"لعبة نيوتن".. ما بين بدر ونيتشه

سوزي شكري

من أكثر الشخصيات التي اُثارت جدلا بمسلسل “لعبة نيوتن” هي شخصية “بدر” للفنان سيد رجب.

شخصية محيرة غامضة مربكة مريبة تجيد حوار الألغاز ويصعب تحديد انطباعتها وانفعالاتها هل هو طيب أم شرير؟

نرشح لك: لعبة تامر محسن في قوانين نيوتن

خلال أحد المشاهد ظهر الحاج “بدر” ممسكا بكتاب “هذا هو الإنسان” للفلسيوف الأماني فريدريك نيتشه، وأبلغته “أمنية ” للفنانة عائشة بن أحمد أن “حازم” الفنان محمد ممدوح تم القبض عليه بالمطار، أجاب “بدر” بجملة واحدة: “عارف”، وعاد لمواصلة القراءة بهدوء وتعبير أقرب إلى الاستفزاز.

الحاج بدر ونيتشة ونيوتن

هذا المشهد كشف أحد خيوط اللغز فيما يخص “ردة الفعل” ضمن مسارات نيتشه الفكرية، إذ أنه رفض أسلوب والده الانفعالي على أبسط المواقف وأن والده نيوتن اختار لكل فعل ردة فعل، أما نيتشه فاختار لنفسه منهجا مغايرا واعتبر منهجه أكثر إنسانية، حيث يرى إنه على الإنسان في سائر حياته أن يبتعد عن ردة الفعل من أجل حماية ذاته، بمعنى “لا ردة فعل نهائي” ولا غضب ولا كراهية ولا انتقام ولا ضغينة وعلى حد قوله: “اخفي ردة فعلي حتى لا استهلك طاقتي في الانزعاج والانفعالات التي تسبب تعب في المعدة”.

لذلك أثناء موقف ما يتصرف بسرعة وبفعلة بسيطة اعتاد عليها، يتناول كوب من عصير الفاكهة الطبيعي كي يضع نفسه في حالة نفسية أفضل (تماما كما يفعل بدر بهدوء وتناول الفاكهة).

عرف نساء كثيرات ولم يحب إلإ امراة واحدة في حياته وهي “سالومي” ورفضت الزواج منه ومع ذلك ليس لديه مشاعر الغيرية أو الأنانية، ومن طباعه أن يكون لينا ولطيفا مع الجميع، ولكنه حين يريد اختصار شخص من حياته يجعله يشعر باختصاره بدون أن يطلب منه أن يبعد عنه.

الحاج بدر لـ”نيتشه”: تشرب إيه

تذكروا الحاج بدر حين يسأل ضيوفه “تشربوا إيه”، يقول نتيشه عن مشروباته اليومية وأهميتها: “لا أكل بين الوجبات ولا قهوة لأنها تعكر المزاج، أما الشاي فنافع في الصباح فقط ومن الأفضل تناوله بكميات قليلة وقوية. إن الشاي يصبح مضرا ومجلبا للكدر على طول اليوم إذا ما كان خفيفا أكثر من اللزوم ولكل معياره الخاص ومقداره يتأرجح غالبا بين الحدود الأكثر ضيقا والأكثر دقة، وفي ظروف مناخية مزعجة يكون تناول الشاي على الريق غير مستحسن”.

نيتشه في المطبخ مع بدر

عانى طوال حياته من نوعية الغذاء وطباخين ألمانيا بمنزل والده ويسخر نيتشه في كتابه من الذين يعتبرون أمور الغذاء تافهة فيقول: “إن هذه الأشياء الصغيرة من غذاء وأمكنة ومناخ واستجمام، لهي في كل الأحوال أهم من كل ما ظل إلى حد الآن يؤخذ على أنه مهم”.

يقضى نيتشه جزء من يومه بالطبخ بنفسه (بدر أيضا يجيد الطبخ، أعد وجبات بنفسه في أحد المشاهد، كما صنع (زبادي) لضيفه المصور الذي أراد تصوير فيلم في منزله وأصر على الضيف أن يتذوقه، وقال له: (أنا عملته بنفسي دوق هايعجبك). أراد نيتشه التخلص من طريقة الوجبات الألمانية التي أرهقته فترة الطفولة ويقول عن الأكل الألماني أنه سيء يعوقه في العبقرية والتفكير، ثالوث نيتشه لللارتقاء بروح الفرد (الجسد والمناخ والمكان).

اختار العزلة في مكان بعيد بعد الهجوم عليه بسبب أفكاره واتهامه بمتلازمة عقد منها عقدة “الفقد” حيث فقد المقربين منه (فقد الحاج بدر ابنته فهل هو أيضا لدية متلازمة الفقد). وأيضا متلازمة “عقدة الإله” التي جعلته يظن أنه بإمكانه تغيير مصاير البشر.

عزلة “نيتشه” ومزرعة “بدر”

اختار العزلة على أن تكون مزرعة بعيدة للتخلص من شروط الحياة المعتادة، وشعر أنها السبب في إعادة اكتشاف ذاته وأصبح معافي الجوهر والصحة وتنفس هواء نقيا، هواء طبيعيا. وقال أثناء تجوله في المزرعة: “أنا لاعب حر طليق خرجت من سجون البشر”، ويقول إنه سوف يزرع ويطبخ حتى لو خربت معدته، لذا أعاد تذوق الأطعمة على طبيعتها كما لم يذوقها من قبل وجميعها من الطبيعية (كما يقول الحاج بدر: الأكل كله عندي أورجانيك وطبيعي). وأثناء اليوم كان نيتشه يسمع الموسيقى والأغانى ويقرء جزء من الوقت.

ومن العزلة تعلم أن يقترب من الناس ببطىء فهو ليس بحاجة لوجود أصدقاء، ولا يحارب أحدا وإذا حدث فسوف يختار أن يكون منتصرا مهما وصبورا، الفكرة الأساسية لفلسفة نيتشه هي هدم المثالية والمثل.

نرشح لك: لعبة نيوتن: “الشرع” VS القانون