نقاد وفنانون يناقشون "الكتابة المسرحية في الألفية الثالثة" بالقومي للمسرح المصري

استقبل المجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا المصرية جلسة فكرية جديدة تحت عنوان “الكتابة المسرحية في الألفية الثالثة”، قدمها الناقد الكبير جرجس شكري وأدارت اللقاء د. إيمان عز الدين أستاذ الدراما والنقد بكلية الآداب جامعة عين شمس، وذلك ضمن فاعليات المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الرابعة عشرة، والتي تحمل اسم “الكاتب المسرحي المصري” تحت رئاسة الفنان القدير يوسف إسماعيل.

بدأ الناقد جرجس شكري حديثه، قائلا: لا يمكن إغفال ما حدث في التسعينيات، ونحن نتحدث في العشرية الأولى والعشرية الثانية في الألفية الثالثة، أن هناك عوامل عديدة رصدت للتغير، ورياح التغيير في مصر هبت على كل ناحية على المسرح والرواية والشعر، ولكن ما تم رصده في التسعينيات كان فقط للفرق المستقلة والاتجاهات الجديدة، ولكن النص الأدبي كان ما زال باقيًا وكان له حضوره، حتى نهاية التسعينيات، فكان ذلك بمثابة ما سيحدث في الألفية الثالثة، فمن الصعب أن نتحدث عن عشرون سنة في ورقة بحثية واحدة تطرح للنقاش.

نرشح لك:تفاصيل اليوم الخامس للمهرجان القومي للمسرح

استكمل “جرجس شكري” حديثه: أن هناك ثلاثة مراحل لهذه الفترة، المرحلة الأولى ما قبل 2011، والثانية ما بين 2011 و2014 وهي حركة الحراك الثوري، والمرحلة الثالثة تبدأ من 2015 وحتى وقتنا هذا، هذه المرحلة قد يكون لها ملامح مختلفة.

استكمل: العقد الأول من الألفية الثالثة لم يختلف كثيرًا على التسعينيات كان ما زال قابضا على النص الأدبي، وفي تلك المرحلة بدأ الرقص المسرحي  الحديث، وقد قدم عروضًا عديدة في الوسط المسرحي في تلك الفترة، وكانت تقدم المسارح على سبيل المثال، البيت الفني للمسرح “الناس اللي في الثالث” و”أولاد الحب و الغضب” و”يا دنيا يا حرامي” و”روايح” و”وفي سابع أرض”، وهذه النصوص بدأت بقوة تلتفت إلى  التحولات الاجتماعية في المجتمع المصري وتقترب من مسرح الجريدة الحية، ومع هذا أصبحت الموضوعات مع الكوميديا الاجتماعية ممزوجة بالطابع السياسي.

قد أشار أيضًا الناقد “جرجس شكري” إلى أن مرحلة الألفية الثالثة في نهاية التسعينيات، انتقل فيها المسرح إلى الشاطئ الآخر، من الأزبكية وعماد الدين إلى الجانب الآخر وهو الجزيرة.

أضاف “جرجس شكري”: تأثير الورش والارتجال أصبح ظاهرًا جدًا وسائدًا في تلك الفترة، و”محاكمة الماضي” أصبح العنوان الرئيسي في كل المسارح، وباقي المسرحيات خفيفة وكوميدية ولكنها لا تخلو من السياسة، ولكنها لا تصدم مع الواقع ولكن مواضيعها فى النقد الاجتماعي إلى أخره.

كذلك أضاف: عام 2004 قدم خالد الصاوي “اللعب في الدماغ” وكان حدثًا فنيًّا، وكان دخوله لعالم “الكباريه السياسي”، لكن بدأ يكون هناك قراءة سياسية، ولكن هذا العرض بعد أربع سنوات، وعلى بُعد خطوات منه تم عرض العرض المسرحي “هبوط اضراري “، وبعد عامين يأتي عرض آخر كان أمام هذا المبنى “المجلس الأعلى للثقافة”، اسمه “بُصي”، وكان يناقش قضايا التحرش، وفي 2010 قدم البيت الفني للمسرح في مسرح الطليعة عرض “بعد الفاصل”، وفي نفس العرض عرض “شازلونج” لمحمد الصغير، وتلك العروض تعتمد في الأغلب على الارتجال.

