الطريق إلى النمو لوسائل الإعلام في الشرق الأوسط في عالم ما بعد الوباء

أسماء مندور

خلال جائحة كورونا، زاد استهلاك محتوى الفيديو الرقمي والصوتي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير، مما أدى إلى تحول جذري في صناعة الإعلام.

وبالتالي، لم يعد بإمكان الشركات الإعلامية الإقليمية أن تنظر إلى الإيرادات الرقمية على أنها رفاهية، بل يجب عليهم التنويع، على وجه السرعة، من خلال نماذج الأعمال الرقمية، والتركيز على الاشتراكات، والعلاقات المباشرة مع المستهلكين، وتحقيق الدخل من المحتوى، حيث يمكن للحكومات تسهيل هذا التحول، من خلال وضع اللوائح التي تدعم نمو سوق الإعلام الرقمي، بينما يمكن لمشغلي الاتصالات اغتنام فرصة النمو كعوامل انتشار وتمكين.

نرشح لك: رويترز تؤجل تطبيق نظام الاشتراك المدفوع بسبب الخلاف مع مزود البيانات

وفقًا لموقع broadcastprome، تمثل الإيرادات الرقمية العالمية في عام 2020، لأول مرة أكثر من نصف إجمالي عائدات الترفيه والإعلام. وتشير دراسة إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليست بعيدة عن المتوسط العالمي، حيث تقدر نسبة الإيرادات الرقمية للمنطقة بـ 42٪ ، ومن المتوقع أن تنمو إلى 46٪ بحلول عام 2024.

عامًا فاصلًا

ليس من الصعب أن نفهم لماذا كان عام 2020 عامًا فاصلاً، فمع عمليات الإغلاق التي فرضتها الحكومات للسيطرة على الوباء، انتشر الطلب على محتوى الفيديو. في الشهر الأول من الإغلاق، زادت مشاهدة منصات الفيديو بنسبة 50٪، كما استجابت خدمات الاشتراك مثل نتفليكس، وشاهد، وستارزبلاي أرابيا، للطلب المتزايد، من خلال إضافة المزيد من المحتوى المحلي.

أدى هذا إلى إنشاء حلقة مفرغة، مع جذب المزيد من المشاهدين للمنصات، نظرًا للتوسع في عرض المحتوى على كل من المنصات الإقليمية والدولية، إذ من المتوقع أن تنمو إيرادات محتوى الفيديو بمعدل نمو سنوي مركب، يبلغ 12.3٪ بين عامي 2019 و 2024.

في حين أنه قد تكون هناك بعض الخلافات حول الأرقام الدقيقة، إلا أن عائدات الإعلانات تتباطأ، مقارنةً بالإيرادات التي يدفعها المستهلك. علاوةً على ذلك، فإن النسبة الرقمية من عائدات الإعلانات تنمو تدريجيًا، لذلك، يجب على الشركات الإعلامية الإقليمية تكييف نماذج أعمالها، لاستغلال المجالات ذات النمو الأعلى؛ وبخلاف ذلك، سيكرس اللاعبون العالميون مزيدًا من الاهتمام لفرصة الشرق الأوسط المتنامية، واستثمار الموارد اللازمة لتحقيق مكانة بارزة في السوق.

المنصات البديلة

أما بالنسبة للشركات الإعلامية الكبرى، فإن هذا يعني التزامًا صادقًا بمنصات الاشتراك الخاصة بهم، مما يجعلها جذابة قدر الإمكان للمستهلك، من حيث المحتوى والتصميم، لأنه لا يمكن، بعد الآن، اعتبار منصات البث بديلاً من الدرجة الثانية للقنوات المجانية. بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج الشركات الإعلامية إلى إنتاج مزيد من المحتوى المحلي الأصلي، وبناء نطاق من خلال التوسع الجغرافي عبر المنطقة، كما يمكن أن تكون هذه الأنظمة الأساسية إما قائمة على الاشتراك فقط، أو مزيجًا بين طبقات الإعلان والاشتراك.

ومع ذلك، نظرًا لمحدودية مواردها وجماهيرها، سيكون من غير الفعال للاعبين الصغار إنشاء منصاتهم الخاصة، لكن في المقابل، لديهم خياران؛ الأول هو تجميع الموارد والمحتوى مع شركات الإعلام الأخرى لإنشاء منصة مشتركة، وبالتالي تقليل التكاليف وزيادة وصول كل شركة على حدة. الثاني، يمكنهم العمل مع مشغلي الاتصالات كمجمعين لاستضافة محتوى من شركات إعلامية مختلفة على منصاتهم، مقابل نسبة من الإيرادات.

الكفاءات الأساسية

مشغلي الاتصالات لديهم بالفعل إمكانيات لأداء هذا الدور بفعالية، نظرًا لعلاقتهم مع العملاء، والبنية التحتية اللازمة، وقدرات التوزيع. كما يمكن للشركات الإعلامية الأكبر حجمًا الاستفادة من النطاق الواسع لمشغل الاتصالات عندما يتعلق الأمر بالتوزيع. هذه أيضًا فرصة نمو كبيرة لهم في سعيهم وراء مصادر دخل جديدة.

في المقابل، يجب أن تحدد الشركات الإعلامية أيضًا كيفية زيادة قدراتها بأكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة، ربما من خلال عمليات الاستحواذ أو الشراكات، التي تشمل الكفاءات الأساسية؛ مثل إدارة المشتركين، وإنتاج المحتوى الأصلي، والتوزيع الرقمي، وتحليلات بيانات المشاهدة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومات أيضًا العمل مع الشركات الإعلامية لتصميم تنظيم رقمي فعال يحمي المستهلكين دون تضييق المنافسة، إذ لابد أن يسعوا جاهدين من أجل البساطة في الرقابة على التنظيم، كما يمكن المساعدة أيضًا في دعم تطوير البنية التحتية، لإنتاج المحتوى والنظم البيئية، مثل تحفيز الابتكار من خلال تمويل المشاريع المرتبطة بصناديق التنمية، وأصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية، وغيرهم من المستثمرين.