متى تصبح التكنولوجيا المرحة إدمانًا مزعجًا؟

أسماء مندور

مرشحات (فلاتر) الكاميرا، المدعومة بالواقع المعزز، في متناول الجميع تقريبًا، حيث إن فتح هاتف ذكي وتنزيل أي تطبيق من مجموعة من التطبيقات المجانية يمكن أن يمنح أي شخص الرغبة لإنشاء صور غير حقيقية بعيدة كل البعد عن الواقع.

في حين أن هناك الكثير من “الفلاتر” لتحويل الشخص إلى شيء لطيف أو أخرق أو حتى مخيف، إلا أن هناك بعضًا منها تجعل الشخص يبدو أنحف أو ذوعيون أو شفاه أكبر أو أسنان أكثر بياضًا مما هي عليه في الواقع.

نرشح لك: عدد المتابعين الذين تحتاجهم لكسب 100ألف دولار

السؤال الذي لا مفر منه هو ما إذا كان هذا يخلق بالنسبة لبعض الناس إحساسًا مشوهًا بالجمال، خاصة بين الفئات الأصغر سناً والأكثر تأثرًا، فمع ما يقرب من نصف مليون متابع، قالت إحدى مشاهير التيك توك لشبكة ABC News: “أنا شخص نشأ على الإنترنت، وأفقدني هذا الشعور بالثقة تمامًا، أشعر وكأني أفقد الاتصال بالواقع، وهذا يؤلمني لأنني أشعر أن الواقع أجمل من ذلك العالم الافتراضي”.

تشوه معايير الجمال

التأثيرات هي واحد من بعض مميزات الفلاتر، حيث يغير بعضها شكل المستخدم تمامًا ليتوافق مع معايير الجمال التقليدية، مثل الجلد الناعم مثلًا، والعدسات والفلاتر مثل هذه متوفرة على جميع منصات التواصل الاجتماعي الأكثر شيوعًا، من سناب شات إلى إنستجرام، حيث يمكن للمستخدمين تحسين مظهرهم بتمريرة بسيطة.

رأى مانويل بوريرو، أحد كبار فناني الواقع المعزز، مرشح Grinch الخاص به على إنستجرام ينتشر بسرعة، ووصف عمله بأنه شكل من أشكال الفن، حيث يكون الوجه البشري هو قماشه الافتراضي، حتى مع إبداعاته الأكثر غرابة، مثل تلك التي تُدعى “باتريشيا” والتي تمنح المستخدمين مظهرًا رائعًا بظلال ريترو وأقراط دائرية، فإن عمله يأتي أيضًا من ضغوط لتلبية طلب معين على المزيد من التحسينات الطبيعية التقليدية.

قالت عالمة النفس الاجتماعي إيرين فوغل: “إن مرشحات التجميل يمكن أن تكون منفرة للبعض، كما أنها تخلق إحساسًا بالكمال بعيد المنال، حيث يغير الناس مظهرهم باستخدام هذه المرشحات ويعتادون على رؤية أنفسهم بهذه الطريقة، مما يخلق انفصامًا بينهم وبين ذواتهم الحقيقية”.

فقد تقدير الذات

يقول الخبراء إن ما يبدأ في جعلك تشعر بالرضا يمكن أن ينتهي به الأمر إلى الإضرار باحترامك لذاتك، إذ لا يقتصر الأمر على تعزيز احترام الذات الذي نحصل عليه من النظر إلى ذواتنا المقدمة بشكل إيجابي، بل نحصل أيضًا عليه من ردود أفعال الآخرين، لذلك نحن بالفعل نقع في هذه السلسلة المفرغة من النشر وانتظار رد الفعل لمعرفة إلى أي مدى يتقبلنا الناس”.

وفقًا للأكاديمية الأمريكية لجراحات التجميل، أفاد 62٪ من جراحي التجميل أن مرضاهم أرادوا الخضوع لعملية جراحية بسبب عدم الرضا عن ملفهم الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما قال 57٪ أن المرضى أرادوا الظهور بشكل أفضل في صور “السيلفي”، وتحذر الأكاديمية من أنه إذا كانت النتائج لا تتطابق مع نتائج “فلاتر الجمال”، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث خلل في الشكل.

وأكدت “سناب شات”، الشركة الرائدة في فلاتر الواقع المعزز في بيان إنها “ترفض أي عدسات تحاكي الجراحة التجميلية”، وقالت شركة فيسبوك، المالكة لموقع إنستجرام، في بيان مماثل، إن الشركة تعرف أن “الناس قد يشعرون بالضغط للنظر بطريقة معينة على وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك نحظر التأثيرات التي تروج بوضوح لاضطرابات الأكل أو التي تشجع على إجراءات جراحية تجميلية خطيرة”.

المرح والهوس غير الصحي

وعلى صعيد آخر، يحذر الخبراء من أن هناك “خيطًا رفيعًا” بين المرح والهوس غير الصحي، حيث إن هناك أشخاصًا يشعرون بالتشتت بين الحياة الواقعية والعالم الافتراضي، لقد بدأوا في الشعور بأن عليهم أن يكونوا مثل نموذج إنستجرام، إنهم لا يدركون أن هناك الكثير من “الخداع” وراء ذلك ويبدأون في الشعور بالاكتئاب”.

لذا يجب على الآباء فتح نقاش حول هذا الموضوع مع أبنائهم، إذ لم يعد من الممكن تجاهل عواقب هذا الأمر، ومدى تأثير ذلك على من نحبهم، من الممكن إغلاق مجلة، ويمكن تجاوز لوحة الإعلانات، لكن نحن على هواتفنا طوال الوقت، “فكيف يمكننا تجاهل ذلك؟”.