الوسط الفني ومبدأ "خيل الحكومة"

أماني عزام
سؤال يراودني كثيرًا خلال السنوات القليلة الماضية.. لماذا يتعامل الوسط الفني مع كبار الفنانيين بمبدأ “خيل الحكومة” لماذا يتم الاستغناء عمدًا عن عباقرة الفن الذين لطالما أمتعونا بفنهم، فنجد الساحة امتلأت بأشباه الفنانين الذين يتقاضون أموال باهظة في صناعة أعمال ينساها الجمهور بمجرد نهاية عرضها وأحيانًا قبل نهاية العرض، بينما يموت كبار الفنانين وهم لا يمتلكون تكلفة علاجهم.

لماذا نُفاجئ من حين لآخر بشكوى فنان قدير صاحب أعمال فنية قيّمة بسبب عزوف المنتجين وصناع السينما والدراما عنهم، ومن بينهم من رحل عن عالمنا دون الانتباه لقيمته، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة ولكن جمعتهم جميعا معناة العزلة وتجاهل الوسط الفني لهم ومن بينهم أسامة عباس، توفيق عبد الحميد، عبد العزيز مخيون، يوسف فوزي، أحمد عبد العزيز، رشوان توفيق، عبد الرحمن أبو زهرة، سميحة أيوب، سهير المرشدي .. إلخ، على الرغم من أننا كجمهور مازلنا نستمتع بأعمالهم ومشتاقين لرؤيتهم، ومتلهفين لسماع أخبارهم.

نرشح لك: إلى محمد رمضان: هل تطاردك لعنة التطبيع أم الطيار؟!

كل هؤلاء الفنانين وأكثر يشكلون جزءًا كبيرا من ذاكرتنا ويتمتعون بقيمة فنية كبيرة في وجداننا، من خلال الأعمال الفنية الهادفة التي قدموها خلال سنوات طفولتنا وشبابنا، ومن حقنا كجمهور أن نختار من يمتعنا بفنه، ويؤسفنا أن نكون كجمهور أحن على الفنانين وأوفى من الوسط الذين أفنوا عمرهم فيه.

يؤسفنا أننا نرى الفن بعيون مختلفة عن عيون المنتجين والقائمين على صناعته، فلا تغرينا عمليات التجميل المبالغ فيها التي وحدّت شكل نجمات الفن، كما لا يغرينا جانات السينما الجُدد الذين لا يمتلكون سوى عضلات مفتولة وملابس أنيقة بينما يفتقرون لكل المواهب الفنية التي كان يتمتع بها من سبقوهم من عظماء الفن، ولا تسعدنا المساكن والقصور الفارهة التي تظهر في أعمالهم دون سبب درامي منطقي، ولا ترضينا القصص السطحية التي يقدمونها بلا هدف ولا معنى إلا من رحم ربي منهم.

معظمهم يتقاتلون على البطولة المطلقة بينما نحن كجمهور ما زلنا نشتاق ونحن لدراما هادفة أمتعتنا صناعها دون النظر لمن هو البطل ومن هي النجمة، معظم الأعمال الرائعة كان يصنعها كوكبة من النجوم لكل منهم دور يتقنه ومازلنا نشاهدها كلما أمكن عرضها على الشاشات لأنها تشكل جزءا كبيرا من وجداننا، فمن منا لايشتاق إلى (الوتد، حديث الصباح والمساء، هوانم جاردن سيتي، رأفت الهجان، ليالي الحلمية، لن أعيش في جلباب أبي، زيزينيا، الحاج متولي، الضوء الشارد، الفرار من الحب، أميرة في عابدين، الشهد والدموع، ذئاب الجبل، أرابيسك، البخيل وأنا من الذي لا يحب فاطمة، اللص الذي أحبه، عائلة الأستاذ شلش، عائلة ونيس، رحلة أبو العلا البشري.. الخ).

ينبغي على الوسط الفني تكريم الجيل القديم من الفنانين، والاستفادة من خبراتهم، ومساعدتهم على مواصلة عطائهم بدلًا من تجاهلهم بهذه الطريقة المهينة، خاصة أنهم يشكلون جزءاً كبيراً من ذاكرتنا وتاريخنا، كما أننا لا نستمتع بمعظم الأعمال الفنية الحديثة التي تعتمد على المظاهر والجمال المصطنع دون قصة هادفة ولا رسالة إيجابية تفيد المجتمع.

نرشح لك: لماذا استمر نجاح “لن أعيش في جلباب أبي” 23 عامًا؟

الوسط الفني