منة شلبي من "الساحر" إلى "ليه لأ".. 20 عامًا من الصعود

رباب طلعت

نجحت التسع حلقات التي عرضتها منصة “shahid vip“، من مسلسل “ليه لأ 2″، من جذب الإشادات نحو العمل الذي يناقش واحدة من القضايا المهمة في المجتمع وهي الاحتضان، وبالطبع كان لنجمة العمل منة شلبي نصيب الأسد من الإشادة ليس فقط لإتقانها الدور وتقديمه كأفضل ما يكن، ولكن لجرأة الفكرة والشخصية التي تجسدها، وهي عن فتاة عزباء تقترب من إتمام العقد الرابع من عمرها تقرر احتضان طفل لتربيه.

نرشح لك: منة شلبي تكشف عن شخصيتها في “ليه لأ2”

تاريخ حافل بالاختيارات الجريئة

تلك ليست المرة الأولى التي يتسم فيها الدور الذي تقدمه منة شلبي بالجرأة، على اختلاف تصنيف مصطلح “الجرأة” من عمل لآخر، فقبل 20 عامًا كان دورها في فيلم “الساحر” والذي يعد انطلاقتها الحقيقية في عالم الفن، الأكثر جرأة بين أقرانها، ما عرضها للكثير من الانتقادات وقتها خاصة بعد تصنيفها كممثلة إغراء على الرغم من أنها كانت في السادسة عشر من عمرها، وذلك بسبب المشاهد الجريئة التي انتقدها الجمهور ولكن أشاد بها النقاد والفنانين وصناع السينما الذين التفتوا لموهبتها لتبدأ رحلتها الفنية.

لم تندم قط منة شلبي على “الساحر” ولكن أحزنها وقتها تصنيفها كممثلة إغراء الأمر الذي استنكرته ورفضته، لأنها لم تقدم شيء خارج نطاق الشخصية المرسومة في السيناريو، وكانت وقتها جاهلة بالتمثيل، وتقلد فقط ما يطلبه منها المخرج الراحل رضوان الكاشف، وعلى الرغم من الغضب الذي أصاب والدتها الفنانة زيزي مصطفى بعد مشاهدتها العمل، وقرار الأخيرة بمراجعة الأدوار الفنية التي تشارك فيها ابنتها بعد ذلك الدور لتجنبها الانتقادات، إلا أن منة نجحت في أن تستمر في طريقها الفني دون توقف أو تراجع، حتى وصلت إلى أن تصبح نجمة صف أول.

جرأة منة شلبي في الأدوار لم تقتصر على “الساحر”، فإن كانت الجرأة هنا القصد منها مشاهده، ففي أعمال أخرى كانت الجرأة في الاختيار نفسه، فقد نجت في “بحب السيما” من انتقاد مشاهدها ولكنها تعرضت للهجوم مع باقي فريق العمل لجرأة طرحه قضية التشدد الديني، من خلال حياة أسرة مسيحية، وهو الأمر الذي أثار غضب الكنيسة وقتها وطالبوا بوقف عرضه ولكن لم يحدث ذلك بل استمر عرضه وحقق إيرادات كبيرة وقتها.

وبالطبع لا يمكن تجاهل “هي فوضى” عند الحديث عن الجرأة ليس فقط لمشهد اغتصابها من “حاتم” أمين الشرطة الفاسد، وعودتها إلى منزل والدتها ووجود خطيبها ووالدته ومعرفتهم بما حدث من مظهرها، ولكن لمشاركتها في واحد من أهم أفلام يوسف شاهين، والتي تنبأت بالثورة قبل حدوثها بأعوام.

ومن السينما إلى التلفزيون، وبعدما نضجت موهبة منة شلبي بشدة، نافست نجمات رمضان 2015 على لقب أفضل ممثلة، بعد تقديمها دور فتاة يهودية في “حارة اليهود”، المسلسل الذي نال الكثير من الانتقادات والهجوم بل والاتهامات بأنه يروج لفكرة التطبيع مع إسرائيل، المرفوضة شعبيًا، على الرغم من تأكيد صناع العمل ومنة نفسها، بأن العمل يدور حول تقبل الآخر، أيًا كان لونه أو جنسه أو دينه، خاصة أنه يتحدث عن حقبة تاريخية حقيقية في مصر، التي عاش فيها المصريون بمختلف أديانهم في وحدة وحب.

ومن “ليلى” اليهودية إلى “كاثرين” الإيرلندية في “واحة الغروب” في 2017، الذي يعد من أكثر أدوارها الدرامية نجاحًا وتأثيرًا على الجمهور، قدمت منة مشهدًا جريئًا عن المثلية الجنسية، والذي كان حديث مواقع التواصل الاجتماعي وقتها، ولكنها قدمته بحرفية شديدة هي والفنانة الأردنية ركين سعد، حيث فهم المشاهد من رد فعل منة، ونظرات عينها ما تعرضت له، دون الحاجة لأية مشاهد جريئة لتجسيد الفكرة.