تابع “جرجس شكري”: وبعيدًا عن ما كان يقدم على مسرح الدولة بدءًا من “اللعب في الدماغ”، وهي كوميديا الطابع الاجتماعي التي يغلب عليها الطابع السياسي، لم يعد النص المسرحي به “حلاق بغداد” و”السلطان الحائر”، ولم يعد هناك محمود دياب وسعد الدين وهبة، ثم تحدث عن عرضين قد شاهدهما في الدورة الحالية تؤكد حديثه عن كوميديا الطابع الاجتماعي، الغالب عليها الطابع السياسي، وهما عرض “وهنا القاهرة” و”التجربة الدنماركية”.

استكمل: عدد كبير من العروض ينتمي إلى هذا النوع، وهناك حراك ثوري مثل عرض “1980 وأنت طالع” ، وكان حظه في فترة أكثر حيوية وكان هناك حرية أكثر، وبعدها تم تقديم حلم بلاستيك لـ”شادى الدالي”، وكل هذه التجارب تنتمي إلى الكوميديا، حتى “اللعب في الدماغ” وهو يناقش قضية سياسية، ولكن ليس هناك قضايا تشتبك مع الواقع.

أضاف “جرجس شكري”: وعي مشروع كاتب مسرحي مثل سعد الدين وهبة في “سكة السلامة” مكتوبة في توقيت صحيح، وغيرهم من الأمثلة، مع الستينيات بدأ المسرح السياسي يأخذ طرق أخرى لأنه يُقدّم داخل المؤسسة الرسمية، وبدأ يخرج من ما كان يقدم النص الأول من القرن العشرين، وفي السبعينيات والثمانينيات كان هناك الكباريه السياسي، و”البعض يأكلونها والعة” لهاني مطاوع، وتجارب أخرى متميزة للمخرج الكبير سمير العصفوري.

ختم الناقد جرجس شكري كلمته، بأنه قد تناول في تلك الجلسة جانبًا واحدًا كوميديًّا، وهو النقد الاجتماعي وكان هناك جوانب أخرى على سبيل المثال، الحكي على خشبة المسرح هناك أشكال وصيغ عديدة، وأشار إلى أن ما قد تحدث عنه هو جانب وحيد، والحمد لله أنه قد حظى حضورًا وتأثيرًا قويًّا.

عقب كلمة الناقد جرجس شكري، علقت د. إيمان عز الدين أن تعليقها ليس مع العروض ولكن مع النصوص، حيث أن وجودى مع لجان تحكيم النصوص في أكثر من مهرجان قد أتاح لي أن أطلع على ذلك، العديد من هذه التجارب لم يتح لهم أحدًا الفرصة لكي تُعرض نصوصهم، ويتم تجسيدها على خشبة المسرح، المسرح عيبه أنه لا يُنشر، نادرًا ما نجد دار نشر تتشجع وتنشر نصوصًا مسرحية، وهذا يجعلنا نشعر أن المؤلف لا يظهر، لا عرض له، ولا نص منشور له.

بعدها تم فتح باب المناقشة بين الحضور وتضمنت المناقشات، مناقشة للناقدة عبلة الرويني أن مسرح الجامعة به مواهب كبيرة وضربت مثال عرض “حذاء مثقوب”، والذي وفاز بأفضل نص مسرحي في مهرجان المسرح الجامعي، أيضًا تضمنت المناقشة حديثًا عن جائزة محمد تيمور، والتي امتدت على مدار 18 سنة، وشارك فيها كُتّاب من دول مختلفة، وكان أول من فاز بها الفنان خالد الصاوي، وبعدها تناولت المناقشة مسابقة التأليف المسرحي بهيئة العامة للثقافة، وأنها مستمرة حتى الآن، وبعدها جاءت مسابقة توفيق الحكيم في مركز المسرح، ثم علقت د. عايدة علام، أنها كانت تتمنى أن يستمر برنامج الندوات لمدة يومين وأنها تستغل وجود يوسف إسماعيل ضمن الحضور، وطرحت فكرة أن تستمر الدورة الثانية في حمل اسم “الكاتب المسرحي المصري”، وطرحًا أيضًا فكرة أن تكون الدورة القادمة للنصوص العربية والمصرية فقط، وأن يتم الإعلان عن ذلك من الآن، وليس اعتراضًا على النصوص الأجنبية، ولكن لكي تتاح الفرصة للنصوص الجديدة الجيدة، بالفكر المُشابه لنا.

