورة الليبية، وقدمت خلالها أخبارا حصرية كثيرة؛ أبرزها مقتل معمر القذافي.

19-تجربتي كمراسل أستطيع تلخيصها في جملة أعتبرها مبدأي: “نتواجد في قلب الحدث حيث لا يستطيع الآخرون”.

20-عملي كمراسل في اليمن أفادني كثيرا على المستوى المهني؛ إذ أن الجميع أشاد بما قدمته: “مفيش مراسل غير يمني بيقعد وسط المدنيين كده.. أنا قاعد وسط اليمنيين.. وبمشي وسط الناس، ومعييش حماية”.