العريس بالقاهرة والعروس في مونتريال: خطوبة أونلاين

خطوبة أونلاين

كنا كصحفيين نتسابق دائما في نشر أخبار تبدأ عناوينها بكلمة “أول” فأول سيدة تعمل سائقة قطار، وأول مصري يحصل على لقب كذا، وأول أول… وهكذا
وعندما بدأت حياة الإنترنت تظهر في منتصف التسعينيات، بدأنا نتسابق من جديد على كلمة “أول” خاصة أن المجال جديد ويحمل دائما كلمة “أول” بكل سهولة، فأول موقع إلكتروني في الطبيخ مثلا، وأول محاضرة أونلاين، وهكذا أصبحت كلمة “أول” مستمرة معنا ولا تنتهي.

نرشح لك: عمرو منير دهب يكتب: المطبخ المصري عبر العصور


ومنذ فترة قصيرة ظننت أن كل شيء في الحياة تم على الإنترنت ولم يعد هناك “أول” في أي مجال للحياة على الشبكة العنكبوتية، فلم يترك الإنسان أي شيء لم يفعله من خلال الحياة الافتراضية، وساعد على ذلك بقوة انتشار فيروس كورونا منذ بداية 2020 وحتى كتابة هذه الكلمات، إلا أنني كل يوم اكتشف جديد في كلمة “أول” والتي ما زالت تفرض نفسها على مقالاتنا بقوة.

وحدث أنه وجهت لي دعوة من صديقة وجارة لي في سكني بمدينة مونتريال بكندا، الدعوة لحضور حفل خطوبة ابنتها العزيزة، فتهللت وفرحت وباركت لها، وسألتها بتلقائية “من سعيد الحظ؟”، وبدأت تحكي لي بود أنه كان زميلها في الجامعة وأنه معجب بها من فترة إلى آخر الحكاية.

فسكت قليلا، وفكرت في الكلام لأني فهمت من الكلام أنه في القاهرة، فسألتها من جديد “وهل عرف يأتي هذه الأيام مع الحظر الخاص بكورونا والتحاليل المطلوبة وصعوبة أخذ التأشيرة، و….” فقاطعتني ضاحكة وقالت “لأ طبعا.. سنقوم بعمل الخطوبة أونلاين”.

قامت العروس بالذهاب لشراء خاتم الخطوبة والدبلة هنا في مونتريال، وقام العريس بالمثل هناك بالقاهرة، ولبست هي فستان الخطوبة وقاموا بعمل بث مباشر على الهواء، واجتمع المعازيم في منزل العريس بالقاهرة ومنزل العروس بمونتريال وقام كل منهما بلبس الدبلة في وقت واحد على الهواء وسط الزغاريد من هنا وهناك، واستمر الحفل أيضا وقاموا بفتح بوفيه الأكل هنا وهناك، في تعايش تام لروتين حفلات الخطوبة المعتادة ولكن عن بعد.

وظللت أراقب ما يحدث في اندهاش، وسعادة أيضا، وسألتها ضاحكا “ولكن لا أظن أن حفل الزفاف سيتم أونلاين” فضحك الجميع.
لم يضيعا العروسان الوقت، لأن انتظار أن يسافر العريس لكندا، أو تسافر العروس للقاهرة سيستغرق وقتا، هذا الوقت يمكن أن يختصر ويختزل لوقت الزفاف، ولتتم الخطوبة أونلاين، وألف ألف مبروك.

إن حياتنا تحولت للرقمية بشكل مذهل، فأصبحت كلمة “رقمية” جزءا طبيعيا جدا من حياتنا، وأمر واقع ومسلم به، وليس مجرد إضافة كما نظن.
وما زالت الأحداث والحياة تدهشنا بالجديد في العالم الرقمي، ولا أعرف إلى أين سنصل، فقد ندعى يوما لحفل خطوبة روبوت مع “روبوتة” أو تخرج علينا ناشطة فيسبوكية تقول أنها تزوجت روبوت، وغيرها من “التقاليع” الكثيرة التي انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة.

وليس لدي أي مشكلة، فأنا منتظر ومراقب لكي أكتب مزيد من المقالات التي تبدأ بكلمة “أول”.