 

علق أيضًا الكاتب العراقي علاء الجابر، متحدثًا عن عرض “اللعب في الدماغ” وأنه نص مرتب لـ”خالد الصاوي” ، وعلق الفنان القدير يوسف إسماعيل قائلًا: أنا سعيد بكل الندوات المقدمة خلال المهرجان، وبخاصةٍ هذه الندوة، ثم تحدث عن ظاهرة موضوع النصوص التي ليس لها أب واحد ولكن لها مجموعة من الأبناء، وهذا أصبح في كل المجالات حتى السينما وهي تجربة ذاتية وأصبحت تصاغ لهذه الصيغة، وأنه لا يجد سبب لذلك إلا للنجاح السريع، فأصبح الارتجال غير محسوب، وأصبحت المقاييس العلمية للحكم على النص إن جاز التعبير، وأصبحت ظاهرة صارخه فى العشر سنوات الأخيرة، وأن طوال عمره الارتجال متواجد، ولكن كان نوع، الآن أصبح هو النوع، وتحدث عن أن كُتّاب كثيرين مهضوم حقهم.

 

أضاف الفنان القدير يوسف إسماعيل رئيس المهرجان، أنه متعاطف مع كل الكُتّاب الذين لا ترى نصوصهم النور، ويتم عرضها على خشبة المسرح، ويجب أن تكون هناك دراسة هامة وهي، كيفية وصول هذا الإبداع من الدائرة المغلقة إلى دائرة أوسع، تتيح للمؤلفين أن يتم تجسيد عروضهم بشكل حي.

 

 

علقت المخرجة والدراماتورج عبير على خلال تلك المناقشة: أن اتجاه الكتابة الجماعية هى تجربة أكثر عمقًا، مفهوم الدراماتورج وورش الكتابة الجماعية هذا يُعد نقل الإبداع الفردي إلى إبداع جماعي، وتلك التجارب يخرج منها عمل فنى يجمع بين الكتابة والصورة والموسيقى، وأوضحت أيضًا أن 

 

الدراماتورج هو مجموعة من الوظائف، ولا تطلق على الكتابة فقط، وهناك أشكال كثيرة من الكتابة، وأنها من الممكن أن تشترى رواية ولكنها لن تشترى نصًا مسرحيًّا منشور، لأن هناك مشكلة فى النصوص المسرحية، وأن اغلبها يتسموا بالنمطية وعدم التطور بعكس الرواية والقصة، واقترحت أن يكون هناك مسار فى المهرجان يطرح مجموعة من النصوص، والمهرجان يقوم بالتعاون مع البيت الفنى للمسرح بتقديم نصين متميزين بشكل حقيقى مجسد على خشبة المسرح.

 

ثم تحدث سريعًا الناقد جرجس شكرى عن مشكلة خصام المسرحيين، أو أن من يعملون بالنصوص الآدبية، لا تظهر أعمالهم على خشبة المسرح، وأن هذه الظاهرة ليست جديدة، وضرب مثال على ذلك نص “رصاصة فى القلب”، وكانت مكتوبة لنجيب الريحانى ولكنه لم يأخذها، بالإضافة إلى إبراهيم رمزى، والذى ترجم العديد من المسرحيات ولم تُقدّم، هذه المشكلة ليست قائمة الأن “الكتابة على خشبة المسرح” موجوده منذ بداية المسرح.