منة المبتعدة عن التلفزيون، والتي تخوض ثالث تجاربها الدرامية عبر منصة “شاهد.نت”، من خلال “ليه لأ 2″، بعد “نمرة 2″، و”كل أسبوع يوم جمعة” مع آسر ياسين، تنبش في قضية هامة ومهملة في المجتمع، وهي احتضان الفتيات العازبات لأطفال أيتام، الأمر الذي كان غير مصرح به قانونيًا ولكن تم إتاحته منذ فترة ليست ببعيدة، وهو اختيار جرئ بالفعل لعدة أسباب، أولها هو رفض الكثيرين في المجمتع للفكرة وهو ما ظهر خلال الأحداث بالفعل، بدوافع الخوف على المحتضنة من شبح “العنوسة”، أو الخوف من أصل الطفل نفسه وما يمكن أن يحمله من جينات إجرامية وغيرها من الظنون الشاذة التي تخالف التعاليم الدينية نفسها والتي توصي باليتيم.

الجانب الجرئ في الاختيار أيضًا بعيدًا عن القضية، هو تقديم منة لدور فتاة تبلغ من العمر 38 عامًا، الأمر الذي تتفاداه الكثيرات من الفنانات الأكبر منها عمرًا من الأساس واللاتي يرفضن تقديم أدوار في هذا السن وتفضلن الأدوار الأصغر سنًا، والتي تليق على منة بشدة خاصة بعد التحول الشكلي الكبير الذي حدث لها بعد فقدان وزنها، مما أصبح يظهرها بعمر أصغر بكثير من عمرها الحقيقي، والذي لا تخجل أبدًا من الإفصاح به، ولا الإفصاح بأنها غير موفقة في مسألة الزواج ولم تجد من يجعلها تقرر خوض التجربة إلى الآن، وهو الأمر الذي يغضب والدتها التي تتمنى أن ترى لها حفيدًا.

منة ما بين الأمس واليوم

لا يختلف اثنين على موهبة منة شلبي، التي باتت تهتم كثيرًا باختياراتها الفنية، حيث تشهد خلال الأعوام الماضية حالة عالية من النضج الملحوظ، فبجانب الموهبة التي جذبت لها المخرج الكبير رضوان الكاشف ليختارها من بين 13 فتاة تتنافس على دور ابنة “الساحر” الفنان الراحل محمود عبد العزيز، وبعده الكثير من المخرجين الكبار مثل يوسف شاهين ومحمد خان ومروان حامد وكاملة أبو ذكري ويسري نصرالله، هناك العمل على تلك الموهبة التي جعلت منة تخطو بخطوات ثابتة نحو النجومية.

التألق الأكبر لموهبة منة شلبي، ظهر في السينما، وذلك باختيارها حسبما صرحت في إحدى الحوارات الصحفية من قبل، فهي تحب الأفلام السينمائية أكثر من التلفزيون، لأنها ترى أنها الإرث الحقيقي للفنان، فهي تدوم أكثر من الأعمال الدرامية، التي قليلًا ما تنجح في أن تعيش في وجدان التلفزيون، واستطاعت بالفعل حصد العديد من الجوائز على الرغم من عمرها الصغير، وأبرز تلك الجوائز كان من نصيب فيلم “نوارة” الذي حصد ما يزيد عن 10 جوائز دولية ومحلية، وقبله شاركت منه عام 2012 مع المخرج الكبير يسري نصر الله في فيلم “بعد الموقعة”، الذي أعاد السينما المصرية إلى مسابقة مهرجان كان السينمائي بعد 15 عاماً من الغياب، وعام 2016 تشاركه مرة أخرى في فيلم “الماء والخضرة والوجه الحسن” الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان لوكارنو، بالإضافة إلى حصولها على جائزة فاتن حمامة للتميز، في افتتاح الدورة 41 من مهرجان القاهرة السينمائي عام 2019.

 

 

وليست الجوائز وحدها الدلالة الوحيدة على نضج منة شلبي الفني، فالمتابع لمسيرتها الفنية سيلاحظ ذلك في اختياراتها الفنية وتنوع أدوارها الأخيرة سواء في السينما أو التلفزيون أو حتى عبر منصات العرض التدفقي، وصولًا لأحدث أعمالها اليوم “ليه لأ 2” والتي لكل منها ثقلًا حقيقيًا، يحسب لها، ولكل منها بصمة استطاعت تركها بتقمصها لتلك الأدوار ودراسة أبعادها.

وبالحديث عن نضج منة الفني، يجب الإشارة أيضًا إلى نضجها في التعامل مع وسائل الإعلام والصحافة المختلفة، وكذلك مع منصات التواصل الاجتماعي، فعلى الرغم من “جنون” منة المعروف والمصاحب لموهبتها الفنية، إلا أنها نجحت في الابتعاد عن المشاحنات والشائعات والتصريحات المثيرة للجدل أو التي من الممكن أن تستنزف من رصيد محبتها لدى الجمهور واحترامهم لها.

نرشح لك: أحمد حاتم عن “ليه لأ 2”: سيغير نظرة المجتمع عن فكرة الاحتضان

 

 

View this post on Instagram

 

A post shared by @e3